تشهد الدائرة الرابعة في بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى، حالة من التوتّر، عقب حرق شاب مسلم حيا، على أيدي مسيحيين، بحسب ما أفاد به شهود عيان، اليوم الأربعاء. ونقلت وكالة "الأناضول" للأنباء عن المصادر ذاتها أنّ شابا مسلما لقي حتفه، أمس الثلاثاء، في حي "غوبونغو" ذي الأغلبية المسيحية ببانغي، بعد أن التهمته النيران وهو على قيد الحياة، لافتة إلى أنّ منظمة الصليب الأحمر بأفريقيا الوسطى، أخذت، صبيحة اليوم الأربعاء، الجثّة المتفحّمة لنقلها إلى مسجد "علي بابولو" بحي "الكيلومتر 5"، آخر معاقل المسلمين في بانغي. وأثار وصول الجثة المتفحّمة إلى حي المسلمين ببانغي موجة احتقان وغضب عارمة، وقرّر شباب غاضبون، تنظيم مسيرة من حي "الكيلومتر 5" وصولا إلى مكتب الأممالمتحدة في أفريقيا الوسطى، لعرض الجثة على أنظار أعضائه، بحسب المصدر نفسه. وفي الأثناء، تصاعدت وتيرة الغضب، حيث أوقفت الحشود الغاضبة أوّل سيارة أجرة قادها حظّ ركابها السيء للوقوف على مستوى نصب "كودوكو"، في قلب سوق "الكيلومتر 5"، حيث تعرّض سائقها وركابها الاثنين إلى الطعن، قبل أن تضرم النيران في السيارة. وأفاد شهود عيان، في تصريحات للأناضول، بأنّ الأشخاص الثلاثة الذين تعرّضوا للاعتداء، في حالة حرجة. وعلى طريق "بينوكا"، قام المحتجون الغاضبون بإحراق جميع ما يعترض سبيلهم، وخصوصا محلات التجارة الصغيرة التي يديرها المسيحيون، ما جعل بانغي تغرق في سحب داكنة بفعل النيران المشتعلة في كلّ مكان، وتواترت، بالتوازي مع ذلك، أعمال العنف، التي تستمرّ إلى الساعة (13 تغ)، فيما تحاول قوات البعثة الأممية في أفريقيا الوسطى "منيسما" السيطرة على الوضع. وبشأن ردود الأفعال من جانب الطائفة المسيحية في بانغي، تواصل سكان أحياء "فاطمة" و"كباتيني" بالدائرة السادسة، في مغادرة منازلهم خوفا من عمليات انتقامية مسلحة من قبل المسلمين. فيما اجتاحت حالة الذعر ذاتها الدائرتين الخامسة والثامنة (أغلبية مسيحية)، خصوصا بعد تعطّل حركة المرور، وهو ما دفع بالسكان إلى مغادرة وسط العاصمة مشيا على الأقدام. وفي تصريح للأناضول، قال أحد الشهود الذين عاينوا حادثة مقتل الشاب المسلم، إنّ الأخير "أطلق قنبلتين من سيارة الأجرة التي كان على متنها، وهو ما جعله عرضة لمطاردة السكان المسيحيين. وبمجرّد القبض عليه، قامت مجموعة من الرجال برجمه حتى الموت، قبل أن يقوموا بجرّ جثته وصولا إلى منطقة الدائرة الرابعة، حيث أضرموا فيها النار. ومن جانبه، نفى "عثمان أباكار" المتحدّث باسم المسلمين في حي "الكيلومتر 5"، رواية الشاهد الأخير، مؤكّدا أنّ الشاب صاحب الجثة المتفحّمة "تعرّض للعقاب من طرف مسيحيين لأنه تجرّأ على مغادرة حي الكيلومتر 5". وكان شاب مسلم لقي حتفه، بداية الشهر الجاري، بطريقة مشابهة، حيث قامت عناصر من ميليشيات "أنتي بالاكا" المسيحية بإضرام النار في جسده، وهو على متن شاحنته، على بعد 30 كم شرقي بامباري. وأثارت الحادثة أيضا غضب المسلمين في ذلك الحين، فتوجهوا إلى موقع يضم عدداً من عناصر الميليشيا، بغية اقتحامه، غير أنّ القوات الأممية ردّت بفتح النار على المهاجمين، ما أسفر عن مقتل 16 شخصا بين مسلمين ومسيحيين، بحسب بيان لمنظمة الصليب الأحمر في افريقيا الوسطى. وكان صراع على السلطة اندلع العام الماضي في أفريقيا الوسطى، الغنية بالثروات المعدنية، وتطور إلى اقتتال طائفي بين عناصر "سيليكا"، و"أنتي بالاكا"، أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف، بحسب الأممالمتحدة. واستدعت الأزمة تدخّل فرنسا عسكرياً، كما نشر الاتحاد الأفريقي بعثة لدعم أفريقيا الوسطى باسم "ميسكا"، ثم قرر مجلس الأمن الدولي، في العاشر من مايو/ آيار الماضي، نشر قوة حفظ سلام، تحت اسم "مينوسكا"، مكونة من 12 ألف جندي، بدأت بالانتشار الفعلي منذ منتصف سبتمبر/ أيلول.