يرى محللون سياسيون فلسطينيون أن إسرائيل تسعى إلى تشويه صورة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عبر الربط المتكرر والدائم، بينّها وبين تنظيم "داعش". وعلى الرغم من اتفاق المحللين على أن الدوائر الغربية، تعي جيدا ماهية، الفرق بين تنظيم "داعش" و"حماس"، وترفض هذا الربط، إلا أنّهم حذروا في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول، من أنّ إسرائيل تقوم بهذا الربط ضمن تكتيك مدروس، لإقناع الرأي العام العالمي بخطورة الحركة. وتسعى إسرائيل إلى تشويه حركة حماس، لأنّها بدأت تحظى بقبول دولي، وحضور سياسي، كما يرى ناجي شراب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة. ويُضيف:" الحركة اليوم، باتت ضمن المشهد السياسي الفلسطيني، وهذا ما يُزعج إسرائيل كثيرا، لهذا هي تحاول اليوم استغلال التحالف الدولي العالمي ضد تنظيم داعش، ومحاربة أمريكا للحركات المتطرفة الإرهابية، عبر الزج باسم حركة حماس". وأكد شراب، أن إسرائيل لن تنجح على المدى القريب، في تحقيق أهدافها، المتمثلة بتشويه حماس، إلا أنه طالب الحركة بإعادة إنتاج خطابها الإعلامي. وتابع:" حماس لم تستهدف أي مدني إسرائيل خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وأكدت أن مقاومتها أخلاقية، لكن هذا الخطاب، يجب أن يُوجه إلى الخارج، بطريقة مدروسة، وتسويق الحركة لنفسها بشكل سياسي يعتمد على كافة الوسائل". واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حركة "حماس" بالإرهاب، وذلك في كلمته، أول أمس الإثنين، أمام الدورة ال69 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأضاف نتنياهو، أن "حماس" و"داعش" وجهان لعملة واحدة، ومن ذات الشجرة (السامة)، وهي ذات التصريحات التي دأب على تكرارها مؤخرا. كما سبق لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدو ليبرمان، تشبيه حركة حماس بداعش، مؤكدا أن إرهابها لا يختلف عن إرهاب "داعش". وستسعى إسرائيل في قادم الأيام إلى تكرار هذا التشبيه كما يؤكد "عبد الستار قاسم"، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني. ويرى قاسم، أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة النجاح بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية، أن إسرائيل تسعى إلى تشويه حركة حماس، وكافة الحركات الإسلامية، وكل من يقف في وجهها. وأضاف:" هي تريد استغلال الصورة، البشعة للحركات المتطرفة وما تمارسه داعش من ممارسات إرهابية تُرتكب للأسف باسم (الإسلام)، ولأن العالم كله يتحالف ضد داعش الآن، فهي تريد الزج باسم حماس، وربما تقود حملة منظمّة لذلك". ويشن تحالف دولي، تقوده الولاياتالمتحدة وتشارك فيه دول عربية، غارات جوية على تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، ردا على سيطرة التنظيم على مساحات في البلدين الجارين، وإعلانه في يونيو الماضي قيام ما أسماها "دولة الخلافة"، وينسب إلى التنظيم قطع رؤوس رهائن وارتكاب انتهاكات دموية بحق أقليات. ودعا قاسم، فصائل المقاومة الفلسطينية، إلى القيام بحملة مُضادة تسعى لإظهار حقيقية الإرهاب الإسرائيلي. وأضاف:" لا ينبغي السكوت أمام هذا التشبيه، فهي ليست مجرد كلمات، إنّها سياسة مدروسة وتأتي ضمن تكتيك واضح". ورفضت حركة حماس، تشبيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للحركة بتنظيم داعش، واتهمت على لسان المتحدث الرسمي باسمها سامي أبو زهري إسرائيل بأنها "مصدر الإرهاب والشر في العالم". وتسعى إسرائيل، إلى تشويه حركة حماس، والهروب السياسي من الاستحقاقات الدولية، كما يرى كما يرى المحلل السياسي، والكاتب في بعض الصحف الفلسطينية المحلية، مصطفى إبراهيم. ويقول إبراهيم، إن إسرائيل تربط بين حركة حماس وداعش، بشكل متكرر كي لا تُقدم للشعب الفلسطيني أي حلول، خاصة فيما يتعلق بالعملية السلمية. وتابع:" تشبيه حماس بداعش، حملة سياسية، تهدف إلى تحريض المجتمع الدولي، ضد الحركة، وصحيح أنّها بضاعة كاسدة ولا تنطلي على الدوائر الغربية، إلا أن تكرارها بالتزامن مع خطاب فلسطيني لا يتناسب مع متطلبات المرحلة، قد ينجح في تشويه الحركة". ورفضت الولاياتالمتحدة، تشبيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إيران وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتنظيم "داعش"، إضافة إلى هجومه الحاد على مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جنيفر ساكي، في الموجز الصحفي اليومي للوزارة بواشنطن: "نعتقد أن حماس وداعش منظمتان إرهابيتان، لكن من الواضح أننا نعتقد أن داعش تشكل خطراً مختلفاً على الولاياتالمتحدة طبقاً للعمل العسكري وفعاليات أخرى يتم تنفيذها"، في إشارة إلى تهديد "داعش" بشن هجمات داخل الولاياتالمتحدة ومحاولات تجنيدها لمسلحين يحملون جنسيات غربية. وأضافت ساكي: "لا أعتقد أن رئيس الوزراء الأسرائيلي نتنياهو أو أي أحد آخر في إسرائيل يقترح أن تطلق الولاياتالمتحدة حملة عسكرية ضد حماس". وشدد إبراهيم على أن الرد على إسرائيل يكون ضمن، خطة مقابلة، تتضمن العمل المنظم إعلاميا وسياسيا، لتوضيح حقيقة الإرهاب الإسرائيلي. واستدرك بالقول:" الحرب القاسية الأخيرة، وقتل الأطفال، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، هذا الإرهاب يجب أن تتم ترجمته إلى العالم، وأول خطوة تكمن في توقيع السلطة على ميثاق روما لأجل محاكمة الإسرائيليين على جرائمهم". وفي 23 أغسطس / آب الماضي، أعلن عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، موسى أبو مرزوق، أن حركته وقعت على ورقة اشترط الرئيس عباس موافقة الفصائل عليها، قبل ذهابه للتوقيع على اتفاقية روما الأساسية الدولية، والتي تمكن فلسطين من الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية. وحصلت دولة فلسطين على اعتراف دولي عام 2012، اثر نجاحها في انتزاع تصويت من الأممالمتحدة على قبولها عضوا في المنظمة الدولية بصفة "دولة مراقب". واتفاقية روما الأساسية هي المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، وتم اعتمادها في مؤتمر دبلوماسي في روما في 17 يوليو/تموز 1998، ودخلت حيز التنفيذ في يوليو/تموز 2002، وفي مايو/آيار 2013 صادقت 122 دولة عليها. ويعتبر التوقيع على الاتفاقية تمهيدا لتوجه القيادة والسلطة الفلسطينية إلى المحكمة لمقاضاة إسرائيل على "الانتهاكات" بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة. وشنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة في 7 يوليو/ تموز الماضي، استمرت لمدة 51 يومًا، وأسفرت عن مقتل 2157 فلسطينيًا، وإصابة 11 ألفا آخرين، فضلا عن تدمير 9 آلاف منزلاً بشكل كامل، و8 آلاف منزلاً بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية. في المقابل، قتل في هذه الحرب 68 جندياً، و4 مدنيين من الإسرائيليين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، حسب بيانات إسرائيلية رسمية، فيما يقول مركزا "سوروكا" و"برزلاي" الطبيان (غير حكوميين) إن 2522 إسرائيلياً بينهم 740 جندياً تلقوا العلاج فيهما خلال فترة الحرب. وتوصل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، يوم 26 أغسطس/ آب الماضي، إلى هدنة، برعاية مصرية، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع غزة، بشكل متزامن، مع مناقشة بقية المسائل الخلافية خلال شهر من الاتفاق، ومن أبرزها تبادل الأسرى، وإعادة العمل إلى ميناء ومطار غزة.