على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في البنين (في 2016) وقبلها التشريعية في 2015، إلاّ أنّ الرئيس "بوني يايي" لم يعلن بعد، وبصفة رسمية، عن تخلّيه عن فكرة تعديل المادة الدستورية التي تقف حاليا عقبة أمام ترشّحه لولاية رئاسية أخرى، وهي الفكرة ذاتها التي لم تلق القبول، في سبتمبر/ أيلول 2013، حين رفض البرلمان البنيني، المصادقة على الهيكلة الدستورية التي طالب بها "يايي" في وقت سابق، وواجهت مقاومة عنيفة من طرف المعارضة في البلاد. ووفقا لما جاء على وكالة "الأناضول" للأنباء يلقى مشروع المراجعة هذا رفضا كبيرا من فصائل المعارضة التي تجد أن خطوة كهذه تخفي طموحات سياسية لرجل يسعى عبر جميع السبل إلى "البقاء في الحكم"، بعد أن كان وعد في 2011 بالتخلي عن الحكم مع حلول عام 2016، وهو الذي يتولى الرئاسة منذ 6 أبريل/نيسان 2006. في رسالته التي بعث بها إلى البرلمان عام 2013، تطرق الرئيس "يايي" إلى ضرورة إنشاء ديوان للمحاسبة ولجنة انتخابية وطنية مستقلة، وهو ما اعتبرته المعارضة مدخلا لإجراء تعديلات دستورية أخرى تتيح للرئيس البقاء في الحكم لولاية جديدة. ولم تحظ هذه المبادرة وقتها بالإجماع في البنين، ما أدى إلى انقسام مكونات المشهد السياسي في البلاد إلى شقين ، الأول مساند للتنقيح الدستوري، والثاني معارض ويضم فيما يضم بعض النواب المنتمين إلى الأغلبية الرئاسية في البرلمان البنيني. السجال قائم إلى اليوم على الرغم من أن "يايي" كان قد صرح في 2011 عن اعتزامه التخلي عن الحكم فور نهاية ولايته الرئاسية الثانية بحلول 2016. الرئيس "يايي" يرى عبر الرسالة التي بعث بها إلى البرلمان أن إنشاء ديوان للمحاسبة يتماشى مع المادة 68 من اتفاق الإتحاد الاقتصادي والمالي في غرب إفريقيا (يوموا)، فضلا عن أن هذا الهيكل سيضمن حسب رأيه "وثوقية" مراقبة الحسابات العمومية بطريقة مستقلة. في المقابل، لا يرى المعارضون فائدة في تنقيح الدستور لإنشاء ديوان للمحاسبة واعتبروا في تصريحات لوسائل الإعلام أن السلطات التنفيذية تمتلك الصلاحيات للتصويت على قانون لإنشاء هذه المؤسسة (ديوان المحاسبة)، دون الحاجة لتعديل الدستور، خصوصا وأن البلاد تتوفر في الوقت الحالي على غرفة للحسابات تابعة للمحكمة العليا. الشق المعارض يرى أيضا أن "يايي" يتخذ من إنشاء هذا الهيكل ذريعة ل "تمرير" تنقيح دستوري من جملة تعديلات أخرى، بما يمكنه من الترشح إلى مدة رئاسية ثالثة. ولتبرير دسترة اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (سينا)، صرح "يايي" أن ميزانية هذه المؤسسة ستعتمد على ميزانية مستقلة مدونة في الميزانية العامة للدولة، قصد تنظيم الانتخابات ومراقبتها و الإشراف على مجمل مراحل المسار الانتخابي بشكل عام. في المقابل، يرى المعارضون من بين النواب البرلمانيين أّن تنظيم انتخابات شفافة مرتبطة عضويا برغبة سياسية حقيقية في القيام بذلك. واقع الحال اليوم أن مشروع "يايي" لا يحظى بالقبول لدى طيف واسع من مكونات البرلمان، ولكن للرئيس القدرة على إعادة عرض مشروعه في أي وقت فور ضمانه لأغلبية مريحة في البرلمان، في أعقاب الانتخابات التشريعية ل 2015، ما سينجر عنه تجاذبات سياسية ويؤثر على استقرار البلاد، بحسب معارضي التنقيح. من جانبه، علق الخبير السياسي البينيني "ماتياس هونكبي" على المسألة في تحليل نشره على مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 26 يوليو/حزيران 2014 الماضي متسائلا في بداية مقاله: "هل تحديد الفترات الرئاسية أمر ديمقراطي؟ هل ينبغي تحديد عدد الولايات الرئاسية في النظام الديمقراطي؟" ثم يضيف مجيبا: "تحديد عدد الولايات الرئاسية أمر مفيد وضروري ولا غنى عنه، على الأقل في المرحلة الحالية من التجارب الديمقراطية الإفريقية الشابة". ورفض الخبير السياسي بشكل قطعي الحجة القائلة بأن "رئيس الجمهورية بحاجة إلى بعض الوقت لإتمام مشروعه وانجازاته" واعتبر أن مثل هذه الحجج لا تستحق الوقت الممضى للانكباب عليها، متسائلا: "كيف يمكننا تخيل أن أمورا مثل استقرار ونظام وتنمية دولة ما، لا يمكن أن تُضمن إلا من قبل شخص واحد ينبغي الحفاظ عليه مهما تكلف الأمر". "هونكبي" أجرى مقارنة بين الدول الإفريقية "حيث تخلى بعض الحكام عن منصبهم عن طواعية" و بلدان إفريقية أخرى "حيث ظل الرؤساء في منصبهم إلى حين وافاهم اجلهم أو إلى حين إخراجهم بالقوة"، مبينا أن الصنف الأول من الدول يمتلك قابلية أكبر"لمقاومة التغييرات التي تحدث". وأوضح الخبير السياسي أن "الوضع السياسي في كاميرون وغانا والسنغال والبنين بعد أعوام ال 1990 وفي وفي كينيا وتنزانيا وإفريقيا الجنوبية أو في كوت ديفوار و التوغو والغابون ليست هي ذاتها في كل من ليبيا ومصر وتونس".