أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إن بلاده تستعد بالتعاون مع السعودية بتزويد لبنان ب"تجهيزات يحتاجها من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه"، في إشارة للهبة الملكية السعودية لدعم الجيش اللبناني. ووفقا لما ذكرته وكالة "الأناضول" للأنباء فقد جاء هذا في كلمة ألقاها خلال حفل عشاء أقامه بقصر الإليزيه بالعاصمة الفرنسية، باريس، مساء الاثنين، عقب لقائه الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية. بدوره أعرب ولي العهد السعودي عن أمله "أن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكن لبنان من تجاوز أزمته الحالية". واستقبل أولاند في الإليزيه، الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي وصل إلى باريس الإثنين في زيارة تستمر حتى 4 سبتمبر/ أيلول الجاري. وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في المجالات كافة، بالإضافة إلى بحث آخر تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وموقف البلدين منها. وعقب اللقاء، أقام الرئيس الفرنسي حفل عشاء تكريما لولي العهد السعودي، ألقى خلاله كلمة أكد فيها إن أولويية بلاده تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط. وقال في هذا الصدد: إن "أولويتنا تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط التي أصبحت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى إذ انتقلت الأزمة السورية إلى العراق وثمة حركة إرهابية تدعي إقامة دولة". وبين أن "فرنسا قررت أن تساعد العراق على الصعيدين الإنساني والأمني غير أن هذا الدعم لا يسعه أن يكون فعالا ما لم تتألف حكومة تمثل جميع الطوائف على وجه السرعة تلافيا لتجزئة البلاد". وفيما يتعلق بالأزمة في سوريا، بين أولاند أن "فرنسا والسعودية كانتا واضحتين بشأن خطورة الأزمة، وهما يدعمان من يحارب الوحشية المزدوجة ل(رئيس النظام السوري) بشار الأسد والإرهابيين في الوقت الراهن". وبين أنه فيما يخص الشرق الأوسط فتدعم فرنسا مبادرة السلام العربية التي بلورتها المملكة العربية السعودية عام 2002 متطلعا إلى العمل معا على إنعاشها. وبين أن التعاون السياسي مع السعودية "وطيد إلى حد بعيد"، مشرا إلى أنه "تم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية ، فقد أقام جيشانا أنشطة عملياتية منذ زمن بعيد في مجالات حاسمة لأمن المملكة". وقال إنه يشكر السعودية "للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية فيما يتعلق بدفاعها الخاص بل وأيضا دفاع بلدان المنطقة". وبين أنه "تتجلى هذه الثقة والتعاون في لبنان حيث نستعد لنزوده معا بتجهيزات يحتاجها لبنان من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه". وقال أولاند، الخميس الماضي، إنه بالتعاون مع السعودية سيتم تقديم الوسائل الضرورية لمساعدة الجيش اللبناني. وكان رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري، قد أعلن في 6 أغسطس/ آب الماضي عن هبة ملكية سعودية بقيمة مليار دولار أمريكي، دعما للجيش اللبناني في حربه على "الإرهاب"، وخصوصا بعد المعارك التي شهدتها بلدة عرسال الحدودية مع سوريا بين قوات الجيش ومجموعات مسلحة. بدوره، ألقى الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود كلمة خلال حفل العشاء، أوضح فيه موقف بلاده من مختلف قضايا المنطقة، التي قال أنها "تعيش وللأسف الشديد في دوامة من الأزمات المتتالية نالت تداعياتها الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي"، بحسب وكالة الأنباء السعودية. وبين أن حكومة السعودية أدركت خطورة ظاهرة الإرهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر حيث دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض في عام 2005، كما دعا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب ليكون جزءا من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب، وأمر بالتبرع بمائة مليون دولار لتفعيل المركز. وأعرب عن أمله أن "تسارع الدول المحبة للسلام إلى الإسهام بفعالية في دعم هذا المركز ليكون محورا فاعلا وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم". وفي الشأن الفلسطيني، بين ولي العهد السعودي أن "السعودية أولت اهتماما بالغا ولا تزال بالقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وقد جاءت مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أصبحت المبادرة العربية للسلام لتؤكد هذا الاهتمام". وأكد أن ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من عدوان وحشي مدمر على غزة أمر لا تقره المواثيق والمبادئ الدولية وتستهجنه كافة الشرائع. ودعا المجتمع الدولي أن "ينهض بمسؤولياته لتأمين حماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة." وبشأن الأزمة السورية، قال ولي العهد السعودي، "دعونا إلى تنفيذ قرارات مؤتمر "جنيف1" وما تضمنه من تشكيل هيئة حكم انتقالية تملك صلاحيات تنفيذية كاملة". وتابع: "وفي لبنان فإننا نأمل أن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكن لبنان من تجاوز أزمته الحالية". وأردف، متحدثا عن موقف بلاده من الوضع بالعراق: "لقد رحبنا في المملكة بالتوافق في العراق واختيار قياداته، متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه". وتابع: "فيما يتعلق بالشأن اليمني، فإننا إذ نعرب عن قلقنا البالغ لتدهور الوضع الأمني فيه وما يتم القيام به من أعمال تهدف إلى تقويض العملية السياسية التي تستند إلى المبادرة الخليجية، لنأمل أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والالتزام بالشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن".