مبادرات وتحالفات وانتخابات برلمانية مشكوك في إجرائها في الوقت الحالي ، مطالبات بتعديلات دستورية جديدة تراعي متطلبات الأمن القومي ، خريطة سياسية معقدة وشائعات عن تحالفات وتربيطات انتخابية محتملة و مرهونة بمواقف حزبية وقوى سياسية متناحرة ،شائعات وحقائق لا يعرف كثيرون عن مصداقيتها أي شيء ، أسئلة بحثنا عن إجابتها و حملناها للدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذي تحدثت معنا أيضا عن آخر تطورات مبادرته " الأزمة والمخرج " وعن قراءته للمشروع السياسي للرئيس عبد الفتاح السياسي وتوقعاته لما تحمله التطورات السياسية والاقتصادية في هذه المرحلة . وإلي التفاصيل : في البداية ..سمعنا كثيرا عن مبادرات توافق وطني طرحت من جانبكم صاحبها أقاويل وشائعات واتهامات وغيرها ، حدثنا عن كواليس الحوار الوطني الذي عقد يوم 9 أغسطس 2014 بين شاب الإخوان وبقية فصائل الإسلام السياسي ؟ كان مجرد حوار بين مجموعة من شباب الإخوان المنشقين وباقي فصائل الإسلام السياسي لكن الإعلام المصري إعلام غير مهني ، قام بنشر شائعات وأكاذيب كثيرة لا علاقة لها بالواقع وتعدي الأمر إلي اختلاق نصوص مبادرة جديدة وهذا لم يحدث ، لقد جاءت فكرت الاجتماع عندما طلب شباب الإخوان المنشقين مقابلتي لمناقشة فكرتهم حول وضع مصر المتأزم و انه قد حان الوقت لتحرك جديد نحو المصالحة وناقشوني في إدخال بعض التعديلات علي نصوص المبادرة بعد الاتفاق عليها إذا تطلب الأمر ، وكان ردي أن القضية ليست قضية نصوص أو تعديلات ولكن الأساس الذي يجب أن تبني عليه أيه توافقات هي إرادة سياسية لدى كل من الإخوان وباقي الفصائل المختلفة و النظام الحاكم والأطراف المرتبطة به أيضا. وأوضحت لهم أن افضل طريقة للتعامل مع قضية المصالحة هو الاتصال بكافة أطراف وفصائل الإسلام السياسي بما فيهم "الإخوان" وما يسمى "بتحالف دعم الشرعية" والتوصل إلى أرضية مشتركة ثم نأخذ ما تم الاتفاق عليه ونعيد صياغة ورقة جديدة يثم نطرحها على القوى الأخرى وعلى النظام . ولكن ما تسمه شائعات قوبل بتأكيدات إعلامية تشير إلى توسط د عمرو حمزاوي في تلك المبادرة ؟ فلا هناك مبادرة جديدة ولا صلة للدكتور عمرو حمزاوي بأي من هذه الأطروحات على الإطلاق . ألم تلحظ تغييرا في موقف الدولة تجاه الإخوان والمعتقلين من فصائل واتجاهات مختلفة بعد انتخاب " السيسي " ؟ لا ، لم ألحظ أي تغيير في موقف الدولة بعد توليه السلطة فالبعض فسر ما قاله عند إطلاقه لمشروع القناة "يجب أن تكون مصر على قلب رجل واحد " أنه بداية فتح صفحة جديدة وحوار مع جماعة الإخوان ولكنى لا أرى فيها غير تعبير عن النوايا الطيبة للتعامل مع المعارضين بشكل عام ولكن يجب أن تترجم هذه النية الطيبة إلى خطوة حقيقية للخروج من الأزمة وذلك من خلال مشروع سياسي مقترح . وما مواصفات ذلك المشروع من وجهة نظرك ؟ أولا يعزل كل من يشارك في العنف و كل من تورط في فساد و كل من حرض على تطرف وفتنه طائفية ويعاقب بنفس العقاب كل من تبنى خطاب استبعادي لأي مواطن مصري . فالاختلاف السياسي مقبول بل مطلوب ،ولكن ما ليس مقبولا هو أن يرفع أحد السلاح في وجه الدولة أو المجتمع و يجب مقاومة هذا التطرف أيا كان سواء من جانب التيار الإسلامي او التيارات الأخرى التي تريد استئصال كل من هو مختلف معها وللأسف الشديد أن نظام الحكم الحالي يرتكز على مجموعة من الأعمدة بعضها يتحرك بغرض دوافع الانتقامية، وبعضها يريد إعادة ما كان قائما قبل ثورة 25 يناير. وكما سرق الإخوان المسلمون ثورة 25 يناير هناك من يريد سرقة 30 يونيو ولا مصلحة لمصر أطلاقا لا في أن يهيمن جماعة الإخوان المسلمين على الدولة ولا ان تهيمن جماعات المصالح والفساد على الدولة مره أخرى ، نحن نريد نظاما سياسيا يحقق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو ويطبق شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي لم يتحقق منها شيء حتى هذه اللحظة . وأعود وأؤكد أن أي نظام حكم سياسي قادر على تحقيق هذه الشعارات سيلتف حوله الجميع. بينما لو استسلمنا لدوافع الانتقام من الإخوان و أفكار رفع السلاح في وجه الدوله فهذا سيدخل البلد في متاهات جديدة أليس لديك رؤية شاملة للخروج بمصر من هذا المأزق ؟ المطلوب حوار وطني يبحث في القواعد المشتركة التي تمكنا من تدارك نظام سياسي يشارك فيه الجميع على أن تستبعد كل القوى التي تحض على التطرف وتحرض على الطائفية وعدم التسامح . ولكن ألا ترى أن الجماعة وعلى رأسها الرئيس السابق أخطأوا في حق الدولة وحق الشعب ؟ لو كان الدكتور محمد مرسي قبل بفكرة الذهاب لصناديق الاقتراع لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لكان أجهض هذه الأزمات و لو كانت الجماعة حريصة على تداول السلطة لأنهت كل هذا بالطرق السلمية. معني ذلك أن هذا هو خطأ الجماعة الوحيد وبداية الأزمة كانت مع إصرار الجماعة علي استكمال المدة الرئاسية كاملة .. أم من بداية الترويج لانتخابات رئاسية مبكرة ؟ هي لم تبدأ فجأة بل بدأت تدريجيا عندما تبين لفصائل كثيرة من الشعب المصري أن الدكتور محمد مرسي هو ممثل لجماعة الإخوان المسلمين وليس الرئيس المنتخب للدولة ما دفعني إلي القول بأن أسوا ما يمكن أن يضر الشعب المصري هو ما سيحدث في الجولة الثانية من الانتخابات و هو الاختيار بين محمد مرسي واحمد شفيق باعتبار كون مرسي ممثلا لجماعه وليس حزبا سياسيا ، وأحمد شفيق ممثلا لرموز النظام القديم و بالتالي عوده لنظام مبارك من جديد . وعلينا أن نعود بذاكرتنا إلى الوراء ، فبعد الانتخابات الإخوان كانت تخشي تزويرها لصالح احمد شفيق ، وبالتالي لم تعلن النتيجة إلا بعد أسبوع ، كان الإخوان قد بدأوا بالتحرك وقاموا بتهيئة لتقبل كونهم ممثلين عنهم. وأن هذا هو خيارهم الانتخابي ويجب تقبله. وهنا يأتي السؤال الأهم هل الدكتور محمد مرسي مستعد لأن يكون رئيسا لكل المصريين؟!. لقد ذهبنا للتحدث معه واتفقنا على النقاط الستة في للبيان الشهير الذي قراه حمدي قنديل يوم 21يونيه قبل إعلان نتيجة الانتخابات بأقل من 48 ساعة ، لكننا اكتشفنا بالتدريج أن الدكتور محمد مرسي لن يلتزم بالبيان ولا ببنوده التي نص عليها وانه جاء لتمكين الجماعة من الدولة وفقط . لماذا أصرت الجماعة علي الصدام بالشعب وبكافة مؤسسات الدولة بعد 30 يونيو ؟ لم تفهم جماعة الإخوان المسلمين أن القضية حسمت ولم يبقي لهم حاضنة شعبية ولم يفهم الدكتور محمد مرسي على الإطلاق أن الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات لم تكن أصوات الإخوان أو أصوات التيار الإسلامي السياسي فقط وإنما أصوات القوى السياسية التي كنت تراهن على الثورة وترفض عودة نظام مبارك وتصور أنه من الممكن أن تصبح مصر "دولة أخوانيه" وليست ديمقراطية كما نشدت ثورة 25 يناير، وفي الوقت الراهن أرى أيضا أن ثورة 30 يونيو واعترف انها ثورة لكنها حاليا تتعرض للسرقة. وهل السيسي يخطط لعودة نظام مبارك من جديد ؟ لا ليست مقصودة فالقوي التي صنعت 30 قوي سياسية متنوعة مثل القوي التي صنعت ثورة 25 يناير كانت تضم مختلف التيارات من الإسلامية و العلمانية فلم تكن جماعة الإخوان المسلمين او تيارات الإسلام السياسي هي التي صنعتها وفي 30 يونيو كانت القوي المشاركة تخشي علي ثورة 25 يناير ولم تكن فقط القوي المدنية او قوي مرتبطة بالنظام القديم ، لكن للحقيقة الأخيرة استطاعت ان تركب موجة الثورة وساعدتها أجهزة الأمن وأجهزة الدولة العميقة وهذا موضوع آخر ولكني أؤكد انه مع شديد الأسف فصل منظومة الدولة عن شبكة مصالح الحزب الوطني أمر في غاية الصعوبة. تقصد أن ثورتين مر بهما الشعب المصري لم تتمكنان من القضاء علي الحزب الوطني ؟ لو كانت السلطة التي تولت الحكم بعد ثورة 25 يناير تعبر عن الثورة لكانت اتخذت اتجاهين أولهما إزالة ما تبقي من النظام القديم الذي سقط رأسه ولا زالت جذوره متشعبة وموجودة وإقامة نظام يعي مفهوم المواطنة. ولكن الجميع قبل واستسلم لتولي للمجلس العسكري إدارة البلاد عقب 11 فبراير ؟ كانت هناك طريقة أخري بتجميع كل القوي السياسية المشاركة في الثورة وإشراكها في إدارة الدولة المصرية بمجلس رئاسي لكن ما تم من مفاوضات بين الجماعة والمجلس العسكري ساهم في ضياع الثورة. وقلت حينها ان من الخطورة بمكان ان نبدأ بانتخابات برلمانية قبل كتابة الدستور وكان يجب إن تعين لجنة من خيرة الكفاءات لكتابة دستور جديد ثم نختار رئيس ثم البرلمان ، لقد صوت بلا علي استفتاء 19 مارس وكان المفترض بعد الاستفتاء عودة دستور 1971 معدلا لكن هذا لم يحدث وكان للمجلس العسكري طريقة أخرى في إدارة الدولة واصدر إعلان دستوري من 63 مادة تضمن مواد لم يتم الاستفتاء عليها وبالتالي أدار الدولة بطريقة خالية من أي رؤية سياسية . وصفت علاقة التعايش بين الجماعة والقوات المسلحة بانها شبه مستحيلة في إحدى مقالاتك فهل مازلت ترى الأمر على هذا النحو ؟ كتبت اكثر من مقال يعبر عن مخاوف وقع الشعب المصري وكونه بين مطرقة الجماعة وسندان الجيش وهو ليس مهمته لعب دور سياسي لكن بحكم دوره الوطني التاريخي يجب أن يكون الجيش في الوقت نفسه هو الحارس الأمين علي طموحات الشعب المصري وفي هذا السياق عبرت عن تأيدي لتدخل الجيش المصري يوم 3 يوليو علي أساس أن يحول ذلك دون حرب أهلية وليس ليحكم بطريقة مباشرة ولم يكن شيكا علي بياض ليرشح المشير عبد الفتاح السيسي نفسه بعد ذلك وان كان سيحل مشكلة خلقتها لجنة الخمسين لتعديل دستور 2013 عندما حصنت منصب وزير الدفاع لكن هذا أدي إلي إدارة النظام السياسي بثلاثة رؤوس هم : رئيس الدولة وهو رجل منتخب بشكل مباشر ورئيس الحكومة عن طريق مجلس الشعب وأخيرا المجلس الأعلي للقوات المسلحة . وكان ترشح المشير السيسي قد أزال صداما قد يحدث بين رئيس الدولة والمؤسسة العسكرية والمشير السيسي وبالتالي لن يكون هناك تضارب في المصالح بينهما لكن هذا لا يمنع أننا نتجه نحو عسكرة الدولة وإذا لم نحافظ علي مشروع ديمقراطي حقيقي ونؤسس لدولة القانون فاننا سننزلق تدريجيا الي نظام شمولي يديره الحكم العسكري مباشرة . ولدي مخاوف من حجم الانتهاكات التي ترتكب ضد حقوق الإنسان ولم أوافق علي قانون تنظيم حق التظاهر واخشي ان يدخل المجتمع المصري في اضطرابات اجتماعية اذا استمر هذا الوضع . وما الحل من وجهة نظرك لمواجهة هذا الاضطرابات وتقليل حجم مخاوفك ؟ اعتقد ان هناك معارضة تنامي الآن ضد النظام القائم لكنها ليست بالضرورة متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين ومازالت ضعيفة جدا والوقت مبكرا للحكم علي طريقة المشير السيسي للبلاد وربما ننتظر الانتخابات التشريعية لنري هل سيكون آداة في يد السلطة التشريعية أم لا . وكيف تري العلاقة بين السيسي والمؤسسة العسكرية بعد توليه الحكم ؟ السيسي يسيطر علي المؤسسة العسكرية وبالتالي ليس هناك تناقض بين المؤسسة العسكرية وبين مؤسسة الرئاسة ، لكني لا استطيع التكهن بما يدور في عقل السيسي وما هو مشروعه السياسي وعلي من سيعتمد في تنفيذه ، فحتي عبد الناصر في ثورة 52 كان لديه من ضباط أحرار الصف الأول والثاني الخ.. والانطباع السائد الآن أن الجيش المصري يتحرك بقيادة السيسي لاعتبارات الأمن الوطني وانه خلص الدولة من حكم جماعة الإخوان التي أخذت مصر لطريق مجهول وكان ترشحه للرئاسة صمام أمان ضد ما تتعرض له بعض دول المنطقة وهذا المنطق كان ركن لدي الشعب المصري للقبول بعودة المؤسسة العسكرية الي الحياة السياسية رغم انها لم تحسن إدارة المشهد بعد 25 يناير. وفي رأيك ما أهم التحديات التي ستقابله في طريق إصلاح أخطاء المراحل السابقة ؟ إذا أراد السيسي إزالة الاحتقان وتأسيس نظام ديمقراطي مستقر فهذا هو المأمول لكن الوقت ضيق ولا اعتقد ان الشعب المصري سيصبر عليه الي مالا نهاية واعتقد ان أمامه ستة أشهر فقط لكي يثبت قدرته علي إدارة الدولة بوسائل غير أمنية ، فالسجون مكتظة بالمعتقلين وثمة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتقييد للحريات أضف إلي ذلك إعلام غير مهني فهل سينجح السيسي في التغيير ولم شمل الشعب المصري بطريقة تتيح لمن لم يحمل السلاح او يشارك في التخريب إن يندمج في هذا النظام ، وهذه هي التحديات التي تواجه السيسي . وهل سينجح الرئيس في التغلب علي هذه التحديات ؟ انا لست مطمئنا ولا اعرف من هم رجال السيسي وما علاقة السيسي بقوي الدولة العميقة وشبكة مصالح النظام القديم ، لكن تلك الأخيرة لا تبدو قلقة لما يمتلكه السيسي من حس اجتماعي يضغط به علي هذه الطبقة لتحمل جزء من التكلفة ولكني لا أستريح لإدارة الدولة من خلال التبرعات ويجب ان تدار بالقانون وامتلاك مشروع سياسي واقتصادي بطريقة مدروسة .