فاز رجب طيب أردوغان مؤخراً برئاسة تركيا، تركيا التي اتخذت العديد من المواقف الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية وقطعت العلاقات مع إسرائيل ثلاث مرات (1956 و1980 و2010)، وذلك كرد فعل على التصرفات الهمجية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب. وفي الآونة الأخيرة تصاعدت حدة الخطابات التي يلقيها أردوغان ضد إسرائيل، وخاصة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي مازالت مستمرة على قطاع غزة. والسؤال الآن ماذا بعد أن أصبح رجب طيب أردوغان رئيسا ؟ هل سيقوم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ؟ أم ستظل كما هي فقط يشوبها بعض من الجفاء والحدة ؟ في تصريح خاص لشبكة الإعلام العربية «محيط» يرى الدكتور خالد سعيد الأستاذ في العلاقات الإسرائيلية التركية، والمتخصص في الشئون الصهيونية بمركز يافا للدارسات، أن أردوغان اتخذ في الفترة الأخيرة عدة مواقف قوية وصارمة ضد الكيان الصهيوني، بدءا من رفضه لحرب غزة (2008-2009)، ومرورا بتوبيخه للرئيس "الإسرائيلي" شمعون بيريز في مؤتمر "دافوس" الاقتصادي نهاية شهر يناير2009، واتهامه بقتل الأطفال. وموقفه الصارم ضد إسرائيل بعد حادث" السفينة مرمرة" الشهير وإصراره على اعتذار إسرائيل ودفع تعويضات لأهالي الضحايا . وأضاف سعيد أن هذا لا يعني قطع العلاقات بين البلدين، خاصة وأن تركيا دولة قوية، ولها مكانتها المتميزة من الناحية الجغرافية وملتقى قارات العالم الست، وإسرائيل تتمتع بمصالح اقتصادية وعسكرية معها فمن المستحيل أن توافق إسرائيل على قطع العلاقات بينهما. وأكد المتخصص في الشئون الصهيونية أنه ربما يحدث نوع من الجفاء والفتور في العلاقة ولكن من المستحيل قطع العلاقات بالكامل. ويرى الدكتور محمود العدل المتخصص في الشئون التركية "بمركز الدراسات الإسرائيلية " بجامعة الزقازيق في تصريح خاص ل"محيط" يقول فيه أن العلاقات التركية الإسرائيلية لا يحكمها أشخاص، وأن كل ما يحدث من احتجاجات من أردوغان على مواقف الكيان الصهيوني سواء في حادث مرمرة 2010، أو موقفه من مؤتمر دافوس، كل هذا يستخدمه أردوغان فقط للدعاية الانتخابية لكسب تعاطف وأصوات الناخبين. وأضاف أن تركيا وإسرائيل تربطهم علاقات اقتصادية وعسكرية وإستراتجية وطيدة منذ أمد طويل، وأن هذه العلاقات تحكمها مؤسسات وليس أشخاص، لذلك يرى أن وصول أردوغان لسدة الحكم لن يغير من الأمر شيئا، بل على العكس قد تزاد العلاقات قوة لأن أردوغان لا يريد سوى مصلحته ومصلحة الدولة التركية أيا كانت السبل لتحقيق هذه المصلحة، على حد قوله . بينما يرى المحلل السياسي "عبد القادر ياسين " في تصريح خاص ل"محيط" أن بداية العلاقات التركية – الإسرائيلية، كانت مرتبطة بانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وعندما وصل أردوغان وحزبه للحكم ووجدوا أن الاتحاد الأوروبي أذل تركيا في مسألة الالتحاق بهم، فبدأوا يميلون للاستغناء عن التعامل مع إسرائيل على النحو الحميم الذي كان من قبل. وأضاف أن بدأ التوجه التركي نحو الوطن العربي كبديل للاتحاد الأوروبي، ولذلك نلاحظ أن مؤشر الميزان التجاري بين تركيا والدول العربي ارتفع بشكل ملحوظ مع وصول أردوغان وحزبه للحكم . كما نوه أن أردوغان يتطلع إلى إحياء الخلافة العثمانية على نحو عصري، وهذا يتطلب توثيق العلاقة مع البلدان العربية والإسلامية ما دام الغرب قد أغلق في وجه تركيا الأبواب، وقال يا سين أن "هذا يبشر أن العثمانية الجديدة التي يمثلها أردوغان وحزبه يمكن أن تسهم في ابتعاد تركيا التدريجي عن إسرائيل والالتحاق بالعالم العربي" . اقرأ فى الملف " تركيا أردوجان .. عدالة وتنمية وعثمانيون جدد" * نجاح «أردوغان».. خلاف جديد بين الإسلاميين والليبراليين في مصر * السيطرة على المجلس العسكري.. أهم تحديات «أردوغان» في الدستور الجديد * «أردوغان».. هل يرضى رجل تركيا القوي بمنصب الرئاسة الشرفي؟ * «أردوغان» في الإعلام العربي بين الحقيقة والتشويه * أردوغان في القصر.. وخلاف حول هويته السياسية ** بداية الملف