قال خبراء ومحللون أسواق مال مصريون، إن مشروع التنظيم القانوني للصكوك، الذي أعدته الهيئة العامة للرقابة المالية وطرحته للحوار المجتمعي مطلع الأسبوع الجاري، أستوفى كل النواحي التشريعية والفنية، كما تلافى أخطاء القانون السابق الذى لقى انتقادات واسعة في عهد حكومة الرئيس السابق محمد مرسي، مشيرين إلي 4 فروق بين القانونين وهي استحداث شركة للتصكيك، وضوابط للإصدارات الحكومية، وحد أدني لحقوق ملكية الشركة المصدرة، وإلغاء وصف الإسلامية. وأضاف الاقتصاديون، أن الحكومة المصرية تعول كثيرا على الصكوك التي ستوفر لها مصادر جديدة للسيولة المحلية والخارجية فضلا عن المساهمة في إصلاح اقتصادها المتهالك الذى عاني كثيراً منذ اندلاع ثورة يناير قبل أكثر ثلاثة سنوات ونصف. الصكوك أداة تمويل وانتهت هيئة الرقابة المالية المصرية، من مراجعة مشروع قانون الصكوك الجديد وأرسلته إلى وزير الاستثمار أشرف سالمان، تمهيدًا لإرساله إلى مجلس الوزراء واعتماده، ومن ثم إرساله إلى رئيس الجمهورية، الذي يمتلك سلطة التشريع في غياب مجلس الشعب. وقالت الرقابة المالية المصرية، في المذكرة الإيضاحية لمرسوم القانون التي تلقت "الأناضول" نسخه منها، أن القانون الجديد يأتي في إطار خطتها نحو تطوير الأدوات المالية وتنويعها لزيادة قدرة الشركات والجهات المختلفة في الحصول على التمويل، بما يساهم على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل في الاقتصاد القومي. و"الصكوك" هي أوراق مالية اسمية متساوية القيمة، تصدر لمدة محددة لا تزيد على ثلاثين عاما، تمثل كل منها حصة شائعة في ملكية أصول أو منافع أو موجودات أو مشروع معين أو التدفقات النقدية له، وفقا لما تحدده نشرة الاكتتاب العام أو مذكرة المعلومات بحسب الأحوال. مواد جديدة وقال شريف سامي، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن مشروع القانون الجديد تضمن بعض التعديلات والملاحظات الفنية التي أبدائها خبراء الهيئة على قانون الصكوك السابق، وكانت تستوجب تعديل بعض الأحكام و إضافة مواد تنظم بعض الجوانب الأخرى التي أغفلها القانون السابق. ويتضمن مشروع القانون المقترح إضافة (20) مادة لقانون سوق رأس المال الحالي بالإضافة إلى (4) مواد إصدار متضمنه أن يلغي القانون الصادر فى 2013. وأضاف سامي، في اتصال هاتفي لمراسل وكالة الأناضول، وضع القانون الجديد إطار قانوني لتنظيم اصدار واستخدام الصكوك كأحد أدوات التمويل بما يقيم توزاناً عادلاً لكل من حقوق المصدر والمكتتب والمتعاملين في أسوقا المال، فضلا عن توسيع نطاق الأنشطة التي يمكن للصكوك تمويليها، اضافة إلى السماح بإصدار صكوك مشاركة يعتبر المكتتب فيها مشاركاً ومساهماً في الأصول أو المشروع أو النشاط وليس دائناً له فقط. وشهدت مصر جدلا واسعا مع اقرار حكومة الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي، في مايو/أيار2013 قانون يجيز إصدار صكوك إسلامية سيادية للمرة الأولى، وهو ما تم تجميده بعد عزل "مرسي" في العام الماضي، لرفضه من جانب أحزاب وقوى سياسية واقتصاديين، فيما اعتبره الرأي العام وسيلة لبيع البلاد إلا أن حكومة حازم الببلاوي السابقة أعلنت رغبتها في إحياء القانون. وقال رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أجاز القانون تحديد أنواع الصكوك التي يجوز إصدارها وكيفية تحديد الإعلان عن أن هذه الصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مع وضع الضوابط اللازمة لعمليتي الاصدار والاكتتاب وما يليها من إفصاحات بهدف حماية حقوق حملة الصكوك وتحقيقا لاستقرار الأسواق المالية". شركة "تصكيك" وقال مصطفي نمرة، المستشار الفني و الاقتصادي لشركة تايكون للوساطة، رئيس شركة نمرة للتدريب، أن "قانون الصكوك الجديد الغي القديم الذى تم صياغته في عهد الاخوان، ونجح في تغطية كافة النقاط والشروط الخاصة بالشركة المصدرة وإنشاء شركة تصكيك وبنود الإفصاح". و"التصكيك" هو عملية مالية يتم من خلالها تملك أصول أو منافع أو حقوق مشروع محل التمويل وإصدار صكوك مقابلها. حد أدني للشركة المصدرة وأضاف نمرة، في اتصال هاتفي لمراسل وكالة الأناضول :"القانون الجديد بات خاضعا الآن لقوانين سوق المال الحالية، ولجئ إلي تغيير اسم الصكوك من الصكوك الإسلامية إلى صكوك (إسلامية)، فضلا عن بعض التغييرات في شروط الشركة المصدرة للصكوك بحيث لا يقل رصيد حقوق الملكية بالشركة المصدرة للصكوك عن 100 مليون جنيه". وحول التخوف من أن القانون القديم كان قد يساعد على بيع أصول مصر الاستراتيجية للأجانب، قال نمرة :"أعتقد أن هذا الافتراض كان مبالغ فيه في عهد مرسي، ولن يعالج القانون الجديد للصكوك هذه النقطة.. من يريد بيع أصول مصرية فهناك عشرات الطرق الأخرى وليس شرطا ان يكون ذلك عبر الصكوك". وأوضح المستشار الفني والاقتصادي لشركة تايكون للوساطة، أن الصكوك هو مشروع قديم منذ حكومة أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، عندما قام وزير الاستثمار، محمود محيي الدين، وقتها بتسويق الفكرة عبر وسائل الإعلام وكان يعتزم توزيع الصكوك مجانا على الشعب، وكانت فكرة جيدة ولكننا كالعادة تخوفنا منها وأسأنا الظن بالمشروع. وفى نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، قال الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر وقتها انه سيطرح برنامجا لخصخصة جزئية لبعض شركات القطاع العام من خلال توزيع صكوك مجانية فيها على المواطنين ويمكن بيعها. وأضاف نمرة، أن الصكوك ليس من اختراعنا، بل سبقتنا فيها الكثير من الدول - وخاصة الإسلامية منها - على رأسها ماليزيا والسعودية، وهي احد طرق التمويل المعروفة في كل دول العالم.. ربما أضفنا إليها كلمة "إسلامية" مع بعض التعديلات، مشيرا إلي أنها بشكل عام فكرة جيدة، لكنها لا تتعدي كونها آداه تمويل، وأن الأهم هو المشاريع التي نريد تمويلها ولا تزال ماليزيا والامارات والسعودية تهيمن على سوق الصكوك العالمي. الصكوك الحكومية وقال محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، خبير الصيرفة الإسلامية، ان مشروع الصكوك الجديد أستوفى كل النواحي التشريعية والفنية، كما أخذ في الاعتبار العديد من التجارب الناجحة للدول الأخرى المصدرة للصكوك. وأضاف البلتاجي، في اتصال هاتفي لمراسل الأناضول، إن :"أبرز ملامح مشروع الصكوك تتضمن استحداث شركة تصكيك الغرض منها إصدار الصكوك، اضافة إلى مادة خاصة بالصكوك الحكومية تشترط حصول موافقة وزارة المالية مع تعيين الجهاز المركزي للمحاسبات رقيبا". وأوضح رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، أن مشروع القانون الجديد، ألغي وصف "الإسلامية"، ومن ثم أصبح تحديد نوع الصكوك بكونها إسلامية من عدمه متوقف على تعاقد الشركة المصدرة مع لجنة رقابة شرعية يناط بها متابعة إصدار الصكوك من ناحية توافقها مع أحكام الشريعة. إلغاء وصف الإسلامية وفى السياق ذاته، قال أحمد يونس، رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، أن مشروع القانون الجديد استحدث عدة نقاط لم يتم تناولها في القانون الصادر العام الماضي، وعلى رأسهما تنظيم شروط الشركة التي يمكنها الاستفادة من إصدار الصكوك، فضلا عن ضرورة تأسيس شركة "تصكيك" غرضها الوحيد إصدار الصكوك على أن يكون الحد الدني لرأسمالها 5 ملايين جنيه، وتشبه في عملها شركة التوريق. و"التوريق" هو بيع الأصول المالية ( قروض ، ذمم ، ديون.. الخ) المملوكة للبنوك أو الشركات إلي وحدات ذات غرض خاص لتحويلها من أصول ذات سيولة منخفضة إلي أصول مالية جديدة (سندات ) ذات سيولة مرتفعة قابلة للتداول في أسواق المال بضمان هذه القروض أو الذمم أو الديون وتحمل كوبون ثابت ولها تاريخ استحقاق محدد. وأضاف يونس، في اتصال هاتفي لمراسل الأناضول، ان القانون الجديد طالب بضرورة وجود ضوابط خاصة بالجهات المالكة للمشروعات الراغبة في اصدار صكوك، فضلا عن تقديم قوائم مالية لعام سابق، وكذلك الالتزام بالافصاحات المطلوبة، اضافة إلى تقديم دراسات جدوى معتمدة للمشروع المطلوب تمويله عبر الصكوك، وبيانات تفصيلية عن مجلس الادارة والشركة والخطط المستقبلية. وقال يونس أن القانون الجديد الغي وصف الصكوك ب" الإسلامية" أو المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وفقا لقانون الصكوك القديم، على ان يكون توصيفها إسلامية في حال تعاقد الشركة المصدرة مع لجنة رقابة شرعية وظيفتها متابعة إصدار الصكوك بأنواعها من ناحية توافقها مع مبادئ الشريعة.