د. أحمد عبد الحميد المقدم بداية نشير أنه رغم أن الشريعة الإسلامية تضمنت ضبطا للنفقات والاستهلاك بصفة عامة وهى التى يجب أن يلتزم بها المسلم بوجه عام وإلا يحيد عنها .
سواء أكان ذلك فى رمضان أم غير رمضان ولكن للأسف نجد أن معظم الناس فى شهر رمضان يخالفون تلك القواعد فى مجال الانفاق والاستهلاك .
وهذا يسبب الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية ففى شهر رمضان يزداد الإسراف والتبذير ويتجه الانفاق نحو الترف والمظهرية ويوجه المال أحيانا إلى الانفاق فى معصية الله فى الخيم وتقليد الشرق والغرب وفى إحياء البدع والضلالات.
وعليه فإن الإسلام يأمرنا بالانفاق فى طاعة الله وفى مجال الطيبات دون إسراف أو تبذير أو ترف أو مخيلة وأن يكون الانفاق معتدلا وسطا، فالله تعالى يقول فى وصف عباد الرحمن: ( والذين انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوما) (الفرقان: 67).
ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (كلوا واشربوا وتصدقوا وألبسوا ما لم يخالطه إسراف ومخيلة) ويقول أيضاَ : (كلوا واشربوا ولا تسرفوا من غير مخيلة ولا ترف فان الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ).
إلا أن الإنفاق فى الطيبات من بين أبرز الضوابط الشرعية للإنفاق فعلى المسلم ولا سيما فى رمضان أن ينفق ماله فى شراء السلع والخدمات التى تعود عليه وعلى المجتمع الإسلامى بالنفع وان يمتنع عن الإنفاق فى مجال الخبائث حتى لا يضيع صيامه وصلاته وقيامه وقرآنه هباء منثورا.
ومما نلاحظ فى هذه الايام فى شهر البركات أن فريقا من الناس ينفقون أموالهم فى شراء السلع الخبيثة كالدخان بمشتقاته وشراء الأفلام الهابطة المفسدة للأخلاق وغير ذلك تحت مسمى تسلية الصوم .
وبعض الحكومات تخصص مبالغ باهظة لإنتاج مسلسلات هابطة تفسد على المسلمين الطاعة والعبادة بدلاَ من تسخير الإمكانيات فى نشر الفضيلة وتذكية الحماس الأسلامى.
بالأرقام الحسابية المعتمدة من المصادر الرسمية نرى : أن معدل إنفاق المصريين فى شهر رمضان يتزايد بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 100% من أسرة لأخرى , بدليل أن التقارير فى السنوات الماضية تشير إلى أن متوسط الاستهلاك فى اللحوم يزيد من 17 ألف طن إلى نحو 30 ألف طن.
ويصل معدل الاستهلاك فى الدواجن فقط إلى نحو 120 مليون دجاجة مقابل 60 مليون دجاجة فى الشهور العادية ويزيد الاستهلاك فى الزيوت من 60 ألف طن إلى 75 الف طن .
كما يرتفع متوسط الاستهلاك من السمن النباتى من 25 ألف طن إلى 75 ألف طن , السكر يزيد من 175 ألف طن إلى 250 ألف طن للإسراف فى الحلويات الرمضانية .
يبدأ التقرير بدراسة ميدانية ذكرت أن نسبة الفاقد فى الموائد المصرية خلال رمضان يصل مع ذلك لنحو 60 فى المائة , ويتجاوز معدل 75% فى حال العزومات والولائم العائلية التسلية بالمكسرات وإرهاق الأسرة فى توفير سلع غير ضرورية , فتخرج الأسرة من رمضان وقد بددت أغلب مدخراتها خلال شهر واحد .
وان فاتورة رمضان غالباَ ما تعادل إنفاق ثلاثة اشهر , فيما أكدت أبحاث اجتماعية أن قدوم شهر رمضان هذا العام يأتى متزامنا مع بداية الدراسة بالمدارس والجامعات , وضع السرة المصرية فى موقف لا تحسد عليه .
لأن فاتورة رمضان وحدها تثقل كاهل الأسر , ولكن أضيف لها هذا العام فاتورة شراء مستلزمات الدراسة والمصاريف والدروس الخصوصية المكلفة .
ياميش ب80 مليون دولار سنويا !
إلى أن فاتورة رمضان لا تتوقف عند حد الاستهلاك الغذائى الذى يعادل نحو ثلاثة أشهر عادية فحسب بل هناك تكلفة فوانيس رمضان والتى تقدر بنحو 50 مليون جنيه , منها 40 مليون جنيه فوانيس مستوردة من الصين , مقابل 10 ملايين للفوانيس المحلية .
إلى جانب استيراد ياميش بنحو 40 مليون جنيه , وأيضا زيادة استهلاك الكهرباء فى إنارة وتزيين الشوارع , مما يزيد انقطاع التيار لزيادة الأحمال , بالإضافة لإلى انتشار الخيام الرمضانية فى اسنوات الأخيرة , مما زاد من معدل الإنفاق غير الرشيد .
غرائب وعجائب اقتصادية فى رمضان 2010 :
المصريون ينفقون على الطعام فى الشهور العادية من السنة 2.5 مليار جنيه شهرياَ ويرتفع هذا الرقم إلى الضعف ( 5 مليار جنيه شهرياَ) فى رمضان كما ذكرنا سابقا ان معدل الإنفاق فى رمضان يصل من 50 إلى 100% كنفقات أسريه على السلع الغذائية حينما ذكرت مجلة المصور الحكومية فى 14/9/2010 اى أن المصريون ينفقون 5 مليار جنيه فى شهر رمضان واحده .
وتتعجب حينما تعلم ان المصريون ينفقون على مكالمات المحمول فقط 36 مليار جنيه سنويا أى 3 مليار جنيه شهريا على كلام فى الهواء .
وبمقارنة الرقم 3 مليار مصاريف الكلام بجانب رقم 2.5 مليار جنيه نفقات طعام شهرية فى الشهور العادية نجد أن المصريون ينفقون على " الرغى " فى المحمول اكثر مما ينفقون فى طعامهم فى حين أنهم يأكلون فى رمضان فقط ب 5 مليار جنيه بجانب ال3 مليار جنيه الشهرى لرغى المحمول ".
وبالحسابات نجد أن 5 مليار طعام فى رمضان بجانب 3 مليار كلام شهرياَ سيصل الحاصل 8 مليار جنية أنفقاته فى منتهى العجب من جيوب شعب يعانى شبابه البطالة بنسبة 45% ويغطى الفقر 80% من مساحة البلاء..... وهذا هو العجب بعينيه حير جميع خبراء الاقتصاد فى العالم .
ومن جانبنا نرى أن يكون هذا الشهر الكريم محطة أولى للقضاء على ظواهر سلبية ضاع معها المليارات من جيوب المصريين كما يلى :
1- أن يصوم الناس عن الكلام المحمول أو القليل والمفيد فقط بجانب صيامه عن الطعام وكما شرحنا سيوفر ذلك مبلغا اضافياَ يساعد فى سد العجز لمواجهة موسم المدارس الخ ....
2- أن تتضامن ربات البيوت لإعلان حالة العصيان والمقاطعة لاى سلعة يرتفع ثمنها بلا مبرر مثل اللحوم وخلافه والبدائل فى الشهر الكريم كثيرة .
3- الدعوات عبر البرامج التلفزيونية لجمع الطعام الزائد عبر مشروع بنك الطعام المصرى الذى يسير سيارات لأخذ ونواقص الطعام من العزومات الكبيرة وولائم الفنادق ليعيد تغليفها و إعادة توزيعه على الفقراء والمحتاجين وعددهم مسجل بقائمة البنك .
والجديد الذى نقترحه هو استبدال أموال موائد الرحمن بالشوارع والميادين التى تقيمها الفنانون ورجال العمال والأثرياء و التى يذهب إليها كثيراَ من لا يستحقها .
وان يقدموا هذه الأموال لبنك الطعام سواء فى صورة وجبات جاهزة أو أموال سائلة والبنك بدوره يعرف جيداَ مكان المحتاج فعلا لوجبة الإفطار على مستوى الجمهورية.
روشتة لتفادى الخلافات الأسرية فى نهاية الشهر الفضيل
مع بداية الثلث الخير من شهر رمضان من المفترض أن تبدأ السير فى الاجتهاد فى العبادة ومضاعفة الجهد فى قيام الليل وقراءة القرآن والتهجد والذكر والتسبيح , لعلها ترزق فى ليلة القدر التى هى خير من ألف شهر .
لكن الملاحظ أن عدد غير قليل من السير ينصرف عن تلك الغابات الجليلة , وتشتعل بداخلها المشاجرات والخلافات بين الزوج والزوجة , بسبب الاستعداد المبالغ فيه لاستقبال عيد الفطر المبارك ؛ حيث تكون لدى الزوجة قائمة متطلبات تتضمن تكاليف عمل كعك العيد , وملابس العيد .
إلى جانب تكاليف الأيام المتبقية من شهر رمضان , يضاف إلى ذلك مصاريف الاستعداد للعام الدراسى الجديد , و الذى يبدأ عقب انتهاء الاحتفال بعيد الفطر , وكل هذا المطالب بالطبع تنهار أمامها ميزانية الأسرة , وتعجز قدرات الزوج على تلبيتها , ومن تشب الخلافات والمشاجرات .
وهناك دراسة صدرت من عدة سنوات عن المركز القومى للبحوث الأجتماعية والجنائية أكدت ان الخلافات الأسرية تشتعل فى الثلث الخير بين الزوج والزوجة , وان الأمر قد يصل إلى حد وقوع الطلاق وذلك بسبب مصاريف وتكاليف عمل الكعك والبسكويت وملابس العيد .
وفى العام سوف يزداد العبء المادى ؛ حيث يكون هناك أيضاَ مصاريف دخول المدارس ولبس المدارس . فكيف يمكن للزوجة تحقيق التوازن الاقتصادى ؟ وتتجنب وقوع تلك الخلافات ؟ وعدم إرهاق زوجها مادياَ وعصبياَ ونفسياَ بسبب كثرة المطالب ؟ وتجنب أسرتها عدم الاستقرار ؟
وهنا نناشد الزوجة المصرية بضرورة اتباع مجموعة من النصائح والإرشادات حتى تجنب أسرتها نشوب الخلافات وضياع روحانيات الشهر الكريم , وكذلك الابتهاج بقدوم العيد كما يلى :-
1- خططى جيداَ لميزانية الأسرة , على ان تراعى فى ذلك التخطيط اتباع قول المصطفى ? : ( اعقلها وتوكل ) ( رواه الترمذى , (2707) , وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترميذى , (2517) .
2 - قومى بإعداد كميات من الطعام والحلوى تتناسب مع عدد أفراد السرة ومع ميزانيتك , و لا داعى للإسراف والمبالغة .
3- يجب عدم الذهاب للتسوق دون أن تكون هناك ضرورة .
4- لا تنظرى إلى غيرك وتحاولى تقليدهم فلكل أسرة إمكانياتها وظروفها الاقتصادية الاجتماعية .
5- أشركى أبنائك فى وضع الميزانية و التخطيطى لاستقبال العيد والعام الدراسى الجديد , كى يشعروا بحجم المسئولية , وتكون مشاركتهم أكثر إيجابية , فمن خلال توضيح حجم الدخل وحجم المتطلبات الخاصة بالعيد .
وبعودتهم لمدارسهم , سوف يقدون حجم الزمة وما يجب عليهم , وهذا المر من شأنه أ يجعلهم هم أنفسهم يبدءوا فى ترشيد مطالبهم الخاصة بالعيد وبدخول المدارس , وبترتيب الأولويات بحسب أهميتها كما يدربهم على تحمل المسئولية.
6- التزام الوسطية والاعتدال .
التسول "ظاهرة" تنتعش بالمناسبات الدينية:
"لله يا محسنين".. جملة ضمن قاموس معروف، تتردد مفرداته على مسامعنا كثيراً فى الطرقات، والميادين. كما تتردد بصفة خاصة أمام "المساجد" وتزداد فى "المناسبات الدينية".. يوم الجمعة، فى عيدى الفطر والأضحى، وطوال شهر رمضان.... إلخ، إنه "قاموس الشحاذين".
وقد أصبحت "الشحاذة"، ظاهرة مزعجة للغاية، فى العديد من الدول العربية والأكثر إزعاجاً هو استغلال هؤلاء الشحاذين للدين فى التأثير على الناس، وخاصة فى المناسبات الدينية مثل رمضان.
حيث التعبد وحرص المسلمين على التقرب إلى الله، وبسط أيديهم فى الصدقات، وخاصة أن نهاية شهر رمضان يتزامن مع إخراج زكاة الفطر، فضلاً عن حرص الكثير من الأغنياء على إخراج زكواتهم – الفريضة- قبيل نهاية شهر رمضان.
وفى محاولة منهم لامتلاك أدوات التأثير المطلوبة، لربط حالهم بمقتضيات الشهر الكريم من التعاطف والتراحم يحفظ الشحاذون بعض آيات القرآن، والأحاديث المحرضة على التصديق والإنفاق فى سبيل الله، فضلاً عن الأدعية التى يكررونها لاستجلاب عطف الناس، وربما ارتدت الشحاذة ملابس ظاهرها التدين والحشمة كالحجاب أو النقاب، وقد يطلق أحدهم لحيته.
فيؤثر الشحاذون بأدائهم الدرامى فى المسلمين، ويأخذون أموال الصدقات والزكاة بالبطال، حيث يدعى عدد غير قليل منهم الفقر والحاجة، وهنا يأتي دور المسلم في اختيار من يعطهم الصدقات وأموال الزكاة ، لكي يحسن استثمارها في دعم فقراء المسلمين المتعففين .
لم يعد التسول في مصر لسد الرمق، وإنما أصبح ظاهرة واحترافاً ، لما يدره من مداخيل في واقع تفشى فيه الفقر والبطالة والأمية، مع اقتراب المناسبات الدينية لا يكاد زقاق أو باب مسجد يخلو من أيادي تمتد تطالب الناس بالصدقة، مستخدمة عدة أساليب وعبارات للاستعطاف .
ونحن نحذر من عقوبة ادعاء الفقر ، وانتهاز فرصة المواسم الدينية – كشهر رمضان – للتسول ، لأن الله سيفقر من يدعي الفقر .
إن الفقراء الذين يستحقون الصدقات والزكاة ، هم الذين وصفهم القرآن في قوله تعالى " للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم " البقرة 273.
4- أقساط الأجهزة الكهربائية أو سيارة. 5-المواصلات اليومية أو بنزين السيارة. 6- غذاء. 7- ملبس.
بالأرقام هناك إسراف فى معدل الإنفاق العام يجب تعديله فى رمضان 2010
- متوسط استهلاك اللحوم زاد من 17 ألف طن إلى 30 ألف طن فى رمضان. - الدواجن من 120 مليونه دجاجة فى شهر رمضان مقابل 60 مليون فى الشهور العادية. - الزيت من 60 ألف طن إلى 75 ألف طن.
- السمن النباتى من 25 ألف طن إلى 175 ألف طن. - السكر من 175 ألف طن إلى 250 ألف طن للإسراف فى عمل الحلويات . - زيادة إنارة كهرباء الشوارع فى الزينة مما يزيد فى انقطاع التيار الكهربى.
*كاتب من مصر خبير الاقتصاد السياسي والتنمية البشرية