استمرت وسائل الإعلام الغربية البارزة، على عادتها التي درجت عليها دائماً، وهي الانحياز لإسرائيل، خلال العدوان الأخير على غزة، حيث اتسمت تغطيها للعدوان بتجاهل المأساة الإنسانية للفلسطينين، والنظر إلى القضية من جانب واحد، وتزامن ذلك مع انحياز حكومات الولاياتالمتحدة ودول أوروبية كبيرة، مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إلى إسرائيل، بالرغم من مئات الأطفال والنساء، الذين قتلوا في الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي على غزة. فقد اختارت الصحف الالمانية السكوت عما يجري في غزة، وتبني الرواية الإسرائيلية خلال العدوان، بينما تلك الصحف نفسها كانت قد خصصت صدر صفحاتها لأحداث منتزه "غيزي"، والاحتجاجات التي رافقتها، ووجهت انتقادات قاسية إلى الحكومة التركية، لدرجة أنها وصفت تلك المظاهرات بأجواء حرب، حيث عنونت صحيفة دير شبيغل الالمانية المشهورة في عددها الصادر في 4 حزيران 2013 صدر صفحتها الأولى بجملة، "مثل الحرب تماماً"، لوصف أحداث منتزه غيزي، وأصدرت ملحقاً بعشر صفحات باللغة التركية بخصوص تلك الأحداث، وانتقدت بشدة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بشأنها، لكنها لم تضع أي عنوان ينتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتياهو، بالرغم من أن العدوان تسبب بمقتل مئات المدنيين. وتسبب الإعلام البريطاني، بجدل في البلاد نتيجة انحرافه عن الموضوعية في تغطية العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث أوضح الكاتب في صحفية جارديان البريطانية، جوناثان ستييل، اليوم، أن الميزة التي صبغت تعامل الإعلام البريطاني مع أحداث غزة، هي إفرادها مساحات واسعة لرأي المسؤوليين الإسرائيليين، دون أن تفعل الشيء نفسه مع الطرف الآخر وقد توجهت سهام النقد إلى هيئة الإذاعة البريطانية، حيث خرجت مظاهرة، ضمت عشرات الآلاف أمام مبنى الهيئة، احتجاجاً على اللاموضوعية في تغطية أحداث غزة. وأفاد المحرر في صحفية "مسلم نيوز" ، أن الهيئة كانت تعمل جاهدة على تغطية الأخبار بشكل لا يغضب فيه إسرائيل. بدوره ركز الإعلام الفرنسي على طرح مسألة معاداة السامية وإعطائها أولوية خلال تغطيته للعدوان، كما اتصفت تغطيته بتجاهل المجازر المرتكبة خلال العدوان، حيث انشغلت صحيفة، اللوموند، اليسارية في اليوم التالي لمجزرة الشجاعية، التي أودت بحياة أكثر من 70 شخصاً، بمناقشة مسألة انتشار معادلة السامية في فرنسا، على خلفية أحداث غزة، وتصدر هذا الموضوع صحفتها الأولى، في حين لم تجد مجزرة الشجاعية مكاناً لها في تلك الصحفة. واتخذ الإعلام في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الواقع تحت تأثير اللوبي الإسرائيلي، سياسة تحريرية داعمة لإسرائيل ول" حقها في الدفاع عن نفسها"، وركز على "تسبب حماس في تصاعد العنف في غزة". وشكل صراع إسرائيل مع الأنفاق في غزة محور تغطية قناة "سي إن إن" الأميركية، وراحت القناة تحصي الصواريخ، التي أطلقتها حماس على إسرائيل، وخصصت لها مكاناً ثابتاً في الشريط الأخباري، دون أن يحظى عدد القتلى من المدنيين في غزة بالاهتمام لديها، بقدر الاهتمام الذي أبدته لمسألة " دفاع إسرائيل عن نفسها". إذ مرّ قصف إسرائيل لمدارس الأممالمتحدة في القطاع على شكل خبر صغير في نشراتها.