خمسة عشر متراً تقريباً هو طول السفينة "تارا" الفرنسية التي أبحرت في مهمتها الخامسة من أقصى شمال فرنسا مروراً بألبانيا واليونان لترسو بالقرب من مرفأ بيروت التي ستكون احدى محطاتها على شواطئ حوض المتوسط، بهدف إجراء دراسات تهدف الى الحد من التلوث البحري في المناطق الساحلية على البحر الأبيض المتوسط. وعلى الرغم من ناطحات السحاب المطلة على مرفأ بيروت، فإن هذا المشهد المغري بأناقته يخفي نسبة تلوث كبيرة في المياه الاقليمية اللبنانية، الأمر الذي دفع بالمنظمات والجمعيات المعنية، سواء كانت محلية أو دولية إلى حالة استنفار بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، لتدارك الخطر المقبل وبخاصة آثار المواد البلاستيكية الصلبة على الثروة المائية والإنسان، طبقاً لما ذكرته وكالة "الأناضول". وتتميز سفينة "تارا" بلونها الأبيض والرمادي وأشرعتها المنسدلة، بأنها مختبر بحري متنقل مختص بتفاصيل الحياة البحرية، حيث تضم مختبراً رئيسياً للبحوث العلمية ومعدات للتجارب التي يقوم بها طاقم السفينة، للبحث عن آثار التلوث البلاستيكي. وأوضح غابي خلف رئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، أن أبحاث "تارا" ستتركز حالياً على "التلوث نتيجة المواد البلاستيكية"، مشيراً إلى أن 13% من نفايات لبنان تحتوي مادة البلاستيك، قسم منها يتم حرقه وقسم آخر يتحلل مع الوقت. ولفت خلف إلى أن القسم الأكبر من هذه النفايات البلاستيكية يذهب في النهاية إلى مجرى الأنهار أو البحر وهذا ما يترك مع الوقت أثراً سلبياً على البيئة الحياتية والحيوانات والنباتات ويؤثر سلباً على البيئة الشاطئية. وأكد على ضرورة التعاون مع الباحثين في "تارا" وتبادل الخبرات والقيام بمشاريع مشتركة بحثية في محاولة لتحسين الوضع قدر الإمكان، مشيراً إلى أن اجتماعاً سيعقد في "المجلس الوطني للبحوث العلمية" في بيروت لوضع مخطط توجيهي لحماية قدر المستطاع الشاطىء اللبناني على نطاق ضيق والبحر المتوسط على نطاق واسع. وأضاف خلف أن لبنان لديه مركباً علمياً يسمى "قانا" يستخدم بغرض القيام بأبحاث علمية شبيهة بالأبحاث التي تقوم بها "تارا"، معتبراً أنه في لبنان نوعان من التلوث، كيميائي وهو خطر لكنه محدد بالقرب من المعامل ومصبات الأنهر (كالليطاني في جنوبلبنان ومصب سلعاتا في الشمال)، بينما التلوث الأكبر والاكثر انتشاراً لكن الأقل ضرراً هو التلوث العضوي البكتيري ومصدره مياه الصرف الصحي. وحذر خلف من أن نحو 2.5 مليون لبناني يعيشون على الشاطىء اللبناني و80% من نفاياتهم تذهب إلى البحر وتخلق نوعاً من التلوث العضوي، مشيراً إلى أن المجلس الوزاري وضع خارطة تحدد الأماكن المناسبة للسباحة والخالية من "الملوثات الكيميائية والعضوية." من جانبها، أشارت عفت إدريس رئيسة جمعية "الأزرق الكبير" البيئية إلى أنه منذ عام 1997 نحاول قدر المستطاع القيام بحملات تنظيف ودراسات لمحاولة إنقاذ البيئة البحرية من النفايات الصلبة في البحر وتأثيرها على الكائنات البحرية. وأضافت إدريس أنه من الضروري معرفة أن البلاستيك عندما يتحلل لا يؤذي فقط بل عندما يتكسر من العوامل الطبيعية فإنه يتحلل إلى "مياكروبلاستيك" و"ناينو بلاستيك" ويذهب إلى معدة السمك الذي يأكله الإنسان أو الطير مما يؤثر على صحته، لذا فهى بيئة كلها مترابطة.