شن فريد الديب المحامي عن الرئيس الأسبق حسني مبارك هجوما حادا على ثورة يناير 2011 واصفا إياها ب "المؤامرة الأجنبية ضد الدولة المصرية" ، ومعتبرا أن جماعة الإخوان قد استغلت الغضب الشعبي في تحقيق مآرب وأهداف خاصة بها للاستيلاء على الحكم وإسقاط الدولة المصرية ، إنفاذا ل "مخطط أمريكي" لإعادة تقسيم دول الشرق الأوسط وتخريب دول المنطقة ، وأن التنظيم الدولي للإخوان كان أحد "أذرع" ذلك المخطط. جاء ذلك في أولى جلسات مرافعة فريد الديب عن مبارك في إعادة محاكمته ، حيث انتهت المحكمة من الاستماع لمرافعات أعضاء هيئة الدفاع عن جميع المتهمين ، عدا مبارك ونجليه فيما هو منسوب إلى الرئيس الأسبق من الاشتراك بطريق التحريض على قتل متظاهري ثورة يناير لإجهاض الثورة ، وما نسبته النيابة إليه ونجليه (علاء وجمال مبارك) من ارتكاب جرائم فساد مالي تضمنت عدوانا على المال العام والإضرار العمد به. وصرحت المحكمة بمغادرة مبارك وإعادته إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة - حيث مقر احتجازه - لتلقي العلاج بصورة عاجلة ، وذلك بعدما أصيب بحالة إعياء مفاجئة تطلبت إخراجه من قفص الاتهام بعد ساعة من بدء مرافعه الدفاع عنه. واستهل فريد الديب مرافعته باستعراض جوانب من حياة مبارك ونشأته وحتى توليه منصبه كرئيس (أسبق) للجمهورية.. مشيرا إلى أن فترة تولي مبارك "شهدت إصلاحات وانجازات اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة في تاريخ الدولة المصرية، تضاف إلى إنجازه العسكري كبطل من أبطال حرب أكتوبر عام 1973 ".. على حد قول الديب. وقال الديب: "الرئيس مبارك لاقي من العنت الكثير على مدى أكثر من 3 سنوات ، تحلى خلالها بالصبر إزاء حملات التشويه والإساءة والظلم له ولأفراد أسرته ، فلم ييأس من نصر الله عز وجل ، ولاقى الاتهامات بقلب أبي جسور، فلم يهتز إيمانه ولو للحظة واحدة في أن الله سوف ينصره وأن القضاء سينصفه.. حتى حينما صدر الحكم في المحاكمة السابقة بإدانته عن تهمة القتل ، فإنه لم ييأس ، وإنما كان القضاء هو الذي أنصفه ، إذ قضت محكمة النقض بنقض حكم المحكمة الأولى برمته وإعادة المحاكمة". وأشار الديب إلى أن "التحقيقات التي باشرتها المحكمة - في جولة الإعادة – جاءت لتكشف عن حقيقة الظروف والملابسات التي كانت غائبة وجرى طمسها عن الناس وأخفيت عنهم ، ففطن الناس رويدا رويدا للحقيقة وعرفوا من ذا الذي قتل وخرب وحرق". واسترسل الديب قائلا: "لقد ظهرت واتضحت بالأدلة - التي لا يرقى إليها الشك – الحقائق التي كان قد جرى طمسها ، والتي تدل دلالة قاطعة على أن ما حاق بمصر خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيو 2013 كان حلقة من حلقات مؤامرة كبرى على المستويين الدولي والمحلي ، تستهدف تدمير البلد الآمن وإشاعة الفوضى والرعب والاضطراب بين أبنائه وإغراقه في بحور من الدم المصري الزكي ، وفرض سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة وإقامة دويلات بين أراضيها وإعطاء جانب من تلك الأراضي لآخرين بما يخدم أغراض الإرهاب والصهاينة". وأضاف الديب: " لولا صمود الشعب والقوات المسلحة، لما قامت لمصر قائمة".. معتبرا أن ما تكشف خلال الفترة الماضية من معلومات حول طبيعة وتفاصيل ما جرى في مصر خلال السنوات الماضية ، أصبح من قبيل "العلم العام" الذي يمكن لأي قاض أن يحكم به ويستند إليه ، فلا يصم ذلك حكمه بالعوار ، وذلك طبقا لما استقر عليه قضاء محكمة النقض. وأوضح أن "هذه الحقائق" صارت ثابتة بين دفتي ملف القضية وموثقة في أوراقها ومحاضرها ، من خلال أقوال الشهود الذين تم الاستماع إليهم عبر جلسات المحاكمة السرية وغير السرية. واستغرق فريد الديب في العرض لتاريخ مبارك ونشأته ومولده وتدرجه في المناصب، مشيرا إلى أنه أجرى عملية "إصلاح اقتصادي واسعة في مجالات البنية الأساسية والتعليم والصحة والإسكان استطاعت النهوض بمصر ، وإصلاح سياسي تدريجي بتشجيع الحراك السياسي الذي أسفر عن ظهور أكثر من 24 حزبا في عهده بعد أن كانت 5 أحزاب فقط مطلع توليه الحكم ، ونحو 523 صحيفة بدلا من 35 فقط ، ودعم حرية الصحافة بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر والرأي. وذكر الديب أن مبارك دعم استقلال القضاء بإصدار قانون السلطة القضائية وإعادة مجلس القضاء الأعلى وإضفاء الحصانة القضائية على جهاز النيابة العامة ومنصب النائب العام واعتبارهم جزءا لا يتجزأ من السلطة القضائية ، وعدم التدخل في شئون وأحكام القضاء. وقال فريد الديب إنه لم يحدث أن تستر مبارك طوال عهده في يوم من الأيام على فساد أو انحراف لأي شخص أو مسئول مهما كبر منصبه.. مستشهدا في ذلك بالقضية التي أحيل فيها 40 ضابطا بجهاز مباحث أمن الدولة (المنحل) إلى محكمة الجنايات عام 1983 لاتهامهم بارتكاب وقائع تعذيب بحق مواطنين ، علاوة على تقديم العديد من كبار مسئولي الدولة من محافظين ووزراء للمحاكمات في قضايا فساد. وانتقد الديب النيابة العامة "لعدم مبادرتها بالتحرك والتحقيق" إزاء ما كشفت عنه مقاطع فيديو مصورة قدمها عضو هيئة الدفاع المحامي علي الجمل في جلسة سابقة وعرضتها المحكمة في حضور ممثل النيابة العامة – وما تضمنته تلك المقاطع من اعترافات لأشخاص شاركوا في أحداث يناير 2011 بارتكاب جرائم قتل بحق ضباط وأفراد الشرطة وحرق وتخريب للممتلكات. وذكر الديب أن المشاركين في أحداث يناير كانت مطالبهم شتى ، ما بين تحقيق إصلاحات اقتصادية ومطالب فئوية وتغيير وزير الداخلية وقتئذ حبيب العادلي وإصلاح جهاز الشرطة ، وهو الأمر الذي ينفي عن تلك الأحداث وصف "الثورة" التي تكون ما يصدر عن الشعب من البداية دون تدخل أجنبي لهدف محدد هو تغيير نظام الحكم والدستور.. وأنه مهما بلغت الأعداد المشاركة ومهما بلغت "حدة الغضب" لدى من خرجوا لتحقيق مطالب معينة ، فإن ذلك لا يمكن ومعه وصف تحركهم بالثورة.. على حد قوله.