«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرار حل الجيش العراقى وعلاقته المباشرة بمشروع تقسيم العراق / سمير عبيد
نشر في محيط يوم 05 - 04 - 2010


قرار حل الجيش العراقى وعلاقته المباشرة
بمشروع تقسيم العراق


* سمير عبيد

(لقد ارتكب الشعب العراقى خطأ إستراتيجيا بحق نفسه وبلده ومستقبل أجياله يوم صمت وتقاعس عندما حُلّ الجيش العراقى بأمر من المحتل... أما الساسة الجدد فلقد ارتكبوا جريمة لا تغتفر جريمة العصر يوم رقصوا وطبّلوا لحل الجيش العراقي، فنقلوا بلدهم من القلعة الحصينة بقوتها وتنظيم جيشها وحصانة حدودها إلى موقع البنك الذى هُدمت جدرانه، فهب نحوه اللصوص وقطاع الطرق ورجال المافيا، ومن كل صوب وحدب!)

الطموحات الطائفية والقومية هى التى أضعفت العراق!!.

إن أول خطوة من شأنها تقسيم العراق إلى دويلات تكمن فى أن العراقيين لا يتفقون على تاريخ وطنى مشترك ، فالشيعة العروبيون تعرضوا للحصار، و حوصرت مرجعياتهم ومدارسهم المحلية، و تجففت مصادر قوتهم ووحدتهم ، وتآمرت عليهم المدارس الإقليمية والدولية ، وتقاعست عنهم المرجعيات العربية والقومية ، لا بل ساهمت فى تشتيت جمعهم لحسابات أنانية!.

أما الشيعة العرب، والذين هم على التشيّع العلوى الذى لا يؤمن بالتدخل والتبشير والصراع والتمذهب وجدوا أنفسهم أسرى من قبل شيعة أميركا الذين فتنوا بالإسلام الأميركي، وشيعة إيران والذين يستخفون بكل إبداع حضارى عراقى ولا يرون من التاريخ إلا نكبات الائمة ومظالم آل البيت .

وليس من خلال الإحياء والتدريب والتأكيد على السمو والبطولة والثبات والدفاع المقدس، بل من خلال التخدير وتشتيت القوى فى غير محلها ،وبدلا من البناء والإبداع والبحث والسمو الفكرى والعلمى والمهنى راحوا يجسدون الخرافة والأمية، ونشر التخلف بطرق دخيلة على الإسلام والتشيع العلوى ونهج أهل البيت،.

والسنة فى العراق لديهم توجس من الشعوبية والتفريس، ونظرتهم للتاريخ العراقى تشبه إلى حد ما نظرة العروبيين الذين يشعرون بالاعتزاز والاستعلاء الحضارى العربى على باقى الحضارات الأخرى التى سكنت العراق، ناهيك أنهم قد أصيبوا بنفس الداء أى السنة الذى أصاب الشيعة فى العراق.

أى تولدت بينهم طبقات ربطت مصيرها بالمحتل، وأصبحوا يمثلون ( سنة أميركا) وهناك قسم آخر ربط مصيره بالحركات المتطرفة، والحركات السلفية المتشددة فى الخليج والمنطقة،فلجئوا لتأسيس الخلايا المتشددة التى تمول من الخارج، فحوصر الصوت السنى العراقى العروبى والقومى الرافض للتقسيم وللاحتلال!!

والأكراد مستمرون فى نهج التكريد لشمال العراق، واستنكار التعريب، والتهديد بالانفصال عن حكومة المركز فى بغداد، والمطالبة بالحكم الذاتى منذ العام 1970م، والاعتزاز بالقومية الكردية، والشعور بعدم الانتماء للهوية الوطنية العراقية التى هضمت حقوقها التاريخية لصالح طوائف واثنيات أخرى .

إن المشكلة الحقيقبة تكمن فى أن الأكراد يصرون فى المشروع الفيدرالى الذى يختلف عن كل الأنظمة المتحضرة فى العالم، أى يصرون على فيدرالية قومية، والشيعة الذين خطفوا القرار الشيعى بدعم إيرانى وأميركى يصرون على فيدرالية طائفية تجزيء الشعب العراقى إلى أقاليم كردية أو شيعية أو سنية ستصبح فيما بعد أقاليم تابعة لدول الجوار العراقي.

باتفاق الولايات المتحدة والغرب مع هذه الدول بما يضمن مصالح الإدارة الأمريكية وأوروبا فى المنطقة، وأن جميع الأحزاب المؤثرة على الساحة اليوم تنفذ مشاريع خارجية ، قومية ، وطائفية ، وأممية ، منافية للوحدة الوطنية والهوية العراقية .

إن أخطر خطوة قامت بها الإدارة الأمريكية لتقسيم العراق إلى فيدرالية قومية طائفية هو قرار الحاكم الأمريكي بول بريمر فى 24آيار 2003م بحل الجيش العراقي ، وهو القرار الذى كان مدروسا بعناية من قبل الاحتلال، ومخططا له لشل قدرات الشعب على الحركة، وإغراق البلاد فى الفوضى المنظمة لكى يتماشى ذلك مع الشعار الأمريكي (ازرع الفوضى أولا وأترك نتائج ذلك للمستقبل) ! ،

الجيش العراقى مؤسسة وطنية وليست ( صداميّة)..!

فالجيش العراقى لم يكن وحدات قتالية فحسب ، ولكنه كان ثروة وطنية من الكفاءات والمواهب والإبداعات ذات المستوى الرفيع من خيرة رموز الثقافة والمعرفة العسكرية المتطورة فى الطيران والفرسان والبحرية والدروع والتصنيع والمدفعية والهندسة والأشغال وغيرها، وكوادره الراقية من الأطباء والفنيين فى جميع الاختصاصات العامة و الدقيقة ، والمهندسين المتفوقين كما ونوعا فى كافة المجالات المدنية والمعمارية والميكانيكية والتكنولوجية الجوية والبرية والبحرية .

وكان يتضمن زخم هائل وخبرات متطورة فى الصيدلة والكيمياء والتكنولوجيا والموسيقى والرياضة والفن والشعر والأدب ، ويضرب به المثل الأعلى بالتنوع المدهش إثناء الاستعراض العسكري، أو فى احتفالاته بتخريج شبابه من كليات الأركان و الكليات العسكرية والمختصة . .

واعتبر الجيش العراقى مؤسسة عصرية راقية ذات انضباط عال فى الحزم الإداري والفنى والمهني، وذات مستوى رفيع فى الوعى والثقافة والمعرفة والتعليم ، ومن هنا جاء موقعه الجليل فى ضمائر الوطنيين العراقيين والعرب كافة كقوة وطنية لحماية العراق والعرب، وككتيبة أكاديمية فى صنوف ومجالات وأنواع العلم و المعرفة ،

ولذلك كان قرار حله فى صالح الاحتلال الأمريكي والإيراني والتدخل الإسرائيلي لإخلاء العراق من الكفاءات والعلماء ومطاردة الأفذاذ والمثقفين بتهمة الانتماء لحزب البعث ونزع الألقاب عليهم مثل (الصداميين) ، (التكفيريين) ، (الوهابيين) لتصبح تلك الألقاب مسوغا فيما بعد لقتلهم وتشريدهم والفتك بهم، و هتك أعراضهم، واستباحة حرماتهم والثأر منهم ، أو تهجيرهم وإهمال مستقبلهم تأكلهم الحسرة من جهة والفقر والجوع والبطالة من جهة أخرى، . . . الخ،

ولقد شارك شيوخ القبائل فى هذا الخلل بل الجريمة، عندما صمتوا ولم يقفوا بوجه المحتل وعصابات القتل المحلية والوافدة، لأن من قتل وشُرّد وهُجّر وأنتهك عرضه هو عراقي، وينتمى إلى المجتمع العراقي، والى خارطة قبائله وعائلاته، فكان يفترض بشيوخ القبائل تنظيم أنفسهم لحقن دماء أبنائهم وأبناء العراق من خلال الإصرار على تفعيل القانون وحمايته.

والمطالبة بفرز أسماء وعناوين المجرمين السابقين ليتم سوقهم إلى القضاء أو إلى الحد العشائرى على أقل تقدير من أجل طى هذه الصفحة التى أصبحت (قميص عثمان) بيد الحاقدين والوافدين والإرهابيين والمجرمين والفاسدين والفاشلين والمرضى!.

والمفارقة أن هذه المؤسسة الجيش العراقى ليس لها علاقة بالصدامية والبعثية، لأنها مؤسسة وطنية أى خدم فيها جميع العراقيين الذين ذهبوا لخدمة العلم، وأن الذى يتكلم عن الصدامية فعليه أن يُحدد بعض الوحدات الخاصة بالحمايات والحراسة على رأس النظام ودوائره الخاصة، والتى هى ليست على ملاك الجيش العراقى الحقيقى بل هى مرتبطة بدائرة النظام الضيقة.

ومثلما هو حاصل فى الحرس الوطنى السعودي، والحرس الثورى فى إيران، وقوات الحرس الجمهورى فى سوريا، وقوات الردع السريع فى مصر، وهكذا فى جميع الدول العربية، وأنهم ليسوا من المرتزقة المستوردين بل هم من قبائل وعائلات عراقية معروفة فى امتدادها وجغرافيتها!!.

الأهداف الحقيقية من وراء حل الجيش العراقي!!

ولكن الهدف من ذلك كله واضح لكى يصبح تمرير مشروع التقسيم، وتطبيق المشاريع والأهداف الدنيئة من خلال الرعاع وأنصاف المتعلمين وأرباع المثقفين سهلا دون عائق أو موانع ، فبحل الجيش العراقى اندلعت الفوضى بكل أبعادها ،وفتحت الحدود على مصراعيها للمرتزقة والمتطرفين والإرهابيين والتابعون للاحتلال، وأصبح المسلحون وتنظيم القاعدة شماعة لكل أعمال إرهابية تستوجب شن حملات عسكرية ماحقة ضد كل المواقع التى يتواجدون فيها وجودا حقيقيا أم وهميا !.

وقد حل الجيش أيضا لإفشال أى مخطط أو تمرد محتمل ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف ، ولمنع احتمال قيام وحدة عسكرية عراقية بتطويق كتبية أمريكية والإجهاز عليها كما حصل فى الصومال ، فالموقف الاحترازي المسبق من قبل الإدارة الأمريكية اقتضى حل الجيش، لأنه من الصعب جدا فك الالتحام حتى عن طريق التدخل الجوى فى هذه الحالة، وحتى تخرج الولايات المتحدة الأمريكية بأقل خسائر ممكنة من هذه الحرب .

كما أن هذا القرار ترك لقوات الاحتلال الحرية الكاملة فى القبض على الآلاف من أبناء الشعب العراقى واعتقالهم وتعذيبهم وهتك أعراضهم فى السجون والمعتقلات والقواعد العسكرية الأمريكية ،ولو لم يحل الجيش العراقى فإن جنوده ستثور نخوتهم وحميتهم شرفا وكرامة وثأرا وانتقاما و دفاعا عن أبناء العشائر والقبائل والمدنيين ممن يعتدى عليهم فى حالات الدهم العشوائى والاعتقال والقصف والتدمير لمواقعهم الآمنة.

وبرأينا فلن يجرؤ أحد على استباحة مكتبات الوطن ومتاحفه و آثاره وتراثه ومستشفياته ودوائره ومقدساته وجامعاته وحضارته وسرقة تاريخه وممتلكاته وثرواته إذا كان الجيش يحمل السلاح ويحمى تلك الأماكن بكل حزم وبطش وقوة وانضباط !!.

كما أن الجيش لو لم يحل فإنه سيفرض الرقابة على الحدود، ويمنع تسلل العصابات الإجرامية والميليشيات ويفرض التفتيش الدقيق على زوار المقدسات ممن حملوا إلى العراق تحت هذه الذريعة المتفجرات والمفخخات والأسلحة المحرمة قانونا، وسوف يمنع تهريب المخدرات ونشرها فى العراق، وسوف يمنع تهريب النساء والأطفال وتجارة البشر ويفرض الفحص الطبى الدقيق على البضائع الفاسدة والأدوية والأطعمة المغشوشة حرصا على سلامة أبناء هذا الشعب العظيم .

إن قرار حل الجيش العراقى كان يعنى تقسيم العراق بأقل خسائر ممكنة فى صفوف القوات الأمريكية حيث أن زرع الفوضى وإهمال النتائج يعنى دولة هشة مجزئه، وقاعدة عسكرية مهلهله ،وبنية تحتية مفتته ،ومشاريع أمريكية وإقليمية ناجحة !!.

حزب الدعوة وحزب البعث.!

فعلى جميع الأحزاب فى السلطة من القوميين الشوفينيين والطائفيين (أصحاب مشروع التقسيم) بأن يعلموا حقيقة مرة يفتقرون إليها، وهى بأن الهوية القومية العربية القطرية التى جاءت بكتب البعث لم تكن تتنافى مع الهوية الوطنية العراقية إطلاقا، وأن الذى تنافى معها هو الاستهتار فى القرارات، والمضى قدما فى عبادة الأشخاص، و قمع الشعب وسوقه فى حروب عبثية،

ولو نظرنا لكتب حزب الدعوة الحاكم، وأفكار وكتب مؤسسه وهو المفكر محمد باقر الصدر رحمه الله فسوف نجد لا علاقة لبرامج وسياسات وأفكار حزب الدعوة الحالى بأفكار وبرامج ورؤى الصدر، وبرامج وكتب حزب الدعوة الذى رفع شعار الثورة الفكرية والتجديدية ناهيك عن نشر العدالة فى المجتمع، وإذا به الآن يستنسخ الديكتاتورية ويضربها بعشرة، ناهيك عن القمع الجارى وهنا ننقد ونقارن من أجل التنبيه وليس من أجل التجريح! !.

فالقضية هى أزمة قادة وأزمة مصداقية تولدت عنهما انحرافات لا تغتفر، كما أن اللغة الاسبانية أو العرق الأسود لم تكن مسوغا لتقسيم الولايات المتحدة إلى ولايات خاصة بالسود، وأخرى للناطقين باللاتينية .

إن نظام المحاصصة الطائفية ، يلغى القيمة الوطنية والإنسانية للمواطن العراقى ، ويحوله إلى قيمة عرقية وطائفية انعزالية تابع إيديولوجيا وقوميا لدول الجوار العراقي، وتوزع ثروته النفطية واقتصاده وممتلكاته على القوى الإقليمية الوصية عليه ، فالاعتزاز بالقومية والمذهب والعرق والعشيرة والثقافة تعنى تنوع للهويات المحلية الداخلية، واحترام خصوصياتها ولا تعنى أبدا بأن الانتماء إليها يتنافى مع الانتماء الأكبر للوطن .


السرطان القاتل يكمن فى الدستور العراقى الهجين!!

إن العدالة والحقوق المنصوص عليها فى القانون سوف تطبقها حكومة المركز على جميع المحافظات العراقية ولا يجوز أن تتعارض قوانينها مع الدستور النافذ ، وإنما تصدر انسجاما وتنفيذا للأسس الواردة فى الدستور ، ولكن تقسيم العراق إلى دويلات سيعيق القوانين الداخلية التى تنقل الحقوق الأساسية للشعب إلى حيز الواقع بفرض الجزاء على من ينتهك الحقوق .

فحكومة المركز حين ترعى ضمانات التقاضى وتنفيذ القانون فإن المتهم سيلجأ لحكومة إقليمه باعتبارها ندا لحكومة المركز، ويعيش فى ظلها كدولة أخرى حيث أن المشكلة الأخطر تكمن فى احتمال استبداد الحاكم فى كل إقليم بالحكم المطلق ،وتعصبه لقوميته أو طائفته باعتبارها الأساس فى وجود إقليمه على الخارطة الجيوسياسية .

ووجود التعارض الأزلى بين سلطة القانون وسلطة واستبداد الحاكم الطائفى التابع لولاية الفقيه، أو الآخر القومى الشوفيني، وبالتالى ستصبح الحقوق الأساسية مجرد نصوص مسطرة وغائبة تسود فيها شريعة القوة ،ويأكل القوى حقوق الضعيف، ويتعرض المجتمع والوطن للانهيار التام .

وفى حالات الانتهاك لحقوق الإنسان أو المواثيق والمعاهدات والإعلانات الدولية الموقع عليها من قبل حكومة المركز فإن التذرع بمبدأ السيادة الوطنية أو التدخل بالشؤون الداخلية لحكومة الإقليم أمرا سهلا للتخلص من الالتزامات الدولية.

إن معدو الدستور العراقى من ذوى الاختصاصات الضيقة والخبرات المحدودة والمنعدمة فى مجلس الحكم الانتقالي السابق انكبوا على المصادر الأجنبية، والنصوص الجاهزة، والآراء الفقهية لملالى دولة مجاورة لينقلوا منها النصوص الجاهزة حرفيا دون الاعتماد على مدرسة عراقية وطنية قانونية عريقة أوجدت من قبل أفذاذ الخبراء وكبار رجال القانون لإعداد القوانين والأنظمة والآراء فى العشرينيات من القرن الماضى وحلت فى السبعينيات من القرن نفسه وهى (ديوان التدوين القانونى ) . .

والواجب اليوم وعلى الجميع هو الثورة على الاستخفاف بحقوق ومقدسات وممتلكات الشعب العراقى الذى وضع القوانين للبشرية وحكم الأرض بشريعة حمورابى وعدالته، وإعادة النظر فى هذا الدستور المسخ ليعكس الواقع الحقيقي والتأثيرات المحيطة بالوطن .

وإلغاء ما يبث المآسي والطائفية، والنزاعات العرقية بين أبناء الشعب الواحد، والاعتماد على الأرشيف الوطنى العراقى الضخم الذى تعرض للنهب والسلب والسرقة فى غياب الجيش العراقي، وقيام الانفلات الأمني والتدهور بكافة أشكاله .


* كاتب ومحلل سياسي عراقي
جريدة الشعب
4/4/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.