لأول مرة... كتب : أحمد هنداوي _ دينا الألفي الإفطار جمع الديانات الثلاثة والأقليات الدينية خطيب الثورة يؤدي الصلاة في ساحة المعبد داعيا للسلام ماجدة هارون: من الخطأ وصف اليهودي بالجاسوس والخائن ممثل البهائيين: علينا مواجهة الفكر المتطرف باستئصاله من منابعه ممثلة الأمازيغ: اليهود في مصر هم أقلية الأقلية وعددهم حوالي 19 سيدة "كنيس عدلي" أو "معبد عدلي".. ذلك الصرح اليهودي الذي جمع بداخله الديانات السماوية الثلاثة والأقليات على مائدة إفطار واحدة؛ إفطار جماعي في شهر رمضان يتحدث عن السلام بين الديانات والتسامح والحب المتبادل بين أهل مصر دون تمييز ديني أو عرقي. المعبد اليهودي بشارع عدلي الذي يعرف عند اليهود بالعبرية "هاشمايم" ويعني "بوابة السماء" أو "بوابة الجنة"، فتح أبوابه لأول مرة أمس الأول الأربعاء، أمام جميع المصريين، مسلمين ومسيحيين ويهود وأقليات، للم الشمل والتأكيد على الترابط والوحدة، حيث شهد دعوة من التحالف المصري لجموع المواطنين للإفطار الجماعي ضم مختلف الثقافات والأعراق التي تعيش علي أرض مصر ليكون ذلك هو الحدث الأول من نوعه الذي يقام فيه إفطارا رمضانيا في معبد يهودي. حضر الإفطار كل من خطيب التحرير محمد عبدالله نصر، وماجدة هارون رئيس الجالية اليهودية بالقاهرة، والمطرب إدريس حبون من سكان منطقة سيوة، وأماني أبو شامة ممثلة عن أقليات الأمازيغ، وبسمة موسى ممثلة عن البهائيين وعدد من الشخصيات الأخرى. ملحمة يعزفها المصريون وبعد أدائه صلاة المغرب في ساحة المعبد، اعتلى الشيخ محمد عبد الله نصر خطيب الثورة ومؤسس حملة "أزهريون مع الدولة المدنية " المنبر اليهودي، قائلا "أنا موجود في بيت من بيوت الله، والدين علاقة بين كل إنسان وخالقه والتعصب الطائفي فكرة دخيلة على مجتمعنا المصري جاءت مع الفكر الوهابي من الخليج، أما المعدن الأساسي لشعب مصر رأينه في التحرير ويمكن أن نراه في هذا المكان حيث لا يمكن لأحد تحديد ديانة أحد من بين الحاضرين". وشدد نصر على ضرورة وجود خطاب ديني تنويري مبني على إعلاء قيمة الإنسان لأن حرمة الإنسان أعظم عند الله من أي فكرة مذهبية، مؤكدا أن هذا الإفطار ملحمة يعزفها المصريون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية يسطرون فيها صفحة من تاريخ مصر، بأنها مصر الأديان . وأشار إلى أن الخطر مازال قائم وأن الرئيس عبد الفتاح السيسي لايستطيع بمفرده مواجه المخططات الطائفية، مما يجعل المصريين في حاجة لتعميم ثقافة ضد الطائفية والمذهبية، موجها رسالة لشباب الإخوان المسلمين قائلاً "إن قياداتكم قيادات صهيونية تريد هدم الإسلام والأوطان فأفيقوا وأعلموا أنهم يتاجرون بكم"، مشيراً إلى أن مصير حزب النور لن يختلف عن مصير جماعة الإخوان، كما أنه لا فرق بينهم وبين الجهاديين والإخوان ، حسب قوله. مصلحة الوطن وخلال جولة شبكة الإعلام العربية "محيط" بين الحاضرين، أعربت ماجدة هارون رئيسة الطائفة اليهودية بمصر، عن سعادتها بهذا الإفطار الجماعي الذي وصفته بأنه "أكد أن الأيام تغيرت عن قبل، وقد آن الأوان أن نفتح الأبواب جميعًا مع بعضنا البعض"، مشيرة إلى أن حفل الإفطار يجسد رفض المصريين وتحديهم للمحاولات المغرضة، الرامية إلى تفتيت التركيبة الاجتماعية للدولة المصرية، وتشتيت ثقافتها وحضارتها التي تمتد جذورها لآلاف السنين". وأوضحت رئيسة الطائفة اليهودية أن "ما كان لن يعود، وأن محاولات تشويه الوحدة الوطنية بين كل أطياف الشعب المصري ستتحطم على أرض الواقع في ظل النظام المصري الجديد، الذي أخذ على نفسه عهد بسد الثغرات التي يثيرها المحرضون ضد أمن الوطن وسلامه الاجتماعي"، داعية الجميع بإعلاء مصلحة الوطن عن أية مصالح فئوية. ووجهت ماجدة هارون اللوم إلى وسائل الإعلام التي صوّرت كل يهودي على أنه جاسوس لصالح جهة معادية للوطن بقولها "آن الأوان لتتغير ملامح تلك الصورة القاتمة، فاليهود المصريون شاركوا في بناء وطنهم مصر سياسيًّا واقتصاديًّا وفنيًّا على مر التاريخ"، مستشهدة بالمهندس المعماري اليهودي من أصل إيطالي الذي أعد تصميم مسجد عمر مكرم وكان حينئذ يعمل في وزارة الأوقاف المصرية. وأضافت هارون أن الهدف من هذا الإفطار توصيل الرسالة إلى الجميع بأن "الله خلق الجميع مختلفين، وإن شاء لخلقنا شكلاً واحدًا ودينًا واحدًا، ولكن في الاختلاف نجد ثروتنا الحقيقية ." رسالة محبة وسلام وقال "مينا ثابت" عضو الهيئة التأسيسية للتحالف المصري للأقليات، أن الإفطار الجماعي وسيلة لتجديد روح المحبة والسلام بين المصريين، ويثبت للعالم أجمع أن المصريين رغم اختلاف ديانتهم وعرقهم إلا أنهم يعيشون "تحت سقف واحد وفي وطن واحد." وعن التحالف، أكد أنه كيان نشأ في إبريل 2012 للاهتمام بحقوق الأقليات الموجودة بمصر، كما أنه قائم على النضال من أجل حقوق الأقليات وتوصيل رسالة التنوع والتعددية الموجودة بمصر، منوها إلى أن دوره اجتماعي أكثر من كونه سياسي، مشيراً لتقديمهم لأول وثيقة لحقوق الأقليات في مصر باسم "حقوق الأقليات المصرية " للجنة الخمسين السالفة حيث نجح التحالف في توصيل 5 مواد من أصل 30 مادة من الوثيقة المقدمة. وأكد ثابت أن هناك محاولات متطرفة من البعض لإحداث الفتنة، ولكن التحالف تبنى الدفاع عن الأقليات للعبور بمصر لمزيد من التعايش وقبول الآخر ومزيد من التنوع والتعددية في المجتمع وأن هذا التجمع يعد "بادرة وبداية". وأشار لعدم وجود مايسمى ب "الفتنة"، موضحاً أن هناك انتهاكات وخطابات كراهية وتمييز جرمها الدستور الجديد، مؤكداً على أهمية الدور الذي سيقوم به البرلمان القادم من سن التشريعات التي تعاقب وتمنع خطابات التمييز والكراهية، وعمل منظومة لمجابهة التمييز داخل مؤسسات الدولة وبين الأفراد، مشيراً ألي أن هذا يحتاج إلى جهد كبير. تجسيد لمعني المواطنة وأردف الدكتور رءوف هندي المدعي في قضية البهائيين المصريين، بوصف الإفطار بأنه يجسد معني المواطنة على أرض الواقع، مستنكرا إطلاق مصطلح "الأقليات" على أصحاب الديانات غير السماوية، داعيا إلى "تسميتهم المواطنين المصريين، لأن المواطنة الحقيقية لا تفرق بين إنسان وأخر." ونوه رءوف إلى أنه لو كانت الوحدة الوطنية مجرد شعارات فنحن بأيدنا وبدستورنا الجديد وإرادة سياسية حقيقية وجملة من الإجراءات الدستورية والقانونية أن نحول هذه الشعارات إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع ، موضحا أن الوضع السياسي في البلاد في حالة تحسن وأن البلاد حققت نجاحات ملموسة مقارنة بالسنوات الماضية و"القادم سيكون أفضل" . وفي إطار تنفيذ القانون، شدد رءوف على ضرورة أن يكون للدستور والقانون احترامهم الكامل لدى المواطنين، مؤكداً على أننا نحتاج مزيد من الإدراك والوعي بأن الدولة المدنية هي دولة القانون واحترام الرأي والرأي الآخر، كما أنها تطبق المعايير الحقيقية للمواطنة على أرض الواقع . وأضاف أنه علينا مواجهة الفكر المتطرف باستئصاله من منابعه سواء من المناهج التعليمية أو من فكر أو إعلام أو خطاب ديني تحريضي، مؤكداً أن هذه قضية وطن بأكمله . اليهود أقلية الأقلية وقالت "أماني الوشاحي" مسئولة ملف الأمازيغ في مصر، أن اليهود في مصر هم أقلية الأقلية، فعددهم حوالي 19 سيدة "نوشك على أن نودعهن".، مضيفة أن هذا الإفطار بداية للتآخي بين جميع الديانات، وأنهم بدأوا باليهود وكل عام سيقيمون حفل إفطارهم في مكان يخص أحد الأقليات. الجدير بالذكر أن قوات الأمن كثفت من تواجدها بمحيط المعبد، حيث تواجدت ثلاث عربات أمن مركزي، فضلاً عن قيام قوات الشرطة بالتفتيش والكشف عن هوية الحضور قبل الدخول.