جاء شهر رمضان هذا العام في ظروف صعبة هي الأصعب على العراقيين منذ بدء الاحتلال قبل أحد عشر عاماً. في الوقت الذي يقضي فيه البغداديون رمضان في بيوتهم مخافة الأعمال الإرهابية، يعاني النازحون من مناطق النزاع من ظروف إنسانية مأسوية. ويثري رمضان في كل عام طقوساً اجتماعية مترسخة في تاريخ المجتمع العراقي، وسط أجواء من البهجة الليلية، على الرغم من نقص الخدمات والقطع المبرمجة للطاقة الكهربائية، لم يعتد العراقيون قضاء الشهر الفضيل خارج ديارهم، أو يبقوا حبيسي دورهم، كما أجبرتهم الأوضاع الأمنية هذا العام. نزوح جماعي، وهروب دائم ومؤقت لعوائل محافظات الوسط والشمال، وقلق وتوتر في المحافظات الأخرى، سلبت العراقيين حلاوة رمضان، وسط تهديدات أمنية مع سيطرة تنظيم داعش. داعش مستمرة وأعلن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، أنه لا يوجد أفضل من الجهاد في سبيل الله في شهر رمضان الكريم، محرضا على القتل في أول بيان للجماعة منذ أن قامت بتغيير اسمها إلى "الدولة الإسلامية". وقال البغدادي، في رسالة صوتية له عبر مقطع فيديو نشره موقع "يوتيوب": "ليس من عمل في هذا الشهر الفضيل ولا في غيره أفضل من الجهاد في سبيل الله فاغتنموا هذه الفرصة وانصروا دين الله بالجهاد في سبيل الله". وتابع: "فهبوا أيها المجاهدون في سبيل الله ارهبوا أعداء الله وابتغوا الموت مظانه فالدنيا زائلة فانية والآخرة دائمة باقية فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون". في هذه السنة، يشهد العراق رمضاناً ساخناً ذا نهارا طويلة، إذ يصوم العراقيون نحو 16 ساعة تبدأ من الساعة الثالثة وعشر دقائق فجرا وتنتهي عند السابعة والربع مساء وسط درجة حرارة لا تقل عن 48 درجة في أفضل الأحوال. استقبال رمضان ولشهر رمضان في العراق نكهة خاصة حيث تبدأ التحضيرات لهذا الشهر الكريم قبل بدايته فيقوم الناس بشراء المواد الغذائية التي يحتاجونها في تحضير وجبات الإفطار والسحور وهي تكون متنوعة تشمل المواد الغذائية الأساسية والحلويات والعصائر التي تجهز في أكثر الأحيان في البيت. عادات رمضانية بالطعم البغدادي والشيء المميز في العراق أن غالبية الناس يلتزمون بشعائر شهر رمضان من صيام وصلاة وقراءة للقرآن فالذين لا يصلون يلتزمون فيه بالصلاة وقراءة القرآن، وحتى النساء غير المحجبات يرتدين الحجاب خلال شهر رمضان، فنجد فيه الالتزام الواضح بين الكل حتى بين صغار السن ممن هم دون سن التكليف، إذ يحرص أولياؤهم عادة على أمرهم بالصيام وغيره من العبادات تدريبًا لهم على العبادات منذ الصغر. أما المساجد فتمتلئ بالمصلين من مختلف الفئات العمرية الذين يؤدون صلاة التراويح. ولهذا الشهر في العراق عادات وتقاليد منذ القدم تتمثل بكثرة الزيارات بين الأقارب والجيران تتبادل فيها الدعوات على وجبة الإفطار، والتي من شانها زيادة الألفة والمحبة بين العائلات العراقية. وفي الوقت الحاضر بدأ العراقيون يقللون من هذه الزيارات بسبب الوضع الأمني المتدهور في بغداد لأن تحقيقه أصبح صعباً في ظل الأحداث الأمنية المتدهورة. لعبة المحيبس ومن أحد الطقوس الرمضانية التي اعتادها البغداديون والموصليون والأنباريون هي لعبة "المحيبس" الجماعية. و"المحيبس" هي عبارة عن قيام فريق من الشباب بإيجاد الخاتم بين عشرات الأيدي المغلقة لدى الفريق الآخر، وهي تمثل تقليداً عراقياً رمضانياً بحتاً. كانت مناطق بغداد القديمة، كالفضل وأبو سيفين والكفاح والبتاوين، تستعد للتباري قبل هلال شهر رمضان بأيام؛ إلا أن الظروف الأمنية هذه المرة أفقدت هذا التقليد حماسته، وربما تنحسر في مناطق قليلة، وسط انشغال الجميع بوضع البلد الأمني. ومن طقوس هذه اللعبة أن يتناول الفريقان والجمهور بعد انتهائها بعض الحلويات العراقية المعروفة (بالزلابية والبقلاوة) التي يتحمل ثمنها الفريق الخاسر. مائدة عراقية ومن المأكولات العراقية على المائدة الرمضانية، شوربة، تشريب،هريسة، كبة والغالب تكون كبة حلب، كبة برغل، كبة حامض،مخلمة، باجه، عروكَ كباب مشوي او مقلي، تكة، دولمة و محلبي، زردة حليب حلاوة تمر، ومن الحلويات الشهيرة في مصر والعراق بقلاوة، زلابية، برمة، قطايف، شعر بنات ولبائع حلويات. كما يقوم البغداديين بعد الإفطار بالذهاب إلى مقاهي للتسلية بلعب لعبة "المحيبس" أو لعبة الصينية، أما النساء فأنهن ينشغلن بتهيئة ملابس العيد وخياطتها وعمل الكليجة. أما أولاد والصبيان فيلعبون مع اقرأنهم من أولاد المحلة مختلف الألعاب الشعبية السائدة. وداع رمضان في اليوم الأخير من شهر رمضان يقف المسلمون فوق السطح وعلى أحواض المنائر لمراقبة هلال شوال وعند رؤيته يودعون شهر رمضان قائلين: الوداع يا شهر رمضان الوداع يا شهر الطاعة والغفران.