نشر الأهرام بتاريخ 28 يونيو الماضى مقالاً منسوباً إلى الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف فيه هجوم عنيف بل بالغ العنف على الدكتور جابر عصفور وقال صاحب المقال إن مقاله رد على ما نشره جابر عصفور فى الأهرام بتاريخ 24 يونيو السابق بعنوان صراعات الخطابات الدينية فى مصر وأن الدكتور جابر حشر فى مقاله ذلك عدداً من خيرة أئمة الأزهر الشريف وشيوخه فى زمرة من يسميهم التنويريين الذين دعوا إلى فصل الدين عن الدولة فى مصر منذ القرن التاسع عشر حتى الآن . واتهم الدكتور شومان الدكتور جابر عصفور أنه افترى على رفاعه رافع الطهطاوى والإمام محمد عبده ويقول صاحب المقال فى مقاله بتاريخ 28 يونيو فى الأهرام أن الدكتور جابر عصفور لم يقف عند حدود ظلم الراحلين من علماء الأزهر الشريف وإنما سّولت له نفسه ظلم شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب فحشره فى زمرة التنويريين الداعين إلى مدنية الدولة بمعنى علمانيتها . والذى يقرأ مقال الدكتور شومان يعتقد أن الدكتور جابر عصفور خرج على صحيح الدين وأن التنوير ومن يقول بالدولة المدنية أو بالدولة العلمانية هو كافر خارج على صحيح الإسلام . ويرى سيادته وله أن يرى ما يراه ان بحر الشريعة الغراء على تنوع مشاربه لم يغادر من أمهات المسائل صغيرة أو كبيرة إلا أحصاها . وأنا هنا لا أدافع عن وزير الثقافة جابر عصفور فهو قادر على الدفاع عن نفسه ولكننى أدافع عن الحق فى الاختلاف فى الرأى وكذلك وبغير تردد عن مدنية الدولة بمعنى علمانيتها . وأعتقد إعتقاداً جازما أن الإسلام دين علمانى يدعو إلى العلم وأن أول آية نزلت فى القرآن الكريم هى قوله سبحانه «إقرأ» وكل تصرفات الرسول الكريم توحى بالدعوة إلى العلم «اطلبوا العلم ولو فى الصين». ولكن كاتب المقال يرى أن دعاة التنوير الغربى والحداثة الغربية هى تفريغ للإسلام من الدين والوحى والغيب والإعجاز . وأكرر صادقاً أنى لاأعرف أن هناك تنويراً غريباً وحداثة غربية معنى التنوير ومعنى الحداثة واحد سواء فى الشرق أو الغرب . وقد قرأت فى أهرام الأحد 29 يونيو وكذلك فى الأخبار بنفس التاريخ تصريحات للدكتور جابر عصفور يقول فيها إن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب العالم المثقف الذى يرفع راية وسطية الإسلام هنأ الدكتور جابر عصفور بتولى وزارة الثقافة وأن الدكتور عصفور رأى أن يرد على ذلك بزيارة فضيلة الإمام وأشار إلى أن علاقته بفضيلته وثيقة وترجع إلى سنوات عديدة مضت، وأن اللقاء بين فضيلة الإمام والدكتور جابر عصفور انتهى إلى تأكيد أمور ثلاثة أولها أن الأزهر ليس سلطة دينية وإنما هو مؤسسة إجتهاد ورأى يحظى بكل الاحترام والتقدير ، وأن الدستور يحكم كل مؤسسات الدولة ومنها الأزهر الشريف وكل فروع السلطة التنفيذية بما فيها وزارة الثقافة . وأن أى اختلاف فى الرأى يمكن حله عن طريق الحوار . بل وأضاف الدكتور جابر عصفور بعد هذا اللقاء أنه عرض على الإمام الأكبر أن يشارك الأزهر بعلمائه فى الأمسيات الرمضانية التى ستقام بدار الأوبرا بالمسرح الصغير وأن يحضر هذه الأمسيات ممثلون من دعاة وزارة الأوقاف يقدمون فى تلك الأمسيات وجهة نظر الإسلام الوسطية فى قضايا الاستنارة والدولة المدنية . ماذا كان فى مقدور » حارس التنوير » جابر عصفور أن يفعله أكثر من ذلك . ليت أولئك الذين يحرصون على الصيد فى المياه العكرة ويحرصون على تسميم العلاقة بين الدين والدولة يتوقفون عما يرتكبون من أوزار فى حق هذا الوطن وفى حق الدين الحنيف معاً . نقلا عن " الاهرام" المصرية