محمد فوده الرئيس حسني مبارك عندما يعقد اجتماعات وزارية لمواجهة ارتفاع الأسعار ويصدر توجيهات حاسمة للتخفيف عن المواطنين الذين يكتوون بنيران الغلاء. لا يكون هدفه بالتأكيد أن تكون هذه التعليمات مجرد مادة إعلامية تنشرها الصحف كمانشتات أو تذيعها القنوات التليفزيونية والإذاعات كأخبار. نحن ندرك جميعا أن الرئيس يريد أن يري تعليماته واقعا ملموسا يشعر به المواطنون في حياتهم اليومية. وأن ترفع له تقارير صادقة بأن تعليماته نفذت أو أن هناك عوائق تحول دون ذلك مع اقتراح حلول محددة بزمن معين. وفي ضوء تعليمات الرئيس تكون الحكومة أمام خيارات ثلاثة: * إما أنها تملك القدرة علي التنفيذ. ولديها الآليات اللازمة لذلك.. وتنفذ فعلا ويرتاح الناس. وتصبح أو تعود الحياة سهلة وبسيطة وممكنة. * إما أنها تملك القدرة ولكنها لا تنفذ لسبب أو لآخر وحينئذ يتم محاسبة المقصر. حتي إن وصل الأمر إلي الإعفاء من المنصب. * إما أنها لا تملك القدرة وبالتالي لا تنفذ.. وحينئذ لابد من طرح سؤال مهم: كيف يمكن لإنسان أن يقبل منصبا لا يستطيع القيام بأعبائه؟! هل يفرح الإنسان لتوليه منصبا رفيعا رغم أنه لا يملك مقومات هذا المنصب؟! فلا خطة ولا سياسة مرسومة مسبقا ولا قدرة علي التنفيذ.. الأمر الذي تبدو معه عملية تقلد المناصب كأنها ملهاة أو مسرحية عبثية!! عندما نتحدث أو نكتب عن ارتفاع الأسعار. فإننا لا نقصد من وراء ذلك اكتساب شهرة لم نسع إليها يوما.. وإنما نكتب عن واقع يعيشه الناس.. كل الناس باستثناء فئة لا تزيد علي 2 أو 3 في المائة منهم. الناس يتحدثون في الشارع.. في المواصلات.. في المكاتب في المصانع.. في أي مكان وأي تجمع ويتساءلون: ما الحل؟! كيف نعيش وقد بلغ سعر زجاجة الزيت 12 جنيها؟! الطعمية التي كنا نشتري 4 أقراص منها بجنيه أصبحت 3 أقراص فقط!! حتي مخابز الفينو تشكو.. الطن من الدقيق زاد في ستة أيام 700 جنيه!! كان الإخوة العرب يعايروننا في الماضي بأننا بلد الفول الذي يعتمد عليه الشعب في غذائه!! أين طبق الفول الشعبي الآن؟! يا ليته دام!! صحيفة الحياة اللندنية -وهي صحيفة محترمة- نشرت تحقيقا في صفحتها الأولي أمس الثلاثاء بعنوان: قتلي في طوابير انتظار الخبز في مصر.. وفتاوي لمعالجة الأزمة!! هل يعقل أن يموت عشرة مواطنين في طوابير الخبز؟! وهل يمكن أن يصل الأمر إلي أن يرتدي رجل النقاب ليقف في طابور السيدات الأقل طولا من طابور الرجال؟! هل يمكن أن تصبح مصر مادة تلوكها الألسن والأقلام بسبب رغيف الخبز؟!.. هل اقتنع المسئولون الحكوميون أنهم فشلوا في أزمة الرغيف؟! عيب.. وألف عيب! عن صحيفة المساء المصرية 12/3/2008