د . طارق الشيخ لم يجتمع أهل مصر والسودان علي الوقوف معا لمتابعة حدث كما فعلوا ذلك ليلة السبت الماضي . فقد اصطف الناس في وادي النيل شماله وجنوبه يتابعون مباراة بين منتخبي مصر والسودان في كرة القدم ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية التي تدور احداثها حاليا في غانا . إنه ليس جنونا كرويا عابرا كما يحدث كلما التقي الأهلي بالزمالك شمالا أو الهلال بالمريخ جنوبا بل هو جنون ممزوج بحماس يوشك تعدي الميدان الأخضر ليطرح أسئلة حقيقية حول مايصيب وادي النيل حقيقة. أولا قد لا يتنبه الكثير من الناس الي حقيقة تاريخية أن الكرة في البلدين نمت مبكرا ونهلت من منبع واحد حينما كان البلد الواحد اسمه مصر والسودان. كانت الفكرة التي جمعت يوم 8 يونيو عام 1956 عندما اجتمع في فندق "افينيدا" في البرتغال المصريان عبد العزيز سالم ومحمد لطيف والسودانيون عبد الحليم شداد وبدوي محمد وعبدالحليم محمد والجنوب افريقي فرد ويل ليناقشوا فكرة تأسيس الاتحاد الافريقي واطلاق مسابقة بين منتخبات القارة الافريقية . وكان الأباء المؤسسون للإتحاد الأفريقي لكرة القدم يلتقون مرة ثانية في الخرطوم عام 1957 ليتخطوا مرحلة القول الي الفعل وأحلوا اثيوبيا مكان جنوب افريقيا رفضا لنظام التمييز العنصري الذي أعلن في بريتوريا . وهكذا من وادي النيل ومن الخرطوم بالذات انطلقت أولي فعاليات كأس الأمم الأفريقية بعد يومين من عقد الجمعية التأسيسية في فندق الغراند هوتيل بالخرطوم بين السودان ومصر وفازت بها مصر 2-1 وأصبح المصري رأفت شرف صاحب أول هدف في تاريخ هذه البطولة . ولذا فحينما برزت فكرة الدورة الأفريقية بين قادة الاتحادات الرياضية في الدول الثلاث كانت تجمعهم محبة هذه اللعبة مثلما جمعتهم وفي ذلك الوقت المبكر فكرة مباراة الدول الأوروبية ودول العالم الأخري التي خطت خطوات كبيرة وقتها لتنظيم فعاليات قارية في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية . وقد تلاقت هموم وآمال الأباء المؤسسين للاتحاد الأفريقي في الدول الثلاث لتضع أسس الدورة الأفريقية التي أصبحت اليوم ماهي عليه الان ثالث أهم بطولة كروية في العالم بعد كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية . لقد تأسس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم بأيد سودانية مصرية ، وكانت البطولات الأولي ماهي الا تعبير وتأكيد لعمق الصداقة التي تربط بين شعوب الدول الثلاث المؤسسة وخاصة بين مصر والسودان . كانت البطولة تعبيرا يتعدي ماهو كروي الي ماهو سياسي حيث جاءت البطولة بعد عام واحد من استقلال السودان عام 1956 . وكان لاعبو مصر والسودان في عدد غير قليل منهم يشتركون ذات الفرق من الأهلي والزمالك والترسانة والإسماعيلي التي كانت تضم عددا من نجوم الكرة السودانية وافذاذها . وهي تقاليد ترسخت فيما بعد لتضم الفرق المصرية والسودانية لاعبين من البلدين وإن كانت كفة الأندية المصرية المرجحة بعدد النجوم السودانيين بها. (نواصل). عن صحيفة الراية القطرية 29/1/2008