لا أفهم موقف د. صفوت عبد الغني، ود. طارق الزمر، من مقالة الشيخ الفاضل والأستاذ الجليل عبود الزمر، ولا أفهم بيان الجماعة الإسلامية وتأكيدها بأن المقال لا يمثل إلا صاحبه، رغم أنه منشور في صفحة الرأي في "المصريون" (الموقع والجريدة )، وألف باء صحافة المقال لا يعبر إلا عن رأي صاحبه أو كاتبه. ولا أفهم لماذا التعريض بالشيخ عبود وكأنه لا يمثل الوجهة الرسمية للجماعة والتبرؤ منه، وللرجل أرائه الصريحة حتى التي اختلف فيها معي أقرب المقربين له وهو الشيخ الجليل طارق الزمر رده الله إلى وطنه سالما. لا أفهم كلما صدر صوت ينادي بإصلاح الجماعة ونقد موقفها التي أودت بالعمل الإسلامي المصري، وأضرت بالساحة الإسلامية العالمية أو طرح نقد ذاتي إداري لها نتناوله بالشك والريبة والتعريض والسلخ والسلق بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ. باختصار يا سادة، الموقف من ولاية الأسير والضرير والجريح لم يتغير، وهو الأقرب للفقه السياسي الإسلامي، فجماعة الجهاد كان موقفها من هذا الأمر قديما هو بطلان ولاية الأسير والضرير والجريح، ولجماعة الجهاد رسالة في هذا الشأن، وكان هناك صراع مرير مع الجماعة الإسلامية والجهاد على هذا الأمر الذي كان في الغالب مفتعل لإثبات تواجد الجماعتين على الساحة في أوائل الثمانينيات. تناقشت كثيرا مع فضيلة الشيخ وخاصة ما بعد 30 يونيو، ولست في حِل أن أنقل بعضها، وقال لي بالنص على قيادات الإخوان "ولقد شاهدت أكثر من حالة لإخلاء القادة المصابين أخطر هذه المواقف، كان في مركز قيادة الجيش الثاني الميداني حيث أصيب الفريق سعد مأمون بأزمة قلبية على إثر فشل تطوير الهجوم شرقاً، وكان الرجل وطنياً وخشي عواقب ذلك الأمر؛ فقررت القيادة العامة بالدفع بالفريق عبد المنعم خليل ليحل محله لإدارة الجيش في هذه الفترة العصيبة ". كنا نتحدث عن اعتصامي رابعة العدوية والقرارات الخاطئة الانفعالية المبنية على حماس المنصة في رابعة وشكواي من صبية الإعلام الإخواني الذين أضروا بقصد أو بدون قصد. فكان يجب أن تتنحى سريعا قيادات الإخوان الميدانية عن القرار والتقرير؛ لأن شبهة الانفعالات والضغط الفكري والمعنوي والتوحيد الموجه للقواعد في ميدان رابعة كان واضحة جدا جدا جدا جدا. والآراء التي يكتبها الشيخ عبود الزمر ليست للاستهلاك الإعلامي، ولا من قبيل التقرب من السلطة، فرجل له خبرة عسكرية كبيرة في الحروب سواء في حروب الاستنزاف وحرب أكتوبر والعمل الاستخباراتي والاستطلاع وفن مناورات العدو والتدريب الميداني وهذه خبرة الواقع، وخلاصة تجارب السجون وعنده ما لم يقله حتى الآن....!!. أطروحات الزمر الكبير كانت مفاجئة لدى البعض، ولكنني من خلال متابعتي له عبر ربع قرن أعرف قدر هذا الرجل وكيف يصنع مراجعات مستمرة لديناميكيات الحركة الإسلامية العاملة على الأرض منذ مشروع الجبهة الإسلامية عام 1988 والذي نشر في جريدة النور لحمزة دعبس والذي تناقلته الحركات في المغرب وتونس واستفادت منه أكثر من مصر. ولمعرفتي الوثيقة بطريقة كتابة الشيخ عبود فقد تناولنا كثير منها في شبكة الإعلام العربية "محيط"، أعرف أنه هو الذي يضع العناوين ولا يستطيع كائن من كان أن يتدخل في إعادة صياغة حرف واحد من مقال الزمر ولا يسمح هو أبداً بذلك، ولي مواقف كثيرة لا يسعني المقام لذكرها في هذا الشأن ....، على عكس ما قاله د. طارق الزمر "إن كل هذا رغم علمي أن عنوان المقال ليس من عندك وأن التحليل الذي سبق المقال وجه القارئ نحو وجهة معينة لم تقصدها". لا نريد أن نجرح في كل قادتنا الذين يطلقون مبادرات توافق وآراء متوازنة، تجربة السجون علمتنا، ومعها تجربة القادة الميدانيين مثل الشيخ عبود الزمر، وأنقل ما قالة أستاذنا د. كمال حبيب مقال عبود الزمر "الأسير لا يقود والجريح لا يقرر" فيه شجاعة وشعور بالمسئولية تجاه مصر، فالأوطان ووحدتها أبقي من الجماعات وتحزبها، لعبود خبرة جمعت بين العمل في الدولة والتنظيمات معا، ورغم أنه يتأخر في الجهر ببعض الآراء التي قد تثير جدلا، فإن ما دفعه لذلك المقال يعكس الشعور بالتنازع داخله حول قصف العقول والأفكار داخل التحالف الوطني والتحرر منها وقول ما يعتقده بصرف النظر عن النتائج، لقد فعلت ذلك مبكرا لأن الأمور أوضح من أن نقف حيالها مترددين. وللشيخ طارق أقول.. هذا هو "عبود الزمر" يا شيخ طارق!.