ما حاجتنا لوجود مفتي؟! مجدي سالم استكمالاً للحديث الذي بدأته الأسبوع الماضي تحت عنوان "الفاضي يعمل مفتي" وبعيدا عن الضجة التي يثيرها البعض حول الفتاوي والإفتاء في عصرنا أجد أنه من الضروري الإتفاق علي بعض التعبيرات التي نستخدمها.. وما تدل عليه من معني فقديماً فرق العلماء الكبار بين الإفتاء والوعظ.. وحتي في الإفتاء نفسه هناك فرق بين الإفتاء في مسألة.. والإفتاء في قضية وكل أمر من هذه الأمور له من يتصدي للحديث فيه. ومشكلتنا في العصر الحديث أن كل من هب ودب يعتقد أنه لديه القدرة والعلم علي الحديث في كل شيء.. ومن أجل ذلك ظهرت الفوضي القائمة اليوم في كل شيء.. وأصبح كل إنسان يعرف القراءة والكتابة أو حتي يمتلك ثقافة تليفزيونية ويتابع البرامج علي شاشة التليفزيون يعتقد أنه يعرف كل شيء.. ليس في الدين فحسب وإنما في كل الأمور. وهناك أيضاً من يعتقد أنه يمكنه الحكم علي الأمور في أي فرع من فروع العلم وذلك من خلال القراءة في الكتب والبحث حتي لو لم يكن يمتلك أدوات هذا البحث.. هذا في كل العلوم المختلفة.. خطأ ولكن في الدين الأمر أسوأ وأخطر لأن هناك من يظن قدرته علي معرفة الصواب والخطأ.. والحلال والحرام بمجرد اتباعه لقول "استفت قلبك" وكثيراً ما يلجأ إلي ذلك أصحاب القلوب الضعيفة الملوثة بمتع الحياة. ومن هنا يزداد الخلط في الأمور ويزداد تشويه الدين والأحكام الشرعية ويزداد الصراع والتعصب في الرأي ويصل إلي درجة قول أحد المثقفين في إحدي الندوات.. ما حاجتنا إلي وجود مفتي؟! وهو صادق في هذا السؤال وإن كان الهدف من طرحه يغلب عليه سوء النية!! والحقيقة إن السؤال الصادق مع وجود أكثر من مليون مفتي اليوم في مصر وكلهم يفتي برأيه ويتعصب له معتقداً أنه الصواب. وينسي الجميع بما فيهم كثيرون من كبار العلماء أن من يتصدي للإفتاء لا ينقل عن نفسه وإنما يتحدث بحكم الشرع فيما هو معروض عليه وأنه ليس مكلفاً إلا بالنقل فقط وليس إجبار الناس علي التقييد بما يقول حتي لو كان حكماً شرعياً لا خلاف عليه. ورب العزة سبحانه وتعالي ترك للبشر حرية الاختيار بين الإيمان والكفر مع الوعيد للكافر. ولنا في خطاب الله سبحانه وتعالي لرسوله الكريم وهو يوجهه لأداء الرسالة ودعوة الناس أكبر دليل علي ذلك "وما علي الرسول إلا البلاغ المبين" "ولا تحزن عليهم".. "لا إكراه في الدين". أعتقد أن ما نراه اليوم من فوضي سببه الأول هو عدم صدق النية.. فالذي يدعو إلي الله.. لوجه الله يختلف بكل تأكيد عمن يدعو إلي الله ابتغاء الشهرة والظهور وإثبات القدرة والعلم.. وهذا يكفي!!! عن صحيفة عقيدتي المصرية 28/11/2007