مجلس قومي لأمن مصر المائي عبد العاطي محمود الشافعي قلتها من قبل وأعلنتها مرارا مصر مائيا أمة في خطر وكيف لا فها هي مصر قد لامست إن لم تكن بالفعل قد تجاوزت خط الفقر المائي, وذلك أن حصة مصر من ماء النيل محددة منذ اتفاقية عام1959 بخمسة وخمسين ونصف(55.5) مليار متر مكعب سنويا, وآنذاك كان نصيب الفرد من الماء2600 متر مكعب سنويا, بما يتجاوز بكثير الحد الأدني المقرر عالميا للفرد وهو ألف متر مكعب سنويا, والآن وقد زاد عدد السكان ليصل الي ثلاثة أمثاله وتضاعف الطلب علي المياه, فقد انخفض نصيب الفرد في مصر الي أقل من(800) ثمانمائة متر مكعب سنويا, ولسوف يتناقص هذا القدر عاما بعد عام لنصل بعد سنوات معدودات الي حالة القحط المائي, فاذا ما أضيفت الي ذلك السلوكيات الخاطئة للاستخدام الجائر للمياه, باهدارها وتبديدها, في المزارع وفي المصانع, في المنشآت العامة وفي المساكن, اضافة الي تلويثها بكل صنوف الملوثات المدمرة لصحة الانسان ولحياة كثير من الكائنات.. وبما يسبب الكوارث البيئية علي نحو يطول شرحه مع ماتتكبده الدولة من نفقات طائلة لمواجهة بعض ولا أقول كل الآثار الخطيرة لهذا التلوث.. كل ذلك وغيره قد أدي الي النقص الشديد في كميات المياه الصالحة للاستخدام كما وكيفا ويدفعني إلي القول إن مصر مائيا أمة في خطر.. ثم.. ها هو نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه.. مهان غير مصون.. ليس له من وصي أو ولي شرعي.. وحتي وزير الموارد المائية والري ينازعه الاختصاص به معظم الوزارات وأكثر المحافظات والعديد من الجهات.. وبذلك تفرق دم نهر النيل بين القبائل.. استباح حرمته كل عابر سبيل.. وتجرأ عليه كل معتد أثيم.. وجري التطاول عليه ليل نهار وكأنه لم يعد نهرنا الخالد.. ولا هو سيد الأنهار, ومليارات الأمتار المكعبة من الصرف الصحي والصرف الصناعي ومختلف المخلفات المحملة بالمبيدات والميكروبات والسموم القاتلات.. تلقي في مجارينا المائية علي مسمع ومرأي من أهل الذكر. وكأنهم قد انقلبوا صما وعميانا! ناهيكم عن العشوائيات التي احتوت النهر من جميع الجهات تحرم المواطنين البسطاء من مجرد التنزه علي شاطئ النيل, ولكم خجلت من بعض الأجانب وهم في تعجب يتساءلون: لماذا يخاصم المصريون نهرهم العذب الفرات الحنون؟ لماذا لايصون المصريون نعمة الله عليهم نهر النيل.. لايقابلون وفاءه لهم بالوفاء.. ولايردون له بعض الجميل؟! والان فإنني أقترح إنشاء مجلس أعلي أو مجلس قومي رفيع المستوي يحفظ لمصر والمصريين أصل الحياة وتجتمع فيه كل الاختصاصات وتمثل فيه مع الشخصيات العامة كل الوزارات ويكون للمجلس سلطة كاملة وحصانة.. وقراراته نافذة, لأنه يختص بخدمة نهرنا الخالد وصيانته وحمايته وحراسته.. ومنع أي اعتداء عليه, يقود المجلس ومعه منظمات المجتمع المدني مسيرة دعوة المواطنين وحثهم علي ترشيد استخدام المياه وتجفيف منابع تلويثها, ونشر الثقافة المائية, بحيث تكون المحافظة علي المياه عنصرا اصيلا من عناصر ثقافتنا, تلتزم به أجيالنا الجديدة, صونا لهذه الموارد وتحقيقا لأفضل استخدام لها. عن صحيفة الاهرام المصرية 13/11/2007