أعلن الدكتور عبد العزيز التويجري ، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " إيسيسكو " في كلمة ألقاها صباح اليوم الأحد 22 مايو الجاري ، في بداية الجلسة الختامية للاجتماع السنوي الخامس والعشرين لمنتدى كرانز مونتانا ، أن الإيسيسكو تعمل من خلال التجديد في الرؤى والأهداف، والتحديث في الوسائل والآليات، والتطوير في المناهج والنظم، لمواكبة المتغيرات، ولمسايرة المستجدات، وللتكيف مع التحولات، لتحقيق الأهداف الإنسانية السامية التي أنشئت هذه المنظمة من أجلها. وقال إن الإيسيسكو منظمة إسلامية إقليمية متخصصة في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال، تواكب التطورات التي تشهدها هذه المجالات على الصعيد العالمي، فهي تتجدَّد وتتطور وتنمو وتزداد قوة ً وقدرة ً سنة بعد أخرى، وهي من جهة أخرى، تنفتح على آفاق العصر، وتساير المتغيرات في مجال اختصاصاتها، وتندمج في صلب انشغالات الأسرة الدولية بقضايا التربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والاتصال، وبالحوار بين الثقافات، ونشر ثقافة العدل والسلام، وبتعزيز قيم التسامح والوئام بين الأمم والشعوب، وبمحاربة الكراهية والعنصرية والتطرف والإرهاب. وأضاف إن الإيسيسكو أصبحت فاعلا ً في المشهد العالمي، تحمل رسالة إنسانية تُستمد عناصرُها من القيم الإسلامية السامية التي تحضّ على السلام في الأرض والوئام بين البشر، من خلال (التعارف) بالمفهوم القرآني، انطلاقًا من قوله تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير. كما ذكر أن المنظمو تساهم في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، على أساس من ميثاقها الذي نصَّ على (تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها، والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل)، وأنها ليست جهازا ً منغلقًا على نفسه، وليست منظمة جامدة لا تتحرك، ولكنها منظمة إسلامية متجددة متطورة تعمل في إطار منظمة التعاون الإسلامي، تنفتح على ما يجري في هذا العالم المتغير باستمرار، وتواكب المستجدات، وتتابع أحدث المناهج والبرامج والنظم التربوية والعلمية والسياسات الثقافية التي تصنع التقدم في جميع المجالات، من خلال تطوير التنمية الشاملة المستدامة وفقًا للمعايير المعتمدة في الأهداف الإنمائية للألفية. و أضاف إن النهج الذي تسير عليه الإيسيسكو هو الترجمة العملية ل (المساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل)؛ لأن السلام يصنع في العقول، والعقول تصاغ بالتربية البانية وبالتعليم الجيّد. والسلام ينبثق من الاستقرار، ومن العدل والمساواة، ومن احترام حقوق الإنسان. وكل ذلك ينشأ من ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للأفراد والجماعات، ومن احترام إرادة الشعوب وحقها في الحياة الحرة الكريمة، وفي الحفاظ على خصوصياتها الروحية والثقافية والحضارية، وأن ذلك كله رهنٌ، من وجوه كثيرة، بازدهار التنمية التي تقوم على تسخير العلوم والتكنولوجيا في النماء الاقتصادي والبناء الاجتماعي. أما عن الظروف الإقليمية والدولية التي تأسست فيها الإيسيسكو، فقال إن المنظمة تأسست قبل اثنتين وثلاثين سنة، في المرحلة التي سبقت التحولات الكبرى التي عرفها العالم بعد سقوط حائط برلين، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وتفكيك الكتلة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، مشيرًا إلى أن في تلك المرحلة دخل العالم الإسلامي قرنًا جديدًا شهد عقدُه الأول أحداثًا عاصفة هزت العالم الإسلامي، وكان لها انعكاسات واسعة التأثير على مسرح السياسة الدولية. ومن تلك الأحداث التي مهدت لما عرفه العالم عند مطلع التسعينيات من القرن الماضي، الغزوُ السوفياتي لأفغانستان الذي كان البداية لنهاية الاتحاد السوفياتي، والذي امتدت تأثيراته ووصلت مضاعفاته إلى مناطقَ شتى من العالم، خصوصًا المنطقة العربية التي عرفت متغيراتٍ عميقة ً لم تكن منفصلة ً عن مَاجَرَيات الأحداث العالمية. وذكر أن الإيسيسكو عاشت في خضم تلك المرحلة الفاصلة بين عهدين، مندمجة ً في مجالات اختصاصاتها التي تهدف إلى تعزيز التنمية التربوية والعلمية والثقافية للعالم الإسلامي. وهي المجالات الأكثر حيوية ً؛ لأنها تدخل في صميم التنمية الشاملة المستدامة. فكانت تساير تلك التحولات، وتتطور باستمرار لتتكيَّفَ مع المتغيرات التي يعرفها العالم في هذه القطاعات الحيوية، بحيث كانت الإيسيسكو تتجدد في كل خطة عمل ثلاثية، حتى أصبحت تلتزم التجديدَ من جميع النواحي وعلى جميع المستويات، منهجًا لها تعتمده وتلتزمه وتنفذه. وأعرب الدكتور عبد العزيز التويجري عن تقديره لاختيار الموضوع الرئيس لهذه الجلسة، وهو : (دور الإيسيسكو في تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات)، انطلاقًا من الرسالة الحضارية الإنسانية التي تنهض بها هذه المنظمة، في مجال تعزيز قيم الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، ونشر ثقافة السلام والتسامح والوئام والتفاهم والتعايش بين الأمم والشعوب، إلى جانب تقديم الرؤية الإسلامية المستنيرة إلى القضايا الإنسانية التي تشغل اهتمام المجتمع الدولي في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها العالم. يذكر أن الإيسيسكو استضافت في مقرها الدائم بالرباط ، خلال الفترة من 19 إلى 22 يونيو 2014، أعمال الاجتماع السنوي الخامس والعشرين لمنتدى كرانز مونتانا، الذي عقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية، تحت شعار (العلاقات جنوب-جنوب : من خيار استراتيجي إلى ضرورة ملحة). وحضره عدد من رؤساء الدول والحكومات والوزراء، ورؤساء المنظمات الدولية، والخبراء الاقتصاديين، ورجال الأعمال من دول عديدة.وتابع أعماله عدد من ممثلي وسائل الإعلام المغربية والعربية والدولية.