رأت صحيفتان غربيتان صدرتا اليوم الاثنين أن اشتعال القتال في ليبيا من جديد بين عناصر العسكرية القديمة التي كانت تابعة للعقيد الراحل معمر القذافي والميليشيات الإسلامية القوية يعكس الانقسام الحاد القائم بين الجماعات المسلحة التي تتظاهر بالتقوى وتدعي أنها كانت في طليعة الانتفاضة المدعومة من قبل حلف الناتو ضد القذافي والعديد من الليبراليين الذين تفوقوا على منافسيهم الإسلاميين في انتخابات 2012. فمن جانبها، أشارت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إلى إدانة الحكومة الليبية لما وصفته بمحاولة انقلابية تمت على أيدي المقاتلين التابعين للواء المنشق خليفة حفتر عندما شنوا هجوما على البرلمان وأعلنوا تعليق عمله وشكلوا مجلسا تأسيسيا وحكومة طوارئ. ونسبت الصحيفة –في تعليق لها بتثه على موقعها الالكتروني- تصريح محمد الحجازي، المتحدث باسم حفتر، بأن هذا البرلمان يدعم الكيانات المتطرفة، لذلك كان الهدف من ذلك هو القبض على هؤلاء الإسلاميين الذين يتخفون تحت عباءة السياسة. ولفتت الصحيفة إلى أن حفتر كان يعيش في الولاياتالمتحدة حتى عام 2011 بعد أن انشق عن نظام القذافي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، فيما تتوارد أقوال عنه تكشف إمكانية وجود اتصالات قوية بينه وبين أجهزة استخباراتية غربية كانت تسعى للإطاحة بالعقيد الراحل. وأوضحت الصحيفة أن كثيرين في ليبيا يتهمون الميليشيات الإسلامية بالوقوف وراء حملة الاغتيالات التي طالت عشرات الجنود السابقين والحاليين، فضلا عن ضباط الشرطة والقضاة، وقالت:" إن جذور هذه الميليشيات تمتد إلى الجماعات المسلحة التي تسيطر حاليا على البلاد وتدعي أنها قاتلت ضد القذافي في عام2011، فيما تُعتبر هذه الجماعات السبب الرئيسي للمشاكل الأمنية التي تعصف بليبيا، لكنها تحتفظ في الوقت ذاته بعلاقات قوية مع السلطات المركزية الضعيفة في طرابلس". وحذرت الصحيفة البريطانية من أن محاولة حفتر لإزاحة الحكومة الليبية قد تؤدي إلى رد فعل عنيف من شأنه إغراق البلاد في حرب أهلية شاملة، معتبرة أن ميليشيات مدينة مصراته، وهي ثالث أكبر مدينة ليبية، تعد أقوى وأفضل تسليحا من القوات المسلحة الليبية. واختتمت "فاينانشيال تايمز" تعليقها بذكر تعهد حفتر بتخليص بنغازي من الميليشيات المتشددة، بما فيها كتيبة 17 فبراير وجماعة راف الله السحاتي، المدعومتان من جانب الحكومة الليبية التي خولت إليهما مسئولية تعزيز الأمن في بنغازي. بدورها، رأت صحيفة "جلوبال بوست" الأمريكية أن أي تحالف بين ميليشيات مسلحة للوقوف ضد الجماعات الإسلامية قد يهدد بتعميق الفوضى في هذه الدولة المنتجة للنفط، والتي تكافح حكومتها الضعيفة لكسب الشرعية وبسط نفوذها على الكتائب المسلحة المُشكلة من المقاتلين السابقين. وأوضحت الصحيفة –في تعليق بثته على موقعها الالكتروني- أنه لم يتكشف حتى الآن عدد الأشخاص الذين يدعمون رجال حفتر داخل القوات المسلحة الليبية أو ألوية المتمردين السابقين أو ما إذا كان البرلمان ما يزال خاضعا للسيطرة الحكومية عقب الهجوم. وقالت:" إنه منذ نهاية نظام حكم الرجل الواحد بمقتل القذافي، بدت الميليشيات المؤلفة من المتمردين السابقين كسماسرة سلطة بحكم الواقع نتيجة الفراغ السياسي الكبير، مما ساعدهم على إنشاء مناطق نفوذ لهم واستعراض قواهم لفرض مطالبهم على الدولة". وأوضحت أنه مما يزيد من الفوضى قيام قائد التمرد السابق إبراهيم الجضران، الذي احتل موانئ نفط بشرق البلاد الصيف الماضي، بالإعلان عن دعمه لخطوة تجميد عمل البرلمان وتسليم السلطة الشرعية لمجلس تأسيسي. وحول أداء البرلمان الليبي، ذكرت "جلوبال بوست" أنه أصيب بالشلل نتيجة احتدام الخلافات السياسية بين الإسلاميين المرتبطين بجماعة الاخوان المسلمين بمصر والقوميين الليبراليين، مما ترك معظم الشعب الليبي محبطا نتيجة لعدم إحراز أي تقدم ملموس منذ انتهاء الحرب.