في ظلّ تفاعل الحركة المطلبية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب والبحث الجاري منذ عامين عن مصادر لتمويلها، يبقى هناك نوافذ صغيرة قد يعتبرها البعض غير ذي قيمة، لكن في امكانها جباية جزء من الأموال للدولة. وبدلا من زيادة الرسوم على تذاكر السفر بحوالي 100 دولار، كان من الممكن فرض رسوم على تأشيرة الدخول الى لبنان، بذريعة المعاملة بالمثل، والتخلّي عن إخضاع المواطن اللبناني الى المزيد من الاعباء. لا يُغني اعتبار لبنان دولة سياحية، الحكومة، عن فرض رسم مالي على تأشيرة الدخول الى لبنان. فأهم الدول السياحية في العالم تفرض رسوما على تأشيرات الدخول. منها ما هو رمزي ومنها ما قد يصل الى مبالغ كبيرة. اذاً، في المفهوم العالمي، لا ينحصر جذب السياح بمجانية تأشيرة الدخول. واي رسم ولو بسيط يفرض على تأشيرة الدخول الى لبنان قد يساهم ولو بجزء صغير ايضا في زيادة الايرادات. قد يكون الظرف اليوم غير مناسب في ظل تراجع عدد السياح الوافدين الى لبنان. لكن في ذروة السياحة، لم يطرح احد هذا الاقتراح. فالدولة اللبنانية، لمن لا يعلم، تمنح تأشيرة دخول وإقامة مجانية في مطار رفيق الحريري الدولي والمراكز الحدودية لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد حتى سنة لرعايا دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية– الكويت– الامارات– البحرين– قطر– عمان) إضافة إلى رعايا المملكة الاردنية الهاشمية (الذين يحملون الرقم الوطني على جواز سفرهم)،القادمين للسياحة، وكذلك افراد عائلاتهم والخدم والسائقين المرافقين لهم. كما تمنح تأشيرة دخول مجانية في المطار والمراكز الحدودية لمدة ستة اشهر ولعدة سفرات قابلة للتجديد: للدبلوماسيين العرب والاجانب، الخدم المرافقين للدبلوماسيين العرب والاجانب المعتمدين في لبنان، والخدم المرافقين للعائلات اللبنانية المقيمة في الخارج. اضافة الى هذا التمييز الذي تتمتع به دول مجلس التعاون الخليجي، تمنح تأشيرة دخول واقامة مجانية لمدة شهر قابلة للتمديد حتى ثلاثة اشهر لرعايا الدول التالية القادمين للسياحة: اندورا، انتيغا وباربودا، ارجنتين، ارمينيا، استراليا، اوستريا، اذربادجيان، باهاماس، باربادوس، بيلاروسيا، بلجيكا، بحوتان، برازيل، بلغاريا، كندا، شيلي، الصين، كوستا ريكا، كرواتيا، قبرص، دنمارك، استونيا، فنلندا، فرنسا، جورجيا، المانيا، بريطانيا، اليونان، هولندا، هونغ كونغ، هنغاريا، ايرلندا، ايطاليا، ايران، اليابان، كازاخستان، لاتفيا، ماليزيا، مكسيك، نيوزيلندا، النروج، بولندا، برتغال، رومانيا، روسيا، صربيا، سنغافورة، سلوفاكيا، سلوفانيا، اسبانيا، اوكرانيا الولاياتالمتحدة، فنزويلا ... في معادلة حسابية للايرادات السنوية التي يمكن جبايتها من فرض رسم على تأشيرة الدخول الى لبنان، باعتبار انه في العام 2013، زار لبنان 1,3 مليون سائح من مختلف دول العالم، ويتوقع وزير السياحة ان يزيد هذا العدد الى 1,7 مليون سائح هذا العام في حين بلغ عددهم 2,365 مليون في العام 2012، و2,655 في العام 2011 و 2.3 مليون سائح في العام 2010. وفقا لهذه المعطيات، فالايرادات الضائعة التي كان من الممكن تحقيقها من رسم بسيط قد يبلغ في الحدّ الادنى 20 دولارا ولم يكن ليثني اي سائح عن زيارة لبنان، تقدّر ب 26 مليون دولار في العام 2013، 47 مليون و300 الف دولار في العام 2012، و 53 مليون و100 الف دولار في العام 2011، و46 مليون دولار في العام 2010، ويمكن ان تبلغ، وفقا للتقديرات، 34 مليون دولار في العام 2014. ولدى مقارنة مواطني لبنان بمواطني الامارات العربية المتحدة الذين شكلوا 15 بالمائة من اجمالي الانفاق السياحي في لبنان في الربع الاخير من عام 2013، يتبيّن ان كلفة تأشيرة الدخول الى الامارات تبلغ 68 دولارا، تصلح كزيارة لمدة 55 يوماً ابتداءً من تاريخ دخول الإمارات العربية المتحدة، يمكن تجديدها لشهر إضافي بكلفة تبلغ 170 دولارا. واذا تمّ اعتماد مبدأ المعاملة بالمثل، وفرض تأشيرة دخول تبلغ 68 دولارا على مواطني الامارات الذين يبلغ السياح منهم الى لبنان حوالي 900 شهريا، اي بمعدل 10800 سائح اماراتي سنويا، لكانت الايرادات المتأتية من تأشيرة الدخول لمواطني الامارات فقط، لتبلغ 734 الف و400 دولار سنويا. فرعون في هذا الاطار، اكد وزير السياحة ميشال فرعون رفضه لفرض اي رسوم على تأشيرة الدخول الى لبنان في الوقت الحالي، «لان الهدف تفعيل القطاع السياحي وجذب السياح الذين بدورهم يؤمنون الايرادات للخزينة بطرق أخرى كالضريبة على القيمة المضافة وغيرها». بالاضافة الى ذلك، أعرب فرعون عن رفضه للبند الذي أقرّه مجلس النواب ضمن مشروع تمويل سلسلة الرتب والرواتب، والذي يقضي بزيادة الرسوم على تذاكر السفر بين 75 و150 الف ليرة. وقال انه لم يكن حاضرا خلال جلسة مجلس النواب حينها. وسيحاول التفاوض مع المعنيين ، إلا ان الواضح ان هناك حاجة للتمويل. واعتبر فرعون ان الوقت ليس مناسبا اليوم لزيادة اي رسوم، «بينما نسعى لتفعيل القطاع السياحي وجذب السياح»، مشددا على ان الوضع لا يسمح للضغط على القطاع من اي ناحية كانت». كما لفت الى ان زيادة الرسوم على تذاكر السفر ستؤثر سلبا، من حيث الاسعار، على الرزم السياحة التي اعدتها وزارة السياحة بالتعاون مع شركة طيران الشرق الاوسط ضمن حملتها السياحيّة «Live love lebanon». عبود بدوره، لم يبد وزير السياحة السابق فادي عبود تأييدا لفرض رسوم على تأشيرة الدخول الى لبنان. وقال انه يجب المحافظة على صورة لبنان الانفتاحي والسياحي، «فالسائح منزعج اصلا من اسعار التذاكر المرتفعة الى لبنان». واشار الى انه «لا يمكن ان نعطي صورة ان لبنان بلد للميسورين فقط، لأن هذه النظرية سبق ان كلّفتنا الكثير». في المقابل، وحول زيادة الرسوم على تذاكر السفر، قال عبود «ان تذاكر السفر الى لبنان، نظرا للمسافة، قد تكون من الاغلى في العالم. اذا قمنا بمقارنة اسعار التذاكر من اوروبا الى عمان، او لارنكا او القاهرة او بيروت، يتبيّن ان الاسعار الى بيروت هي الاغلى». واعتبر انه يجب أخذ هذا الموضوع بالاعتبار، لدى قرار زيادة رسوم تذاكر السفر فلسا واحدا. كما كشف عبود ان هناك لغطا بالنسبة للضرائب المفروضة على تذاكر السفر، بحيث لا يدري المستهلك ان الضرائب التي يدفعها اضافة الى سعر تذكرة السفر ليست جميعها ضرائب تعود الى الدولة. فجزء منها هو ضرائب الدولة، والجزء الاكبر منها هو رسوم الوقود التي تفرضها شركات الطيران، والتي لا يجوز اعتبارها ضرائب. وبالتالي يتمّ استخدام هذه الطريقة في التسعير لتضليل المستهلك. من هنا، رأى عبود ان الزيادة التي طرأت على رسوم التذاكر تعتبر طفيفة مقارنة بالرسوم التي تفرضها شركات الطيران تحت تسمية «ضريبة» وهي في الواقع «رسوم وقود». وقال انه «لو كانت المضاربة مشروعة، لما كانت تلك الزيادة ستؤثر على اسعار التذاكر التي بدورها لن تكون مرتفعة أصلا».