رصد الناقد الأمريكي تشارلز كروثامر استجابة الرئيس الأمريكي باراك أوباما المكونة من 949 كلمة على "سؤال" كشف عن ضعف سياسة أوباما الخارجية وأظهره في أسوأ حالاته، ووضعه في موقف دفاعي، وسبب تعكر مزاجه، وأظهر تناقضه، وبعده عن الواقع في بعض الأحيان. وأوضح كروثامر، في تقرير أورده الموقع الإخباري الأمريكي "هافنجتون بوست" اليوم الجمعة، أن ضعف السياسة الخارجية تجلى في عدم القدرة على إبرام اتفاق التجارة مع اليابان وفشل مفاوضات وزير الخارجية الامريكي جون كيري في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك، انهيار مؤتمري جنيف بشأن الأزمة السورية، وأيضا العجز الأمريكي في وجه العدوان الروسي ضد أوكرانيا. وسلط الكاتب الضوء على حلقة من مسلسل المواقف المحرجة التي عايشها أوباما حين حول وجهته من أوروبا صوب السعودية قاطعا مسافة 2،300 ميل لإجراء مقابلة مع العاهل السعودي استمرت ساعتين -دونما عشاء- بحسب كروثامر. وأشار صاحب المقال إلى أول خطاب دفاعي لأوباما والذي تساءل فيه عن "سر الحرص الشديد الذي يبديه الجميع على استخدام القوة العسكرية"، واستنكر كروثامر تساؤل أوباما قائلا: "الجميع!! ألم تكن يا سيادة الرئيس من قرر مهاجمة ليبيا وفقا لمبادئ أوباما الكبرى (تحمل المسؤولية لحماية) المدنيين العزل؟"، مضيفا أن كل مقطع من كلمات أوباما يتناقض تماما مع ذبح 150 ألف مدني أعزل في سوريا. واستطرد قائلا لماذا لم تهاجم سوريا بعد أن تجاوزت "الخط الاحمر" الذي وضعته أنت باستخدام الأسلحة الكيماوية، وكما عهدناك، تراجعت تراجعا ذريعا، ونتيجة لذلك، همشت نفسك وعرضت الولاياتالمتحدة للسخرية العامة. وكرر الكاتب جملة أوباما "الجميع حريصون على استخدام القوة العسكرية"، مطالبا إياه بذكر اسم زعيم واحد في الحزب الجمهوري أو "الديمقراطي" دعا إلى إرسال قوات إلى أوكرانيا. ولفت كروثامر إلى الانتقادات التي صرح بها جون ماكين وغيره إزاء مجيئ الأوكرانيين الشهر الماضي يطالبون بأسلحة للدفاع عن أنفسهم، وقوبل طلبهم بالخذلان، وعرضت وزارة الدفاع الأمريكية عوضا عن ذلك، البرغر الجاهز للأكل، لمواجهة 40 ألف روسي مسلحين جيدا، ذاكرا أيضا، رفض أوباما لإمداد أوكرانيا بعتاد دفاعي مثل نظارات الرؤية الليلية و الدروع الواقية للبدن. وأورد الكاتب رد أوباما على تلك الانتقادات: "هل يعتقد أي شخص أن التسليح العسكري الأوكراني من شأنه أن يردع روسيا؟ بدلا من سلاح الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية من جانب أوباما.. فيما يخص الشأن الأوكراني، ما فعلناه هو تعبئة المجتمع الدولي ضد روسيا بحيث تجد نفسها متورطة في أنشطة يرفضها العالم كله". وتساءل كروماثر هل هكذا يكون الردع؛ بالخوف من مواجهة النقد، والاكتفاء بكلمات جوفاء؟، مؤكدا وهمية التعويل على أن استراتيجية أوباما تستطيع إيقاف مسار نظيره الروسي فيلاديمير بوتين "محرر شبه جزيرة القرم" وبطل "روسيا الجديدة". ورصد الكاتب في هذا الصدد ارتفاع شعبية بوتين نقاط في روسيا منذ بداية حربه على أوكرانيا بأن أصبحت توازي ضعف شعبية أوباما في أمريكا. وتابع، أما بالنسبة لتعبئة المجتمع الدولي المزعومة، فإن هذه التعبئة لم تفعل شيئا واضحا لردع بوتين عن ضم شبه جزيرة القرم. أو لردع حملته المنظمة لزعزعة الاستقرار و العنف الانتقائي في جمهورية دونيتسك الشعبية، حيث حولت (الحرب المقنعة) شرق أوكرانيا إلى أرض محرمة حيث لا يكاد يجرؤ أحد في كييف على دخولها. أما بالنسبة للعقوبات الاقتصادية المزعومة لأوباما، عندما طرح أخيرا في جميع أنحاء العالم تطبيق الجولة الثانية من العقوبات يوم الاثنين الماضي، رصد الكاتب ضعف تلك العقوبات من خلال مؤشرات الأسواق؛ حيث ارتفع الروبل بنسبة 1 بالمائة وارتفعت نسبة التداول في بورصة موسكو ب2 بالمائة. واختتم كروثامر مقاله بالإشارة إلى أن أحدا لا يدعي أن تسليح أوكرانيا قد يردع نهائيا إجراءات بوتين الحالية، ولكن احتمال وجود مقاومة أوكرانية دامية وطويلة أمام التسلل أو الاجتياح سيغير بالتأكيد حسابات التفاضل والتكامل لبوتين أكثر من عقوبات أوباما التي وصفها أنها بلا أسنان أو الإيماءات الدبلوماسية الفارغة، مثل اتفاق جنيف غير المعقول الذي لا يساوي قيمة الورق الذي كتب عليه.