احتضنت منطقة "مشرق الشمس"، على سفح جبل سمّامة في محافظة القصرين غربي تونس، يوم الأحد، الدورة الثالثة لمهرجان "عيد الرعاة". والمهرجان، الذي نظمته مجموعة من النشطاء والجمعيات المدنية ليوم واحد. وتظاهرة عيد "الرعاة" في "مشرق الشمس"، هي الأولى من نوعها عربيًا، واتخذت من سفوح جبل سمامة مسرحا لها وتحولت منحدراته إلى فضاء لتجسيد قيادة القطيع نحو الرعى ومحاكاة لحياة الراعي اليومية في كل جوانبها وفقرات فنية متنوعة واستحضار للتاريخ، بحسب مراسل الأناضول. وهدفت التظاهرة، كما قال مدير المهرجان عدنان الهلالي، لوكالة الأناضول، إلى "رد الاعتبار للمهنة الأم في محافظة القصرين (رعاية الماشية) وهي إحياء واهتمام لتقاليد ضاربة في التاريخ واحتفاءً بالرعاة المرابطين بهذه الفيافي (الصحراء) يحمونها ويعمّرونها". وفي منطقة الوسط الغربي لتونس، وخاصة جهة القصرين، تعد تربية الماشية النشاط الرئيسي لساكني الأرياف الذين لايزال الكثير منهم متمسكا بهذا النشاط رغم كثرة الصعوبات. وحسب وزارة الزراعة التونسية، فإن عدد الماشية في محافظة القصرين من أغنام وماعز يتجاوز 300 ألف رأس، ويساهم مساهمة كبيرة في التشغيل وتوفير مورد الرزق، إضافة إلى الحفاظ على حجم القطيع. وأضاف الهلالي أن "هذه التظاهرة تنتظم في هذا الظرف الاستثنائي الذي تمر به محافظة القصرين والتي أصبحت جبالها غير آمنة، وحُرم الرعاة من جبال رعتها قطعانهم منذ زمن بعيد". وأعلنت القوات العسكرية التونسية جبال الشعانبي ومناطق محاذية لها مناطق عسكرية مغلقة منذ يوليو/ تموز الماضي، في إطار المواجهة مع مجموعات "إرهابية" متمركزة بجبال المنطقة (جبل الشعانبي، جبل سمامة، جبل السلوم، وجبل المغيلة)، وهو ما يعد تضييقا على الرعاة التي تمثل الجبال مراعي طبيعية لقطعانهم، كما يقول أهالي المنطقة. وأشار عدنان الهلالي إلى أن "الدورة الثانية للمهرجان التي نُظمت في مايو/ أيار الماضي والتي تزامنت مع بداية العمليات العسكرية في تعقب المجموعات الإرهابية بجبال الشعانبي، اختير لها شعار (الرعاة يمشطون جبالهم) تأكيدا لانخراط الرعاة وأهل البوادي في حراسة هذه الجبال". واحتفالا بهذه التظاهرة، نظم الرعاة عرضهم بقطعان انتشرت على منحدرات الجبل، فيما أمسك كل منهم بعصاه يهش بها على غنمه. كما تحولت منحدرات الجبل، حيث نصبت خيمة لاستقبال الضيوف مفتوحة، إلى مسرح شاركت في الغناء عليه الفنانة زهرة لجنف (فنانة مشهورة بأدائها للأغاني البدوية في تونس) ومجموعة من نسوة "مشرق الشمس" واللائي دندن بأهازيج بدوية من تراث المنطقة بمصاحبة عازف القصبة (الناي)، وفقا لمراسل الأناضول. وقال محمد الهادي المحمودي، المنسق الميداني لعيد الرعاة، لوكالة الأناضول، إن "عيد الرعاة يعطي أهمية كبرى للجانب الثقافي من خلال العودة إلى التراث وإعطاء القيمة الفنية والثقافية للرعاة، وإبراز دور الراعي كفنان ومثقف". وأضاف "في هذا السياق أقمنا توأمة بين المهرجان في مشرق الشمس وقرية بورين الفلسطينية بنابلس (شمالي الضفة الغربية) تأكيدا على التواصل والتضامن المتواصل مع الشعب الفلسطيني".