د.جليلة القاضي: الدرب الأحمر تحول إلى مسخ قبيح قبة جامع الإمام الشافعي مهددة بالسقوط جامع "طنبغا المارداني" تقع منه الزخارف الرخامية والحوائط مهددة بالانهيار هدم بيت الشيخ "قراعة" وانهيار قصر" يشبك" سرقة الحشوات البرونزية للمرة الثانية من الباب الرئيسي لجامع "السلطان برقوق سرقة حشوات جامع "المارداني" الغيطاني: الآثار الإسلامية لا حام لها وبلا رعاية "قمامة وقبح وهدد" هذا هو حال القاهرة التاريخية صاحبة الألف مئذنة، هذا ما أكده مؤتمر "الحملة القومية لإنقاذ القاهرة التاريخية"، والتى تتبناها مكتبة القاهرة وجريدة "الأخبار"، الذي استضافته مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك اليوم؛ للمطالبة بإنقاذ المدينة التاريخية والتصدى للانتهاكات التى دمرت التراث المعمارى والعمرانى للقاهرة؛ مما يهدد بطمس معالمها، ومن ثم رفعها من قائمة التراث العالمي. وقدم القائمون على الحملة بلاغاً إلى النائب العام ضد محافظ القاهرة ورؤساء الأحياء الموجودة بها آثار القاهرة التاريخية، وأكد البلاغ أن محافظة القاهرة سارعت بهدم المباني حول المحكمة الدستورية العليا، وهي ليست أهم من القاهرة التاريخية، فعلى المحافظة التحرك فوراً. وأكدت د. جليلة القاضي العالمة المصرية التي تعيش في فرنسا، والحاصلة علي بكالوريوس العمارة من جامعة القاهرة أن البلاغ ليس مجرد شكوى ضد موظفين، بل يتحدث عن خطر جسيم، فالانتهاكات والعشوائية في البناء قد تسهم في اتخاذ اليونسكو قراراً بحذف القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي. وطالب البلاغ بسرعة التحقيق واتخاذ كافة الإجراءات الحاسمة والتحقيق مع السادة المبلغ ضدهم لوقف هذه الجريمة التي تتم في تحدِ سافر. وأكد الكاتب جمال الغيطاني ل"محيط" أن القاهرة التاريخية أصبحت "مستباحة"، فأكثر من منطقة بها تعديات، وتشوهات لذلك البلاغ إلى النائب العام ضرورة. وفي كلمتها بالمؤتمر أكدت د.جليلة القاضي أن تسجيل القاهرة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي سابقة على حلب ودمشق، كما أن مصر كانت من أوائل الدول التي سنت تشريعات وقوانين تساهم في الحفاظ على الآثار منذ عام 1853، وجاء تسجيل القاهرة ضمن قائمة التراث العالمي باعتبارها عملاً فنياً عظيماً، وهي مثال فريد خارق للعادة. كانت القاهرة التاريخية وفق استعراض القاضي في بداية الثمانينات قد تعرضت للإهمال، والبناء العشوائي، فقد عانت من الإقصاء والإهمال والتدمير، ففي السبعينيات انهارت قبة الحسين، وقادت الكاتبة نعمات أحمد فؤاد حملة ضد إهمال التراث. وبعد زلزال 1992 أضيرت كثير من المنشآت التاريخية التي كانت قد رممت من قبل – تواصل القاضي - ومن عام 1992 حتى 2011 على مدار حقبتين استعادت القاهرة التاريخية خلالها بعض المواقع الأثرية والتراثية الهامة رونقها، لكن بعد الثورة تدنى الأداء الأمني وساعد ذلك على ظهور السلب والنهب للمواقع الأثرية، وتحولت منطقة الدرب الأحمر إلى مسخ قبيح، وأصبحت القاهرة مهددة بالخروج من تراث الإنسانية. وأصبحت الآثار مستباحة من سرقة أبواب ومشربيات، والاستيلاء على النافورات والمنابر، ونزع بلاط الأرضيات!. وتؤكد أن الحملة القومية لإنقاذ القاهرة التاريخية تأتي لإطلاق صرخة مدوية للمطالبة بالتحقيق في السرقات التي تمت. الآثار الإسلامية بلا حراسة من جانبه وصف الكاتب الكبير جمال الغيطاني رئيس مجلس إدارة مكتبة القاهرة الكبرى أن وضع الآثار في مصر مقلق جداً، قائلاً: منذ سنوات وآثار القاهرة الإسلامية تتعرض لعملية نهب منظمة وممنهجة، مطالباً وزارة الداخلية والانتربول الدولي بتتبع الآثار المسروقة، معرباً عن أسفه لسرقة الآثار الإسلامية، قائلاً أن الاحتلال لم يستطع النيل من هذه الآثار، بينما فرط المصريون بها، فتم سرقة جامع "المارداني"، وباب "السلطان برقوق". يواصل الغيطاني: حوالي 20 أثر تم اختفائهم، وقدمت بعد سرقة 81 حشوة من الأبنوس من جامع "المارداني" قائمة بالآثار المتوقع سرقتها، وقد حدث ولم يحرك أحد ساكناً. وأكد الغيطاني أن الآثار ليست مسئولية وزارة الآثار أو الحكومة وحدها، لكنها مسئولية الشعب المصري بأكمله باعتبارها الركن الركين في الذاكرة المصرية. وأوضح الكاتب الكبير أنه سيتم إنشاء سكرتارية دائمة لمتابعة الجهات المختلفة لتنشيط هذه الحملة، وتكون مسئولية السكرتارية لشهيرة محرز، ود.جليلة القاضي. وبحدة قال الغيطاني أن هناك دويلة عربية يقصد "قطر" تقوم ببناء متحف إسلامي كبير، وبه آثارنا معروضة هناك، ولأنها بلا حضارة تأخذ من آثارنا وتعرضها، لذلك طالب الغيطاني بتتبع هذه الآثار ومعرفة علاقة بعض العاملين بالآثار بقطر وكيفية خروج هذه القطع. ولفت الغيطاني إلى أن آثارنا الإسلامية كانت دوماً بلا حراسة ولم يعتدي عليها أحد ومر عليها العثمانيين، والإنجليز والفرنسيين، ولكن المصريون أنفسهم هم من قاموا بالاعتدء عليها، مطالباً الحكومة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ليمكننا استرداد الآثار، كذلك طالب بتحرك وزارات الآثار والسياحة والداخلية لإنقاذ الآثار، قائلاً: تحرك هذه الجهات بداية لتحرك الشعب المصري بأكمله . وقال الغيطاني بأسى أن الآثار الإسلامية هي الأكثر استباحة وبلا رعاية، فالآثار القبطية الكنيسة لها دور في حمايتها، وكذلك الآثار اليهودية القليلة، أما الإسلامية فلا أحد يلتفت إليها. ولفت الكاتب الكبير إلى أن الحلقة التي صورها عن منبر جامع "المارداني" في برنامج "تجليات مصرية" تعد الآن الوثيقة الوحيدة للمنبر الذي كان يضم 81 حشوة. فهذه القطع التقنية النادرة غير موثقة، وحين يظهر بعضها في تركيا أو قطر لن يكون لدينا حق المطالبة بها واستعادتها. يواصل: الآثار دمها متفرق بين القبائل فنجد أن المسجد يتبع الاوقاف، في حين أن المنبر يتبع الآثار، والشارع يتبع المحفاظة، مطالباً بتوحيد جهة الإشراف على الأثر، لتسهل المحاسبة. وأكد الغيطاني على حق مصر في المطالبة بما نهبه سليم الأول من مصر، قائلاً أن هناك جوامع في اسطنبول بنيت من فنانين مصريين، قائلاً: عار على مصر الاحتفاظ باسماء شوارع تخلد غزاتها وقاتلي حضارتها، فلدينا شارع يحمل اسم "سليم الأول"، مطالباً محافظ القاهرة بإزالة اسمه من الشارع، وكل ما يمت للفترة العثمانية البغيضة، مؤكداً أن هناك 53 فناً تم سرقتها من مصر، ونفذها فنانين مصريين مكتوب أسمائهم في كتاب "بدائع الزهور في وقائع الدهور" لابن إياس. ولفت الكاتب الكبير إلى أن كرسي "جامع السلطان حسن" البديع الذي لا مثيل له في العالم، سُرق أجزاء منه، وبعدها تم إغلاق القبة للتستر على السرقة، مطالباً بتتبع هذه السرقات، مؤكداً أن ما يحدث للآثار خطره أشد من الإرهاب، وعلينا التحرك حتى لا نستيقظ يوماً ولا نعرف آثارنا إلا من خلال الصور!. القاهرة ليست مدينة عشوائية! من جانبا قالت المهندسة أمنية عبدالبر مؤسس حملة "انقذوا القاهرة" أن حال القاهرة التاريخية يسير إلى الأسوأ، مستشهدة بقول أحد المعماريين الفرنسيين حين رفع تقريره عن القاهرة التاريخية إلى الملك فؤاد عام 1933 قائلاً: "أول أثر للمدينة القديمة هي المدينة نفسها!". ولفتت إلى أن القاهرة التاريخية تم تسجيلها على قائمة التراث العالمي عام 1979 لأن بها نموذج فريد ومتميز، وتضم مجتمع إنساني تقليدي، وبها مناطق ذات طابع جمالي لها أهمية كبيرة. فهي مدينة قديمة وليست مدينة عشوائية، وعرضت عبدالبر لصور قديمة من القاهرة لباب الوزير، وجامع "قجماس" الأثري المسجل على عملة الخمسين جنيهاً، وباب زويلة، وسبيل أم عباس، وهي الآثار التي أصبحت مهملة مهددة بالانهيار ومليئة بالقمامة!، على حد وصفها. وأكدت الباحثة أن البيوت القديمة لها قيمة، ولا يزال بعضها في حالة متماسكة مثل الموجود في حارة "برجوان" التي سكنها المقريزي، لكن الدولة لا تساعد أصحاب هذه البيوت من أجل ترميمها والاعتناء بها، فهي بيوت هشة وقديمة تسكنها الرطوبة. وأكدت عبدالبر أنه رغم أن جهاز التنسيق الحضاري وضع اشتراطات البناء في القاهرة التاريخية عام 2008، وحدد ارتفاع الأدوار التي تبنى والتي لا تزيد عن ثلاثة أو أربعة طوابق، لكن البناء يصل إلى 12 طابق!. واستعرضت أمنية عبدالبر الوضع الراهن للقاهرة التاريخية، وهو وضع سئ ينذر بكوارث كما تشير، فقد تم إنشاء مباني مخالفة لقوانين البناء، وتحميل البنية التحتية فوق طاقتها، بالإضافة إلى تدمير النسيج والبيئة العمرانية، تشويه طابع المدينة، بجانب عزل الآثار عن محيطها العمراني، وصعوبة اتخاذ القرارات نظراً لتعدد الوزارات والأحياء المعنية. ومن الكوارث التي عرضتها عبدالبر، أن جامع "أصلم السلحدار" في الدرب الأحمر الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر، تم بناء برج خلفه مما يعد انتهاك صارخ للقانون، والجامع نفسه في خطر شديد. قبة جامع الإمام الشافعي مهددة بالسقوط، وقد تم بناء برج أمامها، مئذنة جامع الحاكم تم بناء برج بارتفاع كبير مما يشوه منظر المئذنة. وجامع "طنبغا المارداني" الذي بناه كير مهندسي السلطان الناصر محمد، تقع منه الزخارف الرخامية، كذلك الحوائط مهددة بالانهيار، والعمارات تبنى حوله دون تراخيص وبارتفاعات كبيرة. أيضاً حارة الروم، بها بناء دون تراخيص دون احترام للارتفاعات، كذلك جوامع شارع باب الوزير، وبيت الشيخ "قراعة" الذي كان شيخ الأزهر في عهد الملك فؤاد تم هدمه! ، قصر" يشبك" تم انهياره، و"بيت الرزاز" ، غير السرقات فقد تم سرقة 7 قطع من المتحف الإسلامي بعد ثورة يناير، كذلك تم سرقة الحشوات البرونزية للمرة الثانية من الباب الرئيسي لجامع "السلطان برقوق"، "جامع المؤيد شيخ" سرق وكذلك جامع السلطان قايتباي. وجامع "المارداني" سُرق مرتين، الأولى أواخر القرن ال19، وقد وجدت الحشوات في مزاد بانجلترا وتم استعادتها، ثم سرق مرة أخرى بعد 100 سنة!. الآثار هناك تختفي وتنهار دون أن يلتفت أحد، فنحن نفقد المدينة وهوية ساكنيها. مؤكدة أن المسئولين ليس لديهم صور لما يسرق، فهذه الآثار غير موثقة لذلك نجد صعوبة في استرداد ما يسرق!. وأكدت أنها وغيرها من الأثريين يطالبون منذ أكثر من عام ونصف محافظ القاهرة بتجميد تراخيص الهدم والبناء في القاهرة التاريخية لمدة عام، منع توصيل المرافق من ماء وكهرباء للعقارات المخالفة، وضع خطط طويلة المدى تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية بالأحياء التاريخية. بجانب العمل على توحيد جميع الأحياء التاريخية في إدارة محلية واحدة. وكشف العميد هشام فرج المسئول عن أمن شارع المعز أن الشارع تعرض لانتهاكات عديدة أثناء ثورة 25 يناير وبعدها، والآن يتم العودة لحماية الشارع وعودته لأثريته مرة أخرى، ومن ضمن ما سرق خلال الثورة مدفن وضريح مصطفى كامل في القلعة. يتابع: منذ عام ضبطت مباحث الأموال العامة 27 طرد يضم مجموعة ضخمة من خرائط مصر القديمة، وأنساب العائلات، وقد سُلمت لدار الكتب والوثائق ويتم الآن معالجتها وفهرستها. وعرض مدير آثار منطقة الفسطاط لأزمة الأرض الأثرية، وقال د.ممدوح السيد، أن قانون حماية الآثار هو من يقر ضرورة الرجوع إلى الآثار، قبل أن تكون ضمن أراضي المحافظة. وأكد أن أرض الفسطاط تتعرض لتدمير ممنهج، بمشاركة المحافظة والأجهزة التنفيذية، فمنذ عام 2009 والمحافظة تلقي قمامة في أرض الفسطاط، وأطلقنا نداءات عدة لإنقاذ الأرض وما من مجيب. ولكن حين زار رئيس الحكومة الأرض 22 مارس الماضي، تم رفع المخلفات، والآن المحافظة تريد الاستيلاء على الأرض، وتحويلها إلى حديقة رغم أن هناك ثلاث حدائق مغلقة في المكان ذاته. وأكد أنه يملك خطابات رسمية من محافظة القاهرة إلى وزارة الآثار لاستئذانها في الحصول على الأرض لعمل مدرسة صناعية، ثم قررت تحويلها إلى حديقة وهو أمر غريب!.