قام وزير الاثار الحالي بزيارات متعاقبة الي شارع المعز لمتابعة اغلاقه امام السيارات وهذا قرار اتخذه محافظ القاهرة الدكتور جلال السعيد. بعد طول مناشدة من المهتمين بتراث مصر الحضاري، وكنت أتمني أن يبذل الوزير بعض الجهد فيمشي في الشارع الأعظم إلي باب زويلة ثم يتجه عبر الدرب الأحمر إلي ميدان القلعة ليري الكارثة. تلك المباني القبيحة التي قامت بجوار أهم مساجد العصر المملوكي وتجاوز عددها الثمانية عشر. ومن اسلوب البناء يبدو واضحا أن المنفذ لهذه الجريمة شخص واحد. وهذا أخطر بكثير من العمارات المخالفة التي بنيت علي أرض الدولة خلف المحكمة الدستورية بالمعادي والتي أقدم محافظ العاصمة علي تنفيذ قرار جريء بإزالتها. التعدي في الدرب الأحمر أفدح ويهدد القاهرة التاريخية. واضح ان القاهرة القديمة مستهدفة، وأن نهب اثارها الاسلامية خصوصا يتم وفق عمل ممنهج واع. ليس صدفة أن هذا يتم في نفس الوقت الذي تعلن فيه قطر عن انشاء أضخم متحف للفن الإسلامي في الشرق الأوسط. من أين ستأتي قطر بالمعروضات التي تلزم هذا المتحف الضخم وهي دويلة خلو من أي تاريخ حقيقي أو حضارة. لقد تم تنفيذ عملية تجريف واعية خلال السنوات الماضية. وتشبه عملية نهب المتحف العراقي عقب الغزو العراقي، والمواقع الاثرية بالعراق ذات الصلة الوثيقة بالتاريخ القديم خاصة اليهودي منه، ظروف عديدة تتكالب لتجريد اقدم مركزين للحضارة الانسانية من ذاكرتيهما، وادي النيل وبين النهرين، بدأ الامر قبل ثورة يناير وتزايد بعده مع وهن الدولة وضعفها. بعد فك منبر مسجد المارداني وسرقة واحد وثمانين حشوة نادرة منه يقتضي فكها اسبوعا من العمل المتواصل مما يعني وجود تواطؤ من بعض العاملين في الآثار نبهت عبر أجهزة الاعلام المختلفة ونبه محبون للقاهرة القديمة الي خطورة ما يجري. بل إنني قدمت قائمة بالآثار الاسلامية المتوقع سرقتها الي مدير الاعلام بوزارة الداخلية «المرحوم اللواء حمدي عبدالكريم» وأعلنتها من خلال برنامج البيت بيتك في التليفزيون المصري وكان يقدمه في تلك الليلة الاعلامي محمود سعد. بعض التحف التي ذكرتها تم نهبه بالفعل. ومنها كرسي المصحف بمسجد قايتباي. وقد حزنت عليه حزنا فريا. والمصير نفسه لقيه بعض اجزاء كرسي المصحف بمسجد ومدرسة السلطان حسن. لقد ظلت هذه التحف النادرة جزءا من الحياة اليومية للناس. وكان لها عندهم قدسية كفلت لها الحماية قرونا. ولكن تواطؤ بعض الكبار. وتدفق المال الحرام، وفساد بعض الأثريين أدي الي ما يجري حاليا من سرقات وتعديات علي كل ما تحويه القاهرة الاسلامية. هذا ما دعا بعض المثقفين وجلهم من الشباب المهتمين بتنظيم مؤتمر الاسبوع الماضي في نقابة الصحفيين تحت عنوان بالغ الدلالة «الآثار ليست في ايد امينة» ودعت مكتبة القاهرة الكبري الي مؤتمر صحفي عالمي يوم الأحد القادم بعد الظهر للتنبيه الي ما يجري. لقد وصل الأمر الي حد الخطر، فما العمل؟