دعا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران الاثنين، مسئولي وزارة العدل إلى "عدم إهدار فرصة الإصلاح"، والاستفادة من "كفاءة ومصداقية" وزير العدل والحريات، المصطفى الرميد، حتى يتمكنوا من خدمة بلادهم من خلال إصلاح قطاع العدل. جاء ذلك خلال لقاء عقده بنكيران مع الوزير ومسئولين بالوزارة في العاصمة الرباط، لمناقشة عدد من القضايا والملفات الكبرى في إطار إعداد بنود "الميثاق الوطني للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة"، وهو مخطط إصلاح قطاع العدل، وتم الإعلان عنه في سبتمبر/أيلول الماضي، بحسب مراسل "الأناضول". وقال بنكيران :"إن إصلاح العدالة سيؤدي إلى إصلاح الأمن والاستقرار والسياحة والاستثمار والعلاقات الزوجية". وتحدث عن ضرورة مواجهة مشاكل قطاع العدل حتى يتسنى التغلب عليها، ورأى أن "المغرب قادر على أن يكون نموذجا في المنطقة وهو كذلك". وحذر رئيس الوزراء المغربي مسئولي وزارة العدل من "اعتبار أفراد المجتمع ضعفاء، لأنهم يمكن أن ينقلبوا على المسئولين في أية لحظة" على حد قوله. وتحدث بنكيران عن بعض تفاصيل ما قال إنها محاولة لاغتياله في مدينة سان اتيان، وسط فرنسا، عام 1995، حيث تم استهدافه بالرصاص، وقتل أحد المصلين قرب مسجد بالمدينة. وقال "حدثت لي حادثة كادت أن تشكل خاتمة في حياتي بفرنسا عندما صوب شخص نحوي رصاصة كانت موجهة لي وذهب ضحيتها أحد المصلين". وأضاف أن محاولة الاغتيال هذه جعلته يتعرف عن قرب على المنظومة القضائية في فرنسا وكيفية التعامل مع المواطنين. ومضى قائلا "انطلاقا من الشرطة ووصولا إلى المحكمة سألوني عن جميع التفاصيل وتم تعويضي عن مصاريف التنقل"، مشيرا إلى أن هذا الحادث أثر فيه بشكل كبير فيما قال وزير العدل والحريات المغربي إنه "تم إبعاد 16 قاضيا عن قطاع القضاء مؤخرا"، دون أن يوضح أسباب إبعادهم. ومضى قائلا خلال اللقاء إن " موضوع إصلاح العدالة ظل مفتوحا منذ سنوات وحظي بعناية العاهل المغربي الملك محمد السادس حيث خصص خطب ملكية لهذا الإصلاح، ثم جاء دستور 2011 الذي نص على استقلالية السلطة القضائية". وتنص المادة 107 من الدستور المغربي، الذي أقر عام 2011، على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، والملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية". وأضاف الرميد أن "الحوار الوطني (بشأن إصلاح القضاء) انطلق بمشاركة جميع الهيئات وبعد 14 شهرا تم إنجاز ميثاق الإصلاح ". وأعرب عن حق المراقبين في معرفة مراحل تفعيل الميثاق وإجراءاته على أرض الواقع. وقال الرميد: "لقد تم لأول مرة اعتماد معايير دقيقة بالنسبة لانتقال القضاة والموظفين بالمحاكم وهو ما ترك اطمئنانا لديهم". وأضاف أن "المفتش العام لوزارة العدل يتولى التدقيق في كافة الشكاوى الواردة للوزارة، ولم يتم رفض أية شكوى رغم طبيعة المشكو بحقهم". وتابع الوزير بقوله: "للأسف الشديد هناك محدودية وضعف في تعامل المواطنين في محاربة الرشوة والفساد، وكم من مرة انتقلت مفتشية الوزارة على إثر شكوى، ولكن المواطنين يتراجعون في آخر المطاف عن الإدلاء بالمعطيات". وكان وزير العدل والحريات المغربي قدم تقرير الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد الانتهاء من الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي انطلق خلال 8 مايو/أيار عام 2012 ، وأشرفت عليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة. وفي التاسع من الشهر الجاري، أعلنت وزارة العدل والحريات المغربية عن موافقة الاتحاد الأوروبي على منح المغرب 60 مليون يورو لدعم إصلاح القضاء. وقالت الوزارة، في بيان سابق لها، إن هذه "منحة أولية" تندرج "في إطار المساهمة في وضع إستراتيجية للتعاون بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي في مجال الحكامة الجيدة واحترام حقوق الإنسان". وينص الدستور المغربي الجديد، الذي تم إقراره في يوليو/تموز 2011، على تأسيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومن بين صلاحياته وضع تقارير حول وضعية القضاء بالبلاد، و"السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يتعلق باستقلاليتهم وتعيينهم وترقيتهم (تأهيلهم) وإحالتهم إلى الجهات التأديبية". فيما تطالب هيئات نقابية قضائية وحقوقية بأن يراعى في تشكيل هذا المجلس المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية وحيادها.