نظم أهالي "الشهداء " والجرحى بمحافظة القصرين التونسية وقفة احتجاجية اليوم الاثنين، احتجاجا على أحكام أصدرتها محكمة تونسية في قضية "شهداء وجرحى الثورة" التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011. وذكر مراسل وكالة "الأناضول" أن العشرات من المحتجين تجمعوا في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بوسط مدينة القصرين رافعين صورا لقتلى وجرحى الثورة مرددين شعارات من قبيل "عار عار يا القصرين، السفاح رجع للدار". وأيدت محكمة الاستئناف العسكرية في تونس أمس الأحد، الحكم بالسجن المؤبّد غيابيا على الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، في قضية قتل وإصابة متظاهرين إبان الثورة التي أطاحت به عام 2011 ، بحسب مصادر قضائية. ووفقا للقانون التونسي، فإن السجن المؤبد يعني السجن مدى الحياة. فيما أصدرت المحكمة أحكاما مخففة ضد قيادات أمنية متورطة في قتل وإصابة متظاهرين خلال الثورة التونسية، إذ قضت بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ بحق علي السرياطي، مدير الحرس الرئاسي الخاص ببن علي، والذي اعتبر المتّهم الرئيس في قتل متظاهرين خلال الثورة، فيما برأت المحكمة عددا من المتهمين. وتتعلق هذه القضايا بحوالي 70 قتيلا و850 جريحا سقطوا في القصرين وتالة (غرب) وصفاقس (جنوب) والعاصمة تونس (شمال) في أحداث الثورة التونسية بين يومي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 ، و28 فبراير/ شباط 2011. وقال صالح المباركي والد "الشهيد" محمد أمين المباركي لوكالة الأناضول إن "الأحكام مثلت استهانة بدماء أبنائناّ"، معتبرا أن الحكم بالسجن 3 سنوات على المتهمين هو إدانة لأبنائنا وتبرئة لمن كانوا مسئولين عن قتلهم" . وعبر المشاركون في الوقفة عن استيائهم الشديد من حالة اللامبالاة التي أبدتها الأحزاب والمنظمات السياسية تجاه هذه الأحكام واتهموها " بالمتاجرة بدماء أبنائهم" وحملوهم، والحكومات المتعاقبة، مسؤولية التفريط في حقوق ابنائهم . وهدد المجتمعون بالتصعيد وبدأ بعضهم في حرق إطارات السيارات في الطريق، بالإضافة إلى التفكير في إقامة خيمة اعتصام حتى تتخذ الحكومة قرارا بإعادة النظر في هذه القضايا، وفقا لمراسل الأناضول. إلى ذلك، أبدى الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد) استنكاره لهذه الأحكام التي اعتبرها "مخففة" واعتبارها " اغتيالا ثانيا للشهداء وتنكيلا جديدا بالجرحى أشدّ قسوة لكونها تثبّت مبدأ الإفلات من العقاب وتشجّع على تكرار الجريمة" بحسب بيان له. وطالب الاتحاد في بيان أصدره اليوم، ب" سحب قضايا شهداء الثورة وجرحاها من القضاء العسكري وتحويلها إلى القضاء المدني ضمانا لمحاكمات عادلة واستقلالية أوفر". واعتبر الاتحاد أن "إطلاق سراح رموز النظام السابق ينذر بعودة الاستبداد ويفتح الباب على مصراعيه للتعدّي على ثورة 14 يناير /كانون الثاني 2011 ورموزها". من جانبها، أعربت حركة النهضة (إسلامية)، صاحبة الأغلبية في المؤتمر التأسيسي التونسي عن "تفاجئها بالأحكام" . وقالت في بيان صادر اليوم " تفاجئنا بالأحكام الصادرة في شأن المتهمين في قضيتي شهداء وجرحى الثورة في وقد كان لهذه الأحكام وقع الصدمة في أوساط الحركة والشعب" . وأكدت الحركة على إدانتها للظروف التي جرت فيها المحاكمة والتي أدت إلى "عدم إنصاف شهداء الثورة وعائلاتهم". وشهدت ساحة محكمة الاستئناف العسكرية بالعاصمة تونس أمس حالة من الاحتقان والتوتر جراء غضب عائلات القتلى والجرحى، لدى خروج هيئة الدفاع، وعقب صدور الحكم. وحكم الأمس بحق الرئيس التونسي الأسبق هو المؤبد الرابع له في اتهامات بقتل متظاهرين، ففي أبريل / نيسان الماضي قضت محكمة عسكرية في مدينة صفاقس (جنوب) عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة.