نشر موقع "أوراس نيوز" الأمازيغي الجزائري، في الرابع من مارس الماضي، خبرًا يقول إن مستشفى مدينة أم البواقي 500 كلم شرق الجزائر العاصمة رفض تسمية مولود جديد باسم "آمناي نوميد" وهو اسم أمازيغي. وفجّر هذا الخبر الجدل مرة أخرى في الجزائر حول مسألة التسمّي بأسماء أمازيغية، إذ ليست هذه المرة الأولى التي يجد فيها الأمازيغ في الجزائر عراقيل إدارية تحرمهم من تسمية مواليدهم الجدد بأسماء الأجداد والآباء، الذين سكنوا الجزائر قبل الفتوحات الإسلامية التي جاء بها العرب- حسبما افادت وكالة الاناضول. فقد نشرت الصحف الجزائرية، لسنوات عديدة، أخبارًا مماثلة اشتكى فيها مواطنون حرمانهم من هذا الحق. ومن بين تلك القضايا قصة الطفلة سارة حصام في محافظة وهران 400 كلم غرب الجزائر العاصمة العام الماضي، والتي كان مقررًا أن تسمى "ماسيليا"، وهو اسم أميرة أمازيغية، لكن مصلحة الأحوال المدنية جهة تسجيل المواليد رفضت تسجيلها بحجة أن هذا الاسم ليس مدونًا في معجم الألقاب والأسماء المعتمدة من طرف وزارة الداخلية. وتعجّ المحاكم الجزائرية، بعشرات الطلبات والشكاوى من هذا النوع، والتي كثيرًا ما تنتهي بتمكين هذه العائلات من التسميات الأمازيغية. وتعود أزمة الأسماء الأمازيغية في الجزائر إلى العام 1981، حيث حدد الحزب الحاكم حزب جبهة التحرير الوطني معجمًا للأسماء الجزائرية حوى الأسماء ذات الأصل العربي وأقصى الأسماء ذات المعنى أو الانتماء الأمازيغي، من منطلق أن "الجزائر عربية ويجب أن تخضع الأسماء لمقومات الهوية الوطنية لا غير". وتماشى المرسوم مع عناصر الهوية الوطنية إذ ذاك، والتي كانت محصورة في عنصرين فقط، هما الإسلام والعروبة، واضطر قطاع كبير من المواطنين إلى الانتظار حتى تعديل دستور البلاد عام 2002، ليشهدوا إضافة عنصر ثالث لهويتهم هو الأمازيغية، لتصير بذلك اللغة الأمازيغية وطنية مثل شقيقتها العربية. وبفضل إضافة الأمازيغية إلى عناصر الهوية الوطنية في الجزائر، تحرَّر أمازيغ الجزائر من بعض القيود التي تحد من حريتهم في تسمية أبنائهم، فمثلاً استطاع والد "ماسيليا" أن ينتصر في "معركة قضائية" انتهت بإضافة اسم "ماسيليا" إلى الاسم الثنائي للوليدة ليصبح "سارة ماسيليا حصام" بعد شكوى إلى قاضي الحالة المدنية بمحكمة محافظة وهران. لكن مواطنين كثيرين لا زالوا يعانون من عراقيل في هذا الصدد، حيث يرفض موظفو الحالة المدنية تسجيل أسماء أمازيغية ما يضطر الأولياء للجوء إلى القضاء للحصول على حقهم في تسمية أولادهم بأسماء الأجداد. وتعرضت الجزائر لانتقادات شديدة من اللجنة الأممية لحقوق الإنسان المناهضة للعنصرية (حقوقية، غير حكومية) في تقريرها بتاريخ 1 مارس 2013، حيث أشارت إلى قلقها من هذه الوضعيات وقالت "نحن قلقون إزاء رفض أعوان موظفي الحالة المدنية تقييد أسماء أمازيغية بحجة أنها غير مدرجة ضمن القائمة الرسمية". ورغم أن وزير الداخلية السابق، دحو ولد قابلية، وجه تعليمات للبلديات، العام الماضي، بتسجيل المواليد الجدد الذين يرغب أولياؤهم بتسميتهم بأسماء أمازيغية، إلا أن الأمازيغ لا زالوا يلاقون عراقيل كثيرا ما تتعلق بجهل موظفي البلديات بقائمة التسميات الأمازيغية المسموح بها. وسألت "الأناضول" المحامي أمين سيدهم، منسق شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان في الجزائر (حقوقية، غير حكومية)، فقال إن "وزارة الداخلية تحيّن تحضر قائمة الأسماء الأمازيغية المسموح بها كلما ظهرت حالات تطالب بتسميات جديدة"، لكنه تحفّظ على العراقيل التي يلاقيها المواطنون الراغبون في تسمية أبنائهم بأسماء أمازيغية. وقال سيدهم "هناك قاعدة قانونية تقول "لا عقوبة إلا بنص"، وبما أنه لا وجود لنص قانوني يحدد الأسماء المسموح بها أو يعاقب على التسمي بأسماء معينة، فلماذا يُحرم مواطنون من حق تسمية أبنائهم بأسماء لا تمس المجتمع في شيء؟". وأوضح المحامي سيدهم أن "تلك الأفعال تدخل تحت طائلة التعسف ضد حق من حقوق الإنسان وهو حقه في اختيار الاسم الذي يُسمى به"، لافتا إلى أن "الجزائر صادقت على معاهدات دولية في الصدد تحرّم المساس بحقوق الإنسان وهو ما سيعرضها لعقوبات في حال مسّت بها"، على حد تعبيره. والأمازيغ هم مجموعة من الشعوب التي تسكن المنطقة الممتدة في شمال أفريقيا من واحة سيوة شرقًا في مصر إلى المحيط الأطلسي غربًا، وهي المنطقة التي كان يطلق عليها الإغريق قديما اسم نوميديا. ويبلغ تعداد الأمازيغ في الجزائر حوالي 15 مليونًا من أصل قرابة 40 مليونًا، ولغتهم الأمازيغية والعربية، بالإضافة إلى لغات أجنبية كالفرنسية.