تفاقمت مشكلة بطء التقاضي في مصر وأصبحت ظاهرة تؤرق الشعب المصري بعد ثورتي 25 يناير و 30 يونيه ، خاصة بعد ظهور الكثير من القضايا الحساسة التي لا تتحمل التأخير نظراً لارتباطها بمطالب ثورية . هذا البطء يضطرنا إلى الانتظار طويلا حتى ننال حقوقنا وحقوق مجتمعنا في البت النهائي لهذه القضايا. تكدس القضايا في المحاكم وتباعد الفترات بين الجلسات في القضية الواحدة والأعمال الإدارية الكثيرة التي تتطلبها القضية الواحدة التأخر الغير مبرر في إعلان الخصوم في الدعاوى المرفوعة يؤدي إلى تعطيل سير القضايا المنظورة في هذه المحاكم . زيادة المشاكل في المجتمع المصري سواء كانت مشاكل أسرية أو تجارية أو مدنية أو إدارية مما أدى إلى الزيادة الكبيرة في عدد القضايا المرفوعة من قبل المواطنين وقلة الدوائر القضائية لمقابلة هذه الزيادة هذا بالإضافة إلى العديد من القضايا التي ترفع بسبب وبدون سبب مما أدى إلى تفاقم الأزمة وزادت من التحديات الكثيرة التي تنتظر القضاء المصري والحكومة الجديدة والرئيس الحالي والقادم والمجتمع كله .أم هناك في مصر نقص في القضاة أو وكلاء النيابة مثلاً أم أن المشكلة أعمق من هذا الأمر بكثير لتشمل الدور المفقود لمؤسسات المجتمع المدني في الحد من الكثير من القضايا والمشاكل الأسرية والإدارية والتي يجب مواجهتها مجتمعياً أناشد المسئولين (إن وجدوا) أن يجدوا حلولاً غير تقليدية لمواجهة ذلك الزحف الكبير من القضايا المرفوعة أمام السلطة القضائية، وعلى القضاء أن يضع خطة تمكنه من الإسراع في البت في هذه القضايا حتى لا تتكدس عليها الملفات. أولا حل المشاكل المرتبطة بالقوانين والتشريعات مثلاً ( قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13/1968 – قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم 10/2004- قانون لجان توفيق المنازعات رقم 7 لسنة 2000- قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008…... .وغيرها ؛ أما عن المشاكل التشريعية فتكمن في تعدد وتزايد تلك التشريعات وقصورها في علاج المشكلة من حيث الأصل إلى أن أصبحت تلك التشريعات هي المشكلة في حد ذاتها ونبحث عن حلول للحد منها والخروج عنها.ويجب هنا إنشاء لجنة صياغة من المتخصصين القانونين في كل المجالات لمراجعة التشوهات في هذه التشريعات وإعداد الصياغات المقترحة لمعالجتها. رغم المحاولات المستمرة في عمل الكثير من التشريعات التي قد تعالج هذه المشكلة كقانون لجان توفيق المنازعات قانون رقم 7لسنة 2000 – وقانون إجراءات التقاضي أمام محاكم الأسرة (قانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة ) وتقليص درجات التقاضي في دعاوى معينة مثل دعاوى الخلع والحبس في قوانين الأحوال الشخصية وجعلها على مرحلتين في بعض القوانين والدعاوى.إلا أن مثل تلك التشريعات لم تحد من الأزمة بل زادت من تفاقمها في ظل غياب الأسباب الحقيقية لهذه المشكلة ووضع رؤية شاملة لوضع حلول لهذه المشاكل. ثانياً حل المشاكل المرتبطة بالقائمين على تنفيذ القوانين والتشريعات حيث يجب توفير كافة الوسائل التي تساعد القضاة والمحامين معاوني القضاة و الموظفون على إنجاز أعمالهم وحل جميع المشكلات التي تعوقهم في أداء مهامهم ، فبالنسبة للقاضي يجب زيادة عدد القضاة لمواجهة التزايد الغير طبيعي في عدد القضايا وبشكل لا يتناسب مع عدد القضاة مما يدفع القضاة إلى تأجيل القضايا لكثرة عددها حيث نجد القاضي يصل رول اليوم الواحد إلي مائة قضية فمن أين يأتي بالوقت اللازم في سماع الخصوم وقراءة القضية والبحث القانوني للفصل فيها .نريد قضاة متخصصين في قضايا معينة بنوعها ( قضايا إسكان – مدني – تعويضات – أحوال – عمال – تجارى – جنائي - اقتصادية -..) لأن في التخصيص يعطى للقاضي خبرة عالية مما يجعله يسرع الفصل في القضية ، وبالنسبة للمحامى يجب رفع كفاءته منذ الدراسة وعمل اختبارات له قبل القيد في النقابة فيما يخص صياغة العقود وصحف الدعاوي وقد يكون علمهم سبب كبير في إطالة أمد التقاضي وقد يكون قلة خبرتهم وعدم علمهم أحد الأسباب أيضاً .بالإضافة إلى رفع كفاءة معاوني القضاة والموظفين وكتاب الجلسات داخل المحاكم في سير العملية القضائية . ثالثاً حل المشاكل المرتبطة بدور المحاكم ومدى توافر الميكنة الالكترونية وجود فترة مسائية في المحاكم قد يكون جزء من الحل ويعالجها معالجة جزئيا رغم أنة يرهق القضاة والمحامين والموظفين من الانتظار لفترة مسائية ويهدر الكثير من الوقت، ويجب تزويد المحاكم بالخدمات الالكترونية الأزمة لتسهيل عملية سير القضايا والحد من الأعمال الإدارية الكثيرة المطلوبة لكل قضية ما يجعل المحامي يطلب تأجيلها عدة مرات .ويجب أيضاً العمل على تطوير بعض مباني المحاكم التي أصبحت غير مؤهلة بالأساس لتكون محكمة وزيادة القاعات داخل المحاكم وتسهيل إجراءات حضور القضية من أهالي جميع الأطراف الذين يعانون أكثر من المتهمين يوم البت في القضية و توافر مواقف للسيارات ونقل المحاكم خارج المناطق السكنية ، وإصلاح المصاعد والسلالم المتهالكة لهذه المحاكم. بالإضافة إلى زيادة أعداد مجمع المحاكم في مصر لأن الطاقة الاستيعابية للمحاكم أصبحت كافية لمواجهة تلك المشاكل والبت في هذه القضايا. رابعاً وهى المشكلة الأكبر والأخطر على الإطلاق ، والمتعلقة بإجراءات ووسائل تنفيذ الأحكام ويجب ألا نتغاضى عن نتيجة وتأثير تفاقم هذه المشكلة بالتحديد على الجانب المجتمعي في حل مشاكله مما يدفع ببعض أصحاب الحقوق المغتصبة إلى العنف لاسترداد حقوقهم بسبب عدم رد الحقوق في مواعيدها. فعدم تطبيق القانون يؤدى إلى اللجوء مرة أخرى إلى القضاء ، فهناك الكثير من القضايا داخل المحاكم لو تم تطبيق القانون فيها لما ذهبت مرة أخرى إلى هناك ؛ كثرة معوقات تنفيذ الأحكام فى الفترة الأخيرة وأهم معوق عدم توفر القوة الأزمة لتنفيذ الأحكام الكثيرة والمتراكمة وعلى الرغم من أن تعديل قانون المرافعات و أنشأ إدارة للتنفيذ تتكون من عدد من القضاة تتولى اتخاذ قرارات تنفيذ الأحكام ومتابعتها وإنهاء المعوقات القانونية التي تواجه تنفيذ الأحكام يعتبر خطوة حقيقية نحو الحد من هذه المشكلة إلا أننا نطالب بإنشاء شرطه خاصة لتنفيذ الأحكام أيضاً وتكون تابعة لرئيس المحكمة. تحدي كبير أمام المصريين يضاف إلى تحديات أكبر وأكبر ،ولكن أن الأوان أن نتجاوز خلافات الماضي وصراعاته، وأن يدرك المصريين أنه ليس أمامهم خيار آخر سوى أن يستعيدوا تآلفهم ووحدتهم، وأن يعيدوا بناء صفهم الوطني الصلب، ويتناسوا ولو إلى حين انتماءاتهم الحزبية والفئوية، ليعلوا انتماء وحيدا، هو الانتماء إلى الوطن.