مصر تستورد عام 1959 دواء يعيد الشباب ويهزم الشعر الأبيض جريدة "الأخبار" تروج على صفحتها الأولي للعقار السحري مخترعته عالمة رومانية شيوعية عجوز تتحول إلى فتاة شابة بعد 8 شهور! شهدت ملفات الطب المصري محاولات اكتشاف علاجات ثبت فيما بعد انها وهمية ، وحاول اصحابها اقناع المحيطين بهم بأن تلك الاكتشافات ستكون فاعلة وناجعة فى علاج الامراض المزمنة ، وفى هذا التقرير نعرض بعض تلك الاكتشافات التى احدثت ضجة ودويا فى حينها ، وسطرت سجلات التاريخ ايضا عقارات سحرية اثبت الواقع انها مجرد مسرحية هزلية . اختراع لإعادة الشباب 1959 في الثاني من ديسمبر عام 1959، تصدر الصفحة الأولى من جريدة "الأخبار" مانشيت يزف بشرى سارة لجماهير مصر المتشوقة "الجمهورية العربية المتحدة سابقا" بالإعلان عن دواء يعيد الشباب!. يقول المانشيت السار: مطلوب 3 أشخاص لتَجرب "الأخبار" عليهم دواء إعادة الشباب. وفي النصف الأسفل من الصفحة الأولي، أفردت الجريدة 3 أعمدة للحديث عن الدواء السحري الذي سيفوق تأثيره زئبق الفراعنة الأحمر، وسيكون له مردوده الإيجابي على لصوص مقابر المصريين القدماء ويدعوهم إلى التوقف عن النبش وإقلاق راحة الأجداد..فها هو الدواء العجيب في متناول الجميع!. تقول الجريدة "استطاعت الأخبار أن تحصل على كميات من دواء إعادة الشباب (ه- 3) تكفي لتجربتها على ثلاثة أشخاص سيدات ورجال، واتفقت الأخبار مع أربعة أطباء أخصائيين على استخدام الدواء الجديد على ثلاثة مرضي سيراعى في اختيارهم نوع المرض وكبر السن". ولفتح باب الأمل للمتقدمين وتشويق غير المتعاونين، استكملت الجريدة "مئات الطلبات التي تقدم أصحابها إلى الأخبار ستفحص بعناية كاملة، ويُختار منها 3 أشخاص لإجراء التجربة عليهم، وسنفتح الباب لتقديم الطلبات الجديدة لمدة سبعة أيام فقط". تجربة حية للشعر الكستنائي! ومثلما نسمع في الإعلانات، أرادت الجريدة كسب ثقة القراء أكثر، فأفردت خبرا قصيرا يحكي عن تجربة سيدة من شبرا الخيمة "في الحلقة السادسة من عمرها.. كانت مريضة بآلام الروماتيزم وارتفاع الضغط وازدياد كميات الملح في البول..استخدمت (دواء ه- 3) لمدة 8 أشهر..تناولت 72 حقنة.. زالت آلام الروماتيزم.. نزل الضغط"!. والأعجب أن "ثلث شعر السيدة تقريبا كان أبيض اللون، فاختفي الشعر الأبيض، وحل محله شعر أسود كستنائي"..هكذا كتبت الجريدة !. بدت على العجوز مظاهر الحيوية "كانت تستيقظ كل يوم من نومها في حالة خمول أصبحت تستيقظ الآن في الساعة السابعة صباحا، وفي حالة واضحة من النشاط والحيوية، وقد بدت على وجهها دلائل الصحة، مما دعا قريبها أن يوقف علاجها اكتفاء بهذه النتائج الباهرة ". تحقيق الهدف استطاعت الجريدة تحقيق هدفها المنشود من الإعلان بزيادة تفاعل القراء معها، وزيادة معدلات التوزيع، عبر تأكيدها على أن تأثير العلاج ليس وقتيا وإنما يستمر طويلا "لقد أوقفت العلاج منذ أكتوبر عام 1958 أي منذ 13 شهرا، ولم تتأخر صحتها، ولا تزال محتفظة بحيويتها ونشاطها". وبطبيعتنا كمصريين، اشتعلت حمى المراسلات لتجربة الدواء "وقد اتصل بنا أكثر من شخص في القاهرة وفي الإسكندرية ممن يستخدمون الدواء الجديد، وكلهم أبلغنا بالنتائج الباهرة التي لاحظها على صحته بعد استخدام الدواء، وستوالي الأخبار نشر هذه الحالات بعد تحقيقها". اختراع شيوعي وليس مصري! عقار إعادة الشباب ليس مصريا، وإنما اخترعته "أنا اصلان" عالمة تنتمي إلى الكتلة الشيوعية، وبلد يقارب ظروف مصر في تلك الفترة وهي رومانيا.. هذه هي الصدمة التي تلقاها المصريون، علاوة على أن المنتج ليس إلا مرحلة طويلة من الخداع الطبي. تؤكد الجريدة أن "اصلان" بدأت تجاربها حينما قرأت بالصدفة بحثا علميا حول مادة "النوفوكايين" ودورها في تجديد خلايا الجسم، وقد عارضها أستاذها مؤكدا أنها لن تصل إلى نتيجة، لكنه سرعان ما غير رأيه بعدما رأى من النتائج الباهرة !. عرضت العالمة نتائج عملها على الحكومة الرومانية التي أيدتها بكل الإمكانيات لإكمال تجارها. الصدفة السعيدة تعود قصة استيراد مصر لهذا الاختراع، إلى طبيب مصري قام بزيارة رومانيا أكثر من مرة ليتعرف بالصدفة السعيدة على دواء إعادة الشباب وينقل إلى بلادنا المحروسة العقار الذي يقاوم أعراض الشيخوخة ويهزمها بالضربة القاضية. كانت رحلة الدكتور أديب حليم الأولى إلى رومانيا في مارس 1956، ولم تكن زيارته للحصول على الدواء وإنما لأعمال أخري، وسمع خلال تواجده هناك عن معهد البرفسورة الرومانية، ومن يومها توالت زيارته لها مرتين كل عام. وتقص علينا جريدة الأخبار هذا الخبر العجيب، "رأي الدكتور حليم الرجل الذي اصطحبته العالمة الرومانية معها في رحلتها إلى لندن، أنه رغم عمره الذي قارب 113 عاما، ولكنه يستطيع أن يتشقلب على المكتب أمام أي شخص ، وكأنه بلهوان شاب ". وفي النهاية، استقرت وزارة الصحة المصرية على أن تستورد من رومانيا كميات من الدواء تكفي لتجربته على 20 شخصا، محذرة من استخدام الدواء قبل تسجيله والإذن بتداوله، كل ذلك رغم كونه أكذوبة طبية انمحى ذكرها بمجرد كشف المستور عنها.