أثارت جريمة قتل الفتاة الكويتية سهام حمود فليطح (19 عامًا)، أثناء نومها على يد خادمتها الإثيوبية، استنكارا كبيرا داخل المجتمع الكويتي، وتصاعدت مطالب بفتح ملف العمالة الوافدة خاصة الإثيوبية، واشتراط تأهيلها قبل تشغيلها، والبدء في تنفيذ أحكام الإعدام للحول دون وقوع هذه الجرائم. وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال البرلماني كامل العوضي :"إن مشاكل العمالة الإثيوبية كثيرة رغم قلة عددها، قياسًا بالعمالة الآسيوية الأخرى كالهندية مثلا"، مشيرا إلى أن "العائلة الكويتية محتاجة للعمالة المنزلية، نتيجة ظروف عمل الأب والأم واتساع المنزل". واستنكر العوضي تلك الجريمة البشعة، مؤكدا على ضرورة إحياء مقترح سابق تقدم به لإنشاء "الشركة الكويتية لاستقدام وتشغيل العمالة". وأوضح أن هذا المقترح الذي ظل "نائما بالأدراج منذ سنوات"، يتضمن فحصًا طبيًا من الناحيتين الجسدية والنفسية للعمالة قبل استقدامها. واعترفت الخادمة الإثيوبية، أمس الأحد، لرجال الأمن في مخفر "الصليبيخات" التابع للعاصمة الكويت، بأنها بيتت النية لقتل مخدومتها البالغة من العمر 19 عامًا. وأفادت بأنها "جهزت سكينًا لقتلها، وتوجهت ليلًا إلى غرفتها، وأحكمت إغلاق بابها، وسددت لها 6 طعنات نافذة وهي نائمة، وبعد ارتكابها جريمتها خرجت من نافذة الغرفة، وتوجهت إلى مخفر الصليبيخات، لتسليم نفسها، وإبلاغ رجال الأمن بجريمتها". وعندما توجه رجال الأمن إلى منزل والد الضحية "حمود فليطح"، مدير عام الهيئة العامة للشباب والرياضة الكويتية بالوكالة حاليًا، ويشغل منصب نائب المدير العام للهيئة، كان باب الغرفة مقفلًا من الداخل، فاضطروا إلى كسره ليجدوا الضحية غارقة في دمائها، ولم تفارق الحياة بعد، فتم نقلها إلى المستشفى، إلا أنها فارقت الحياة قبل وصولها إليه. وأحيلت الخادمة الإثيوبية إلى النيابة العامة الكويتية التي ستواصل التحقيق معها اليوم، قبل إحالتها إلى القضاء المختص بالجريمة. من جهته، قال النائب عبد الرحمن الجيران ل"الأناضول" :"إن جرائم القتل المروعة مستمرة سواء من الخدم أو من فئة الشباب في المجمعات التجارية". وأشار الجيران إلى أن أهم وسائل منع هذه الجرائم، يتمثل في تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة من محكمة التمييز (النقض)، التي استوفت درجات التقاضي، فيما طالب بتأهيل وتدريب العمالة الوافدة قبل تشغيلها. ودعا إلى تجريم حمل السلاح، وإصدار تشريع بذلك وتنفيذه، لافتا إلى ضرورة إلى إعلان التنفيذ من أجل ردع كل من يخل بالأمن العام. وتعد هذه الجريمة الحادية عشرة في الكويت على أيدي عمالة إثيوبية، خلال عام و نصف العام تقريبا، بحسب النائب خليل الصالح الذي طالب في تصريحات صحفية بوضع حد لعدوانية الجالية الإثيوبية، وعدم التساهل معها، لعدم تكرار الجريمة البشعة التي ترتكب بين فترة وأخرى. وعن الأسباب المحتملة لمثل هذه الجرائم، أوضح أستاذ علم النفس في جامعة الكويت خضر البارون أنها "لا تنحصر تحت سبب محدد، وإنما لأسباب كثيرة، فالحالة النفسية للخادمة تلعب دورًا كبيرًا في ارتكاب الجريمة، حيث تأتي إلى الكويت مغتربة عن بلدها، والاغتراب بحد ذاته هو بحاجة إلى احتواء". وفي حديث لوكالة الأناضول، أرجع "البارون" تلك الجرائم التي يرتكبها الخدم إلى الغيرة والحسد، قائلا: "لباس المخدومة، وعيشها برغد يثير حقد بعض الخادمات اللائي يعكسن كيفية عيش مخدوماتهن على واقعهن في بلادهن وقسوة حياتهن". ولفت إلى أهمية التعامل الجيد مع الخادمة، والحرص على العلاقة والقيم الاجتماعية والإنسانية التي تجعلها أكثر ارتياحا في المنزل الذي تعمل به، وأن تشعر بأهميتها. وعن جريمة قتل الأمس، قال البارون إن "من يقتل بطريقة باردة، ويسلم نفسه يشعر بعدم الانتماء والولاء للمبادئ والقيم الإنسانية، وليس بقلبه رحمة ومجرد من المشاعر". وطالب بتحديد شروط لاستقدام الخادمات؛ لاسيما في ما يتعلق بالجانب النفسي، مشيرا إلى أن "الصحيفة النفسية لا تقل أهمية عن الصحيفة الجنائية". من جهتها، رأت الناشطة الحقوقية أريج حمادة أن "المشكلة تكمن في مكاتب الخدم، وغياب التنظيم"، متسائلة عن الأسس التي يتم إحضار الخدم إلى الكويت بموجبها. وفي حديث لوكالة الأناضول، دعت حمادة إلى "تأسيس هيئة تابعة للدولة، تضطلع بمسؤولية استقدام العمالة وفق معايير محددة". واتهمت مكاتب العمالة في الكويت "بالمشاركة في زيادة العمالة السائبة (غير النظامية)" مدللة على ذلك بتوظيف بعض الخادمات (مقابل رسوم تتقاضاها مكاتب العمالة) لفترة تجربة تستمر 6 أشهر قبل هروبهن (في أحيان كثيرة بالاتفاق مع المكاتب لتوظيفهن في منزل آخر مقابل رسوم جديدة)، ما يضطر العملاء إلى اللجوء إلى المكتب مجددا، لإحضار بديل بمقابل مادي جديد. وكانت إثيوبيا قد منعت عمالتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من السفر للعمل إلى الكويت، لحين النظر في طلبات "تعديل إجراءات استقدام العمالة الإثيوبية، وإعادة تقييم أعمال مكاتب الاستقدام والفحص الطبي وأعمار العمالة التي يتم استقدامها'. وفي بيان صدر في 24 فبراير/شباط الماضي، أعلنت السفارة الإثيوبية لدى الكويت أن "قرار حكومة بلادها هو مؤقت، وسيتم استئناف الاستقدام مستقبلًا بشكل سليم ومستدام، فور حل المشاكل المرتبطة بالتوظيف". وأشارت إلى أن "هذا القرار جاء نتيجة للمشاكل الحالية التي تواجه العمالة، مثل سوء المعاملة وخرق حقوق العمالة، وحالات الاعتداء والوفاة، وزيادة حالات الاتجار بالبشر، تحت مظلة مكاتب قانونية".