يوم القيامة يوم عظيم، كثر ذكره في كتاب الله، وكثرت أسمائه لبيان عظمته، ومن عادة العرب في لغتهم، فإنهم كانوا إذا أحبوا شيئًا أكثروا من أسمائه، وإذا خافته كذلك، فتراهم أكثروا من أسماء الخمر، وكذلك أكثروا من أسماء الأسد. ولقد عدد الله أسماء يوم القيامة في كتابه المجيد فذكر منها : الساعة، والطامة، الآزفة، والحشر، والتغابن، يوم الحسرة، الضاخة وغيرها. فلا ريب من أنه يوم عظيم جليل، يغضب فيه ربنا سبحانه وتعالى، ولا يؤذن لأحد أن يشفع فيه إلا نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فيكرمه الله بهذا المقام المحمود، والشفاعة العظمى. فقد ذكر ربنا أن أشراطها قد حدثت، وقسم العلماء علامات الساعة إلى علامات صغرى وعلامات كبرى علامات الساعة الصغرى والعلامات الصغرى ذكرت في الأحاديث النبوية تزيد عن سبعين علامة تدور أغلبها على ظهور الفساد، وترك الدين، وقلة العقل، وقلة العلم، وشيوع ذلك بين الناس، وأن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، وإسناد الأمر إلى غير أهله، وظهور الجهل، وكثرة القتل، وشرب الخمور وتسميتها بغير اسمها، الزنا، ولبس الرجال الحرير، وائتمان الخائن وتقريبه، وتخوين الأمين، وظهور الفحش والتفحش، واتخاذ المساجد طرقًا، ويظهر الموت فجأة، ظهور الفتن وعموم شرها، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، والتماس العلم عند الأصاغر، وظهور النساء الكاسيات العاريات، وظهور أقوام معهم أسواط كأذناب البقر يضربون الناس بها، وتصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس. ومنها كذلك يكون السلام للمعرفة، وعدم تحري الرزق الحلال، تتقارب الأسواق دلالة على كثرة التجارة ، وتباهي الناس في المساجد وتفاخرهم بها وبأثاثها وزخرفتها، تمني رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عند عموم الفتن وغربة الدين، ويلقى الشح وينتشر بين الناس فيبخل كل بما في يده، صاحب المال بماله والعالم بعلمه والصانع بصناعته وخبرته، وقتل الناس بعضهم بعضاً بغير ما هدف، ويُكرَم الرجل مخافة شره لا لفضله وكرامته، وعقوق الأم وطاعة الزوجة في غير طاعة الله، وعقوق الوالد، وطاعة الصديق في غير طاعة الله، وارتفاع الأصوات في المساجد، وتكثر الشرطة لزيادة الفساد، وتقديم الرجل لإمامة الناس في الصلاة لجمال صوته وإن كان أقل القوم فقهاً وفضلاً، وبيع الحكم، أي: تُنال المناصب بالرشوة، والاستخفاف بالدم. ومنها فشو القلم أى فساده وكثرة التصانيف والتأليف، وأن يكون الولد غيظاً، وذلك لكثرة عقوقه لوالديه وجلب المشاكل لهما فيغيظهما في كل وقت، ويكون المطر قيظاً، أي أنه يكون عذاباً بدلا من أن يكون خيراً ورحمة، ويتعلم لغير الدين، أي ابتغاء منصب أو وظيفة أو مال يكتسبه، ظهور التَّرف وحياة الدعة في الأمة الإسلامية. ومنها تمني الموت لكثرة الفتن، ويقال للرجل ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه حبة خردل من إيمان، تحاصر العراق ويمنع عنها الطعام والمساعدات، وتحاصر الشام، الموت الجماعي بالأوبئة والطواعين وغيرها. وقد وردت أحاديث بكل هذه العلامات هي: ففي حديث جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم : (قال فأخبرني عن الساعة، قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال : فأخبرني عن أمارتها، قال : أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (إن من أشراط الساعة أن يرفع العِلم، ويظهر الجهل، ويفشوا الزنا، وتشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيّم واحد) [رواه البخاري ومسلم. ومن تلك الآثار قول النبي (وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن يظهر موت الفجأة) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل) .رواه البخاري وقوله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه. وقوله صلى الله عليه وسلم : (يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (ليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قَتَلَ ولا المقتول فيما قُتِلْ) رواه مسلم.