يشكو أهالي المسلحين العراقيين الذين قتلوا في عمليات عسكرية من عدم قدرتهم على تسلم جثث ذويهم لدفنها، فيما تؤكد الشرطة على تسليم الجثث وفق القانون بعد التثبت من هويتهم "يقولون إن ولدي سعد ذو الأربعين عاما إرهابي، وقتل وهو يقاتل القوات الحكومية منذ 20 يوما، ومنذ أكثر من أسبوع، أحاول استلام جثته لكن دون جدوى".. هذا ما قاله، الرجل القروي أبو سعد ذو ال(66)، عاما لوكالة انباء الأناضول. وأضاف أبو سعد وهو يعيش في ناحية المحلبية غرب الموصل (مركز محافظة نينوى) شمال العراق، بصوت حزين "ذهبت إلى دائرة الطب العدلي بالموصل لاستلام جثة ولدي، لكن إجراءات روتينية أعاقت تسلم الجثة حتى الآن". وتابع قائلا: "إكرام الميت دفنه، لكنني لم أحظ بهذا الشيء حتى الآن، عندما حضرت لاستلام الجثة طلبوا مني جلب كتاب صحة صدور هويته الشخصية، لكنني عندما قدمتها، قالت الدائرة المعنية إنها مزورة، وما ذنبي أنا أريد أن أستلم جثة ولدي لأدفنه لماذا هذه التعقيدات؟، وما المخاوف منه، لم يبقى له شيء يخيف بعد؟" وبحسب توجيهات من قياداتها، تقوم القوات الأمنية غالبا بالتحفظ على جثث الجماعات المسلحة، التي تقتل في عمليات أمنية، أو اشتباكات، في دائرة الطب العدلي، لحين تسليمها إلى ذويها، بعد إجراءات رسمية، تقوم بها الشرطة تتعلق بتسليم الجثة. من جانبه، قال عبد الرحيم الشمري عضو في مجلس محافظة نينوى إن "إجراءات تعقيدية تفرضها قيادة عمليات نينوى تعيق تسليم جثثا لجماعات مسلحة قتلوا في وقت سابق بعمليات عسكرية، واشتباكات مع القوات الأمنية، وصلت أعدادهم إلى 30 جثة، لاتزال حتى الآن في الطب العدلي بالموصل؛ بسبب إجراءات روتينية تمنع تسليمهم لذويهم منذ أكثر من شهر". وامتلأت ثلاجات الطب العدلي بجثث المسلحين بعد عمليات شهدتها الموصل في الآونة الأخيرة، تزامنا مع أحداث الأنبار، وأوشكت القوات الأمنية أن تفقد سيطرتها على مناطق جنوب الموصل، ذات الطابع العشائري العربي، مثل قضاء الحضر، وناحية القيارة، والشورى، وحمام العليل، لكنها سرعان ما عادت سيطرتها على تلك المناطق. وكان قائد الشرطة الاتحادية بالموصل الفريق مهدي الغراوي قد صرح في وقت سابق بأن قواته قتلت 74 من مسلحي "داعش"، إثر عمليات عسكرية، قامت بها قواته بالتعاون مع الجيش العراقي، مدعوما بطائرات للجيش، ودمرت العديد من المباني التي تعود للتنظيم. من جانبه، قال مصدر أمني في شرطة نينوى رفض الكشف عن اسمه إن "ثلاجات الطب العدلي ممتلئة بالجثث بعد أن ارتفعت أعدادهم في الفترة الأخيرة، لكن توجيهات المحافظ ومدير الشرطة تؤكد على تسليم الجثث لذويهم وفق القانون بعد عرض الأوراق التحقيقية على قاضي التحقيق الذي يقرر بدوره تسليم الجثة بطريقة أصولية إلى ذويه". واستدرك بالقول "لكن استخبارات قيادة عمليات نينوى تمنع هذا الشيء وتعيق هذا الاجراء، بعد طلبها صحة صدور مستمسكات (وثائق الهوية) للقتلى". وأضاف المصدر: "أغلب جثث القتلى من القرى والأرياف من خارج مدينة الموصل، والبعض منهم وكالمعتاد يحملون هويات مزورة، وهذا ما تؤكده دوائر الأحوال المدنية، ويعيق تسليم الجثث إلى ذويها، وإذا تكلمنا بالموضوع مع بعض مراجعنا يتهموننا بأننا متعاونون مع الإرهاب". وتشهد مدينة الموصل عمليات مسلحة شبه يومية تستهدف رجال أمن ومدنيين ارتفعت وتيرتها مع تصاعد العنف في محافظة الأنبار، التي أطلقت فيها الحكومة العراقية نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي عمليات عسكرية لطرد تنظيمات القاعدة من تلك المناطق، بحسب تصريحات المسؤولين في الحكومة العراقية.