خلال ملتقى الرواق للتراث والثقافة التي استضافته مدينة المنصورة بمحافظة الأحساء تحت عنوان "مدينة جره الأثرية"، أكد المؤرخ السعودي عبدالخالق عبدالجليل الجنبي أن مدينة "جره" الأسطورية التي ذكرها الإغريق والرومان هي نفسها مدينة "هجر" الشهيرة في الأدب العرب وأشعارها. وأوضح الجنبي وفقا لما ورد بصحيفة "الوطن" السعودية أن الصفات التي ذكرها المؤرخون الرومان والإغريق لتلك المدينة التي أطلقوا عليها جره تتطابق مع نفس الصفات التي ذكرها الكتاب والشعراء العرب لمدينة هجر القديمة. وأضاف المؤرخ السعودي خلال المحاضرة التي أدارها المهندس عبدالله الشايب أن "جره" مدينة حضارية عريقة نالت شهرة لدى المؤرخين الإغريق والرومان في القرون الثلاثة السابقة لميلاد المسيح عليه السلام وقرنين أخرين بعده، وهو ما يُعرف عند المؤرخين والآثاريين بالحقبتين الهلينيستية والرومانية. وتابع إن الكثيرين من الباحثين الغربيين والشرقيين والعرب قد كتبوا في العصر الحديث عن هذه المدينة، وحددوا مكانها في الجزء الساحلي الشرقي للجزيرة العربية أو ما كان يُعرف بإقليم البحرين الساحلي الممتد سابقاً من كاظمة في دولة الكويت شمالاً إلى مشارف إقليم عمان القديم جنوباً، ومن ساحل البحر شرقاً إلى وادي المياه والجوف غرباً، وإنْ كانوا قد اختلفوا كثيراً في تحديد موقع هذه المدينة من هذه المنطقة في الوقت الحاضر. واستشهد الجنبي بأقوال الأغريق علي أن "جره" تعتبر من المدن الأسطورية فاحشة الثراء، مثل أجاثار كيدَس الذي لم يكن يرى أغنى من سكان هذه المدينة، وسترابو الذي وصف غنى أهلها وبيوتهم المطعمة بالعاج والذهب والفضة، وكذلك تم توضيح هذا الغنى المفرط لهذه المدينة من خلال استعراض تلك الهدية الهائلة التي قدمها الجرّهيون إلى الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث. وأشار الباحث والمؤرخ إلى صحة نطق الاسم كما كتبه المؤرخون الإغريق وفق قواعد لغتهم القديمة، وما جرى له عند قيام الرومان بكتابته بالحروف اللاتينية جرياً على عادتهم في النقل عن المصادر الإغريقية، موضحاً خطأ التهجئة والنطق الذي وقع فيه الكتاب العرب عند تعريبهم لهذا الاسم بلفظ "الجرهاء" أو "الجرعاء"، موضحا أن مصادر بحثه كلها غير عربية وإنما إغريقية ورومانية. وحدد موقع المدينة بأنها تمثل الأن العقير، وثاج، والقطيف، والقرية، والأحساء، وأشار الي وجود نهر متدفق في شبه جزيرة العرب ذكره المؤرخ اليوناني الأشهر هيرودوت أسماه نهر قوريس، اعتماداً على التشابه في التسمية بين جوريس وجرّه، وأنه هو نفسه النهر الذي صار يُعرف فيما بعد باسم نهر محلم في هجر. وأوضح الجنبي تأسيس مدينة جرّه من رؤية غربية، وفقا للمؤرخ الإغريقي سترابو حيث كان بها كلدانيون منفيون من بابل، ولكنه يرى أنها موغلة في القدم وأنها قد عاصرت فترة ازدهار حضارات وادي الرافدين في العراق، السومرية، والآشورية، والكلدانية، وأنها كانت مستوطنة من قِبَل سكان لا نعرف أصلهم أو عنصرهم على وجه التحديد،.