دعا الباحث في التراث أحمد عبدالهادي المحمد صالح إلى الاهتمام بالألعاب الشعبية ودراستها من جوانب تربوية ليس لما لها من بعد تراثي فقط، ولكن لما لعبت من دور كبير في تربية الأجيال وتأثيرها على سلوكهم، ولما تتضمنه من مخزون عميق يحمل في طياته قيم الإنسان وإبداعاته، وهي - كما يقول- صورة صادقة للمجتمع الحي بجميع اتجاهاته النفسية والفكرية والإبداعية. وذكر الباحث في الدراسة التي أعدها عن الألعاب الشعبية وفقاً لجريدة "الوطن" السعودية أن ميزتها عن الألعاب الحديثة تتمثل في أن معظم تراثها له مساس متين بتقاليد ذلك المجتمع الذي يرتبط بروابط الأسرة الواحدة فيسهل التقاء الشباب مع بعضهم وكذلك الفتيات. وذكر في دراسته أن الألعاب الشعبية تساعد رغم بساطتها على تنمية قدرات الأطفال وتعودهم على التفكير السليم وتعلمهم الكثير من المهارات والسلوكيات الإيجابية. وذكر الباحث في حديث ل"الوطن" أن اهتمامه بالألعاب الشعبية يأتي لما تميزت به في الماضي من امتيازات تربوية جيدة ساهمت في الحفاظ على المجتمع متماسكا، حيث كانت تعتمد في أصل اللعب على الشرف والأمانة وحسن النية، وقضاء وقت الفراغ بالترويح عن النفس، بالإضافة إلى أن هذه الألعاب -كما يقول- لم تخترق عادات وتقاليد المجتمع بل حافظت عليها، فلا يختلط الأولاد في اللعب مع البنات، بل كل جنس ينصهر في بوتقة واحدة إطارها المحبة والصدق، وبكثرة الألعاب كسر الأطفال حاجز الملل لوجود البديل، وراعى كل جنس قدراته في نوع اللعبة التي سيلعبها كل حسب عمره وقدراته وطاقته. وتأتي أهمية الدراسة -كما يقول الباحث - بالنظر إلى عصر التقدم التكنولوجي السريع، وهو عالم الاتصالات، والألعاب الإلكترونية وما لها من تأثير سلبي على تربية الأبناء حتى أصبحت هذه الألعاب نسياً منسياً أمام الألعاب الإلكترونية، ولم تجد العناية الكافية من ذوي الاهتمام بشؤون التراث بدراستها وتوثيقها، وبالتالي تأخذ مكانها الطبيعي ضمن تراث المنطقة المحفوظ. ويضيف وما هذه الدراسة إلا محاولة للفت النظر إلى هذا الميدان من التراث الشعبي العميق في معناه وجذوره ومكوناته للجيل الحالي وأجيال الغد التي لا تفقه عن ماضي الأجداد الأولين إلا القليل النادر من خلال ذكر بعض الألعاب الشعبية التي مارسها الآباء والأجداد أيام طفولتهم في المنطقة، من أجل إثارة انتباه الأجيال الصاعدة من الأبناء والبنات إلى هذه الألعاب بأنها تستحق منهم التعرف عليها ومحاولة ممارستها. ومن الألعاب التي تناولتها الدراسة، أبو ستة، استغماية، اقرع اقيرع، الفرارة، أم أرويح، أم العيال، اللسب بالغترة، بو طبيلة، برميل، الزنبور، حدي رجة بدارجة، السكونة، شط بط، شمبو بمبو.