المجالس الطبية المتخصصة تتولى الكشف على مرشحى عضوية مجلس النواب    افتتاح المرحلة الثانية للمعامل المركزية الصناعية في ميناء السخنة    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره القطري    محكمة الجنايات تقرر رفع اسم علي حسين مهدي من قوائم الإرهاب    وزير السياحة والآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بالأقصر    عميد كلية البنات الإسلامية بجامعة الازهر بأسيوط يفتتح المعرض الخيري السنوي بالكلية    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    "صحح مفاهيم".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    حكومة جنوب إفريقيا: نرحب بالتقدم المحرز نحو اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    خبير بالأهرام: خطة ترامب لغزة تفتقد التفاصيل والضمانات الكافية    جمال نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بفلسطين رغم دعم دول كبرى لها    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    الدوري الألماني.. بوروسيا دورتموند يسقط في فخ لايبزيج    محمد صلاح يقود الهجوم.. تشكيل ليفربول أمام تشيلسي في الدوري الإنجليزي الممتاز    مستقبل وطن بكفر الشيخ يدفع ب4 مرشحين في القائمة الوطنية لانتخابات النواب 2025 | خاص    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    الأرصاد: غدا الأحد طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للتغذية بالمدن الجامعية    بدء مشاهدات الموسم الجديد من نوادي المسرح بثقافة الغربية    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    خبير متاحف: المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع سياحي بل بيت للمجتمع المصري    وزير الخارجية يؤكد أهمية تكاتف جهود أبناء الوطن في الداخل والخارج لدعم المصالح المصرية والدفاع عنها    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    «شقوير» يتفقد المستشفى القبطي لمتابعة انتظام العمل وتطوير خدمات الرعاية    رئيس الوزراء: صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية في مصر صناعة عريقة    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    محلل سياسي: القاهرة تستضيف مباحثات حاسمة لوضع جداول زمنية لانسحاب إسرائيل    تأجيل محاكمة المتهم بقتل شاب من ذوى الهمم بالبحيرة لجلسة 7 أكتوبر    بطل رفع الأثقال البارالمبى: إقامة بطولة العالم بالعاصمة الإدارية حدث تاريخى    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    الصحة تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر قلب زايد بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    منح النيابة حق التحقيق بدون محام يثير أزمة باجتماع مناقشة الاعتراض على "الإجراءات الجنائية"    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    إصابة 5 بينهم 4 أطفال في انقلاب سيارة ملاكي بالوادي الجديد    محافظة الإسكندرية تتوج بجائزة سيول للمدن الذكية    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    اليوم.. مستقبل وطن يستقبل الأحزاب المشاركة بالقائمة الوطنية استعدادا للانتخابات    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المرأة فى المعتقد الشعبى الأمثال الشعبية .. نموذجاً
نشر في الواقع يوم 25 - 05 - 2012

للمرأة العربية مكانة خاصة فى الدين الإسلامى فقد رفع الإسلام من مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال؛ والمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع ، والرعاية ، وإحسان التربية ، ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك ، والإجارة ، والبيع ، والشراء ، وسائر العقود ، ولها حق التعلم ، والتعليم ، بما لا يخالف الدين الإسلامى ، وعندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يضرب مثلا للذين أمنوا رجالاً ونساءً ضربه بأمرأتين صالحتين ، ويقول الله سبحانه وتعالى فى سورة التحريم فى كتابه الكريم ..
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ .
وهذا أعظم تكريم للمرأة وهو أن نموذج الإيمان يتمثل فى هاتين المرأتين الصالحتين .
ورغم هذه المكانة التى منحها الإسلام للمرأة مازلت المجتمعات العربية تقلل من شأن المرأة حتى وقتنا الراهن ونحن فى أوائل القرن الحادى والعشرين ، فمازالت المرأة تعانى من التخلف ، والظلم الاجتماعى سواء من الرجل أو من العادات والتقاليد والأعراف السائدة فى المجتمع ، ومازالت المجتمعات العربية تعلى من قيمة الذكر ، ولعل ما تقدمه الأمثال الشعبية من صور التمييز ضد المرأة أقرب دليل على وضع المرأة فى هذه المجتمعات ، فكثيراً ما تعمل الأمثال الشعبية على وضع المرأة فى مكانة أقل من الرجل مثل " ضل راجل ولا ضل حيطة ، المره ضلع قصير ، هم البنات للممات.
وبالنظر إلى الواقع الذى تمر به المرأة العربية بشكل عام وصورتها فى المجتمع ، نجد أن المرأة العربية أثبتت جدارتها وقدرتها على الإبداع والابتكار في جميع المجالات ، ومازال التاريخ الحديث يذكر أسماء مبدعات ورائدات قدمن إسهامات مهمة ومتميزة في مختلف ميادين الحياة الاجتماعية والسياسية ، وبالرغم من وجود شرائح اجتماعية مختلفة تدعو إلى تهميش المرأة وإنكار دورها الطبيعي وحقها في المشاركة في بناء المجتمع العربي العصرى ، إلا أن المرأة العربية المبدعة مازالت تتبوأ مكانة مرموقة في المجتمعات العربية كافة، وثقافة المرأة قد تكون أكثر عمقاً في مجتمعاتنا التي لم تعترف سوى بالثقافة الذكورية ، وهذا يرجع إلى أن ظروف التربية والتعليم والعمل تغيرت ، فقد تزايدت أعداد المتعلمات والعاملات، وصارت المرأة العربية تشارك إلى حد ما في الحياة العامة.
كما تراجع جزئياً سلطان العادة والتقاليد وسطوة المجتمع الذكوري الذي كان يكبلها ويحدد دورها ومركزها الاجتماعيين ، فقد دخلت المرأة العربية ميادين جديدة، كانت حكراً على الرجل دون المرأة ، وتغيرت معها صورتها الاجتماعية ، وتمكنت المرأة العربية إنتاج خطاب أدبي غيّر من صورتها ووضعها الاجتماعى ، حيث أن الرجل كان يرسم صورة المرأة ، ويتحدث بلسانها، وهذا ما استطاعت المرأة أن تغيره من خلال الإصرار والعزيمة على تبني نهج الدفاع عن حقوقها واثبات ذاتها .
لذا نجد أن المرأة العربية وبرغم كل الظروف- الغير مواتية التى تحيط بها – أصبحت على مستوى رفيع من الثقافة والإبداع والإطلاع ، واستطاعت أن تشغل المراكز المهمة ، من وزارة ونيابة وقضاء إضافة إلى حضورها في المهن الحرة ومجالات النضال السياسي ، بل استطاعت المرأة العربية أن تثبت جدارتها وكفاءتها في المجتمعات العربية التى كان يحكمها الرجل إلى وقت قريب .
وفق هذه النظرة المختلفة التى أصبحت تتمتع بها المرأة العربية نسعى من خلال هذه الدراسة للوقوف على الصورة التى ترسمها الأمثال الشعبية العربية للمرأة ، والتعرف على دلالتها وانعكاساتها على وضعية المرأة ، فالأمثال الشعبية ، كما هو معلوم ، لا تكشف الخبايا النفسية لكل شعب فحسب ، بل هى بمثابة قوانين اجتماعية شبه ملزمة تسن المعايير التى يخضع لها الجميع .
الثقافة الشعبية :
الثقافة الشعبية هي مجموع العناصر التي تشكل ثقافة المجتمع المسيطرة في أى بلد أو منطقة جغرافية محدودة، وتنتج هذه الثقافة من التفاعلات اليومية بين عناصر المجتمع إضافة لحاجاته ورغباته التي تشكل الحياة اليومية للقطاع الغالب من المجتمع .
ويمكن اعتبار الثقافة الشعبية وحدة كلية متكاملة ، وعملية مستمرة تتعدى في وجودها كل اللحظات الزمنية الآنية ، وتتصل حلقاتها بعضها ببعض على الرغم مما قد يطرأ على بعض مظاهرها من تغيير واختلاف ، ويمكن اعتبار الثقافة الشعبية جسد كبير يضم بين جنباته العديد من الأشياء التي تحدد ثقافة الشخص أو الفرد أو الجماعة .. ومن بين هذه الأشياء نجد أن الثقافة تتجلى في العمران والملبس والأغاني الشعبية والأكل ألخ .
وقد استقرت الدراسات الإنسانية المعاصرة على اعتبار مُفردة «ثقافة» مُصطلحاً يدل على منظومة من الخبرات التي حصلتها جماعة من الجماعات البشرية، تتجلى فيها طريقة هذه الجماعة في الحياة، وتتحدد أنساقها القيمية والمعتقدية والمعرفية والجمالية ، التي تُعبرعن نظرتها للوجود الاجتماعي والطبيعي ، وحددت الموضوعات التي يشملها المصطلح بأنها : القيم والمعارف والتصورات والعادات والأعراف والتنظيمات، والتعبيرات الفنية، وأساليب العمل والإنتاج وأدواته وعلاقاته، وأي قدرات أخرى يكتسبها الفرد بوصفه عضواً في المجتمع.
مفهوم التراث الشعبى « الفولكلور » :
يشير مفهوم التراث الشعبى إلى كل ما يتصل بالتنظيمات والممارسات الشعبية غير المكتزبة وغير المقننة ، والتى لا تستمد خاصية الجبر والالزام من قوة القانون والدستور الرسمى للدولة ، أو السلطة السياسية وأجهزتها التنفيذية المباشرة بقدر ما تستمدها مباشرة من خاصية الجبر والالزام الاجتماعى غير المباشر ، سواء ما يتصل منها بالعادات والأعراف والتقاليد والمعتقدات المتوارثة ، أو ما قد تفرضه الظروف والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية المتغيرة من نماذج جديدة لمظاهر السلوك الشعبى بمختلف أشكاله .
ومصطلح التراث الشعبى يعتبر ترجمة لمصطلح " الفولكلور " والذى يشمل كل الفنون القولية الشعبية والفنون الشعبية المادية من أدوات وملابس وعمارة وغيرها.
فمصطلح فولكلور وارد على الثقافة العربية ، وكان تومز أول من اقترح استعمال مصطلح فولكلوركاسم يشمل دراسة العادات والتقاليد والممارسات والخرافات ... الخ ، بدلاً من عبارة Popular Antiquities أى المأثورات الشائعة أو الشعبية و Popular Literature أى الأدب الشعبى .
ولكن هذا المصطلح قد استعمل فى اللغة الألمانية فى السنوات " 1806 – 1808 م " فى اصطلاح Kunde Volk ، ثم استعمل فى اللغة الانجليزية فى عام " 1846 م " مع كلمة ثانية Lore بمعنى المعرفة أو الحكمة .
والتراث بمفهومه البسيط هو خلاصة ما خلَفته (ورثته ) الأجيال السالفة للأجيال الحالية ، وهو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل، نقول: " التراث الإنساني " التراث الأدبي ، التراث الشعبي "، وهو يشمل كل الفنون والمأثورات الشعبية من شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شّعبية وقصص وحكايات وأمثال شعبية تجري على ألسنة العامة من الناس، وعادات الزواج والمناسبات المختلفة وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال ومن ألوان الرقص والألعاب والمهارات.
وكلمة تراث من الفعل وَرَثَ يَرِثُ مِيرَاثَاً ، أى انتقل إلى الإنسان ما كان لأبويه من قبله فصار ميراثاً له ، وفي الآية الكريمة من سورة النمل : « وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ .. » ، وفي آية أخرى من سورة الأحزاب : « وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا .. » ، وقال الله تعالى إخباراً عن زكريا ودعائه إياه : « هب لى من لدنك ولياً يرثنى ويرث من آل يعقوب » أى يبقى بعدى فيصير له ميراثى .
والتراث في الحضارة العربية بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان.
ومن الناحية العلمية هو علم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع معين من الثقافة (الثقافة التقليدية أو الشعبية) ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية.
الموروث الشعبى :
يشكل الموروث الشعبي مادة خصبة وترجمة بليغة لمشاعر العامة، من خلال تراثه واغتنائه بألوان وضروب شيقة ومثيرة من التعابير والإيماءات، التي تصوغ مراحل وفترات متباينة من التاريخ البشري والكيان الإنساني. والموروث الشعبي أو المأثورات الشعبية مصطلح أقره مجمع اللغة العربية كترجمة عربية دقيقة للمصطلح الإنجليزي ( folk-lore )الذي شاع استخدامه منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بعد أن استخدمه العالم الإنجليزي سيرجون وليم تومز .
وفى اللغة الإنجليزية تعني كلمة folk-lore حكمة الشعب ، أما في اللغة الفرنسية فكلمة Le folk-lore تعني "مأثورات الشعب" .
وقد اتسع المصطلح في الثقافة العربية وكذا الغربية ليشمل التراث الشعبي الحي والإبداع الشعبي بأنماطه المتنوعة والمتعددة مثل " النثر الفني في الحكايات والأمثال والألغاز والسير الشعبية، وحتى سائر فنون التعبير الأدبية سواء كانت صياغات شعرية أو منظومات ومواويل، أو تتمثل في الفنون التشكيلية أو في العمارة بما تتميز به من زخرفة ونقوش " .
فالمأثورات الشعبية مجموعة أشكال تعبيرية تعتمد اللغة أحياناً، كما تتوسل اللغة والحركة والإيماءة أحياناً أخرى، لترسم بذلك لوحات فنية إبداعية تعبر عن تاريخ جماعي بصور ساذجة التركيب، وبلغة بسيطة في شكلها، عميقة ومركزة في محتواها، تسعى جاهدة للتعبير عن عادات وتقاليد وطقوس الجماعة.
تعريف الأمثال الشعبية :
لقد تنوعت تعاريف الأمثال الشعبية ، لكنها جميعا لا تخرج عن أنها : " قول مأثور ، تظهر بلاغته في إيجاز لفظه وإصابة معناه ، قيل فى مناسبة معينة ، وأخذ ليقال في مثل تلك المناسبة " . وقد إدرك العرب أهمية الأمثال ، سواء كانت فصحى أم شعبية جلياً وواضحاً ، فجموعها وحرصوا عليها .
كما يمكن تعريف المثل على أنه : " جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهه من جيل إلى جيل ، وهو جملة محكمة البناء بليغة العبارة ، شائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات " .
والمثل كما يراه الفارابي : " هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه حتى ابتذلوه فى ما بينهم وقنعوا به في السراء والضراء ، ووصلوا به إلى المطالب القصية ، وهو أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص .
ولذا فالمثل قيمة خلقية مصطلح على قبولها في شعبها ، وهو يمر قبل اعتماده وشيوعه في غربال معايير هذا الشعب ، وينم صراحةً أو ضمناً عن هذه المعايير على كل صعيد وفى كل حال يتعاقب عليها الإنسان في حياته .
وتعرف الموسوعة البريطانية المثل على أنه : " قول بليغ محكم ، يستخدم فى نطاق عام ، إذ أنه من التعبيرات المتداولة بين الناس ، والأمثال جزء من أية لغة متكلمة وتعود إلى بعض أشكال الأدب التراثى (الفلكلورى) المتناقل شفاهة " .
وقد احتلت الأمثال الشعبية مكانة خاصة عند العرب ، واعتنى العرب بها منذ قديم الزمان ، فكان لكلّ ضربٍ من ضروب حياتهم مثلٌ يُستشهد به ، وبلغت عناية اللّغويين العرب حدّاً مميّزاً عن سواهم ، إذ كان المثل بالنّسبة لهم يجسّد اللّغة الصّافية إلى حدٍّ كبير ، فأخذوا منها الشّواهد وبنوا على أساسها شاهقات بنائهم اللّغوى ، وكانت عناية الأدباء العرب بهذا الشّكل التّعبيري لها طابعٌ مميّز ، نظراً للأهمّية التّى يكتسبها المثل الشعبى فى الثّقافة العربيّة .
والمثل الشعبي هو ليس مجرد شكل من أشكال الفنون الشعبية ، وإنما هو عمل يستحث قوة داخلية على التحرك ، إضافة لذلك فإن المثل الشعبي له تأثير مهم على سلوك الناس ، فالمعنى والغاية يجتمعان في كل أمثال العالم . وهذه الأمثال على اختلافها تعبر عن تاريخ وفكر الأمم .
وتتسم الأمثال الشعبية بسرعة انتشارها وتداولها من جيلٍ إلى جيل ، وانتقالها من لغةٍ إلى أخرى عبر الأزمنة والأمكنة ، بالإضافة إلى إيجاز نصّها وجمال لفظها وكثافة معانيها ، ويعد المثل الشعبي من أكثر فروع الثقافة الشعبية ثراء ، حيث يجسد المثل الشعبي تعبيراً عن نتاج تجربة شعبية طويلة عاشتها الشعوب العربية تخلص إلى عبرة وحكمة ، ويعد ضرب المثل من أكثر الأشكال التّعبيريّة انتشاراً وشيوعاً فى الثقافة الشّعبيّة ، إذ أن الأمثال الشعبية تعكس مشاعر الشّعوب على اختلاف طبقاتها وانتماءاتها، وتجسّد أفكارها وتصوّراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها ومعظم مظاهر حياتها، في صورةٍ حيّة وفي دلالةٍ إنسانيّةٍ شاملة، فهي بذلك عصارة حكمة الشّعوب وذاكرتها .
خطاب المرأة فى الأمثال الشعبية :
يتميز خطاب الأمثال الشعبية بانتشاره السريع بين مختلف الفئات الاجتماعية ، لسهولة تمثله واستيعابه ولبنائه التركيبى وقدرته التعبيرية التى تجعله يعكس مختلف أنماط السلوك البشرى ، ثم لاستمرارية حضوره وانتقاله من جيل لآخر ، إضافة إلى طبيعته المتميزة بالتكثيف وبقدرته المجازية الكبيرة ، ويعبر هذا الخطاب عن الواقع ويختزن صوراً مختلفة عن الواقع البشرى ، من ضمنها صورة المرأة .. ونقصد بهذه الصورة هنا ، ذلك البناء الذهنى الذى يتم على مستوى الذاتية والرمزية والخيال ، والذى يرتبط بالواقع الإنسانى .. من منطلق أن الإنسان بقدر ما يعى العالم المحيط به وعياً مباشراً ، من خلال حضور الأشياء بذاتها فى العقل ، فإنه يعيها بطريقة غير مباشرة ، حيث تتواجد الأشياء فى الشعور عبر الصور .
وبالنظر إلى خطاب الأمثال ، فهو فى جوهره خطاب ذكورى ، ودراسة الأمثال الشعبية تتيح الكشف عن صورة المرأة فى المجتمعات العربية وفق مبدأ المركزية الذكوريةandrocentrique ، هذه الصورة التى تنتقل من جيل لآخر ، عبر فعل التنشئة الاجتماعية ، والذى تشكل الأمثال الشعبية أحد روافده الأساسية .
والمفارقة أن المرأة مسؤولة إلى حد ما عن تكريس صورتها السلبية ، باعتبارها فاعلاً أساسياً فى مجال التنشئة الاجتماعية ، فالوضع الدونى للمرأة فى الأسرة والمجتمع ، لا تعبر عنه الأمثال الشعبية ( والثقافة الشعبية بشكل عام ) فحسب ، وإنما تعمل على تكريسه ، بفعل التنشئة الاجتماعية ، ووصف المرأة باعتبارها الكائن الناطق الأكثر خضوعا للتقاليد والأعراف والعادات وللموروث الثقافى بصفة عامة .
وما هى صورة المرأة العربية فى المعتقد الشعبى ؟
المعتقدات الشعبية إرث تناقله الأبناء عن الآباء والأجداد ، فلازمهم طوال مسيرة حياتهم ، وأصبحت المعتقدات هاجساً يشغل بال الناس ويسيطر على تفكيرهم فيشعرهم بالتفاؤل والفرح حيناً ، والخوف والتشاؤم حيناً آخر، وهناك الكثير من المعتقدات الشعبية الخاطئة عن المرأة في المعتقد الشعبي العربي ، فكثيراً ما تصورها الأمثال الشعبية العربية على أنها كائن ضعيف خاضع للرجل ، والمثل الشعبى يقول " لما قالو لى ولد انشد ظهرى واتسند واما قالو لى بنيه انهدت الحيطه عليا " ، وهناك الكثير من الوسائل التى تسهم فى توجيه ثقافة الشعوب ونظرتها للمرأة العربية ، وعلى سبيل المثال نجد أن الأمثال الشعبية العربية قد تناولت العديد من الموضوعات والمعالجات التى كان لها تأثير مباشر وغير مباشر فى تكوين فكر وقناعة الشعوب العربية .
وعند تناول الأمثال الشعبية العربية بالدراسة نجدها تتعرض للمرأة ومكانتها تعرضاً كبيراً ، واختلفت الأمثال الشعبية العربية فى تناولها لقضايا المرأة ، حتى نجد أن هذا التناول يصل إلى درجة عالية من التناقض والتطرف أيضاً .. فهناك أمثال شعبية عربية عظمت من مكانة المرأة ورفعت قدرها وجعلتها صاحبة الدور الأساسى فى تكوين الأمم العظيمة .. وهناك أيضاً مجموعة كبيرة من الأمثال الشعبية التى تكرس من دونية المرأة وتقلل من شأنها بناءً على الثقافة السائدة فى المجتمعات العربية والتى تعلى من قيمة الرجل وتميز بينه وبين المرأة ، رغم أن هذا الإعتقاد يخالفاً ما نادت به الشريعة الإسلامية التى كرمت المرأة منذ بداية الإسلام ، كما أن للمرأة مكانة كبيرة فى المجتمع بسبب حرصها على شغل الوظائف والمناصب القيادية المنافسة للرجل ، وكثيراً ما تنادى المنظمات الاجتماعية بالحفاظ على حقوق وواجبات المرأة والمساواة بينها وبين الرجل والاهتمام بقضايا المرأة وعدم التمييز بينها وبين الرجل وعدم العنف ضد المرأة ، ومازالت المجتمعات العربية تعمل على ترسيخ القيم والعادات الاجتماعية الخاطئة ، وتعمل على نقل الأمثال الشعبية التى تقلل من وضع المرأة رغم ما يشهده العالم من تقدم وتطور .
صور تكريم الإسلام للمرأة :
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة ، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه ؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال ، وخير الناس خيرهم لأهله ؛ فالمسلمة فى طفولتها لها حق الرضاعة ، والرعاية ، وإحسان التربية ، وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة ، التي يغار عليها وليها ، ويحوطها برعايته ، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء ، ولا ألسنة بأذى ، ولا أعين بخيانة .
وما زالت المجتمعات الإسلامية ترعى حقوق المرأة حق الرعاية ، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة .
ومن صور إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها ، ويحفظ كرامتها ، ويحميها من الألسنة البذيئة ، والأعين الغادرة ، والأيدى الباطشة ؛ فأمرها بالحجاب والستر ، والبعد عن التبرج ، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب ، وعن كل ما يؤدى إلى فتنتها .
ومن صور إكرام الإسلام لها أن أمر الزوج بالإنفاق عليها ، وإحسان معاشرتها ، والحذر من ظلمها والإساءة إليها .
بل ومن المحاسن - أيضاً - أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق ، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة ؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح ، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق .
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالماً لها ، سيئاً في معاشرتها ، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه ، فتدفع له شيئاً من المال ، أو تصطلح معه على شئ معين ثم تفارقه .
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته ، وجعل لها الحق الكامل فى أن تشكو حالها إلى أوليائها ، أو أن ترفع للحاكم أمرها ؛ لأنها إنسان مكرم داخل فى قوله – تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) -الإسراء.
وليس حسن المعاشرة أمراً اختيارياً متروكاً للزوج إن شاء فعله وإن شاء تركه ، بل هو تكليف واجب ، قال النبى - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يضاجعها ) رواه البخارى ومسلم .
المرأة فى الأمثال الشعبية :
فى بعض الأحيان تصور الأمثال الشعبية البنت على أنها أساس البيت ، فيقال : « البنات عمارة الدار » لأن كل المسؤوليات المنزلية ملقاة على كاهلها ، فتقوم البنت بالعمل والنهوض بكل الأعباء المنزلية ، فى حين يتفرغ الولد للهو و للعب خارج البيت ، للتمتع بطفولته .
ومن جهة أخرى ، فإن البنت حتى وهى تنهض بأعمال البيت ، يظل عملها غير مقنع ، فيقال : « البنت تأكل ما تشبع وتخدم ما تقنع » .
كما أن الرهان على البنت ، فى المنظور الشعبى ، هو رهان على الفراغ ، فيقال : « دار البنات خاوية » فهى سرعان ما تغادر البيت إلى بيت الزوجية ، لتترك بيت الأهل فارغاً .
وقد تمارس الأمثال الشعبية فى أحيان أخرى عنفاً رمزياً مباشراً فى حق الفتاة ، كما هو الحال فى هذا المثل: « بنتك لا تعلمها حروف ولا تسكنها غروف » ، حيث تكشف العقلية الذكورية ، من خلال هذا المثل ، عن رغبتها فى الهيمنة والتسلط ، وذلك بالتأكيد على ضرورة الحد من استقلالية الفتاة ؛ لأن التعليم قد يمثل ، فى المنظور الشعبى ، خطراً بالنسبة إلى الفتيات ، لأنه يدعم الاستقلالية ويقوى الشخصية ، ويفتح أبواب الانحراف والضياع .
ويولى المجتمع التقليدى أهمية كبيرة لتربية البنات بيد أن التربية لا تؤخذ دائماً كهدف فى حد ذاته ، وإنما أحيانا نكاية فى الحساد والأعداء لا غير « ربى بناتك تنكى حسادك » ، ويلاحظ التخصيص هنا فى الحديث عن التربية ، إذ الأمر يتعلق بتربية البنات وليس تربية الأولاد ، لأن العار والشماتة تأتى من البنات .. وتركز التربية التقليدية على إعداد البنت لدور الزوجة وربة البيت ، لدرجة أن الأم تكون مطالبة ، في لحظة ما ، بالتنحى عن عالم الأنوثة ، لتفسح المجال لبناتها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.