صدر حديثا عن دابل داي كتاب "إرث الرماد: تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية" للكاتب تيم واينر الصحفي في صحيفة نيويورك تايمز المختص بشؤون وكالة الاستخبارات المركزية، والذي عمل على جمع مادة الكتاب منذ 20 عاما تقريبا، وسبق له أن فاز بجائزة بوليتزر عام 1988 عن تقاريره حول ميزانية البنتاجون "السوداء" أو السرية. يعرض الكتاب تاريخاً نقدياً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية متناولا الكثير من القضايا، ويحاول الكاتب أن يصور وكالة الاستخبارات المركزية كحصن للحرية ضد أعداء خطرين ومركز لحبك الدسائس والمؤامرات لنشر الإمبريالية الأمريكية والترويج لها في آن واحد. يعتمد الكتاب بشكل كامل على مصادر مباشرة ومقابلات رسمية، ويستشهد الكاتب بحقائق مستقاة من اطلاع الكاتب بشكل خاص على تقارير خاصة للوكالة وعملياتها يصل عددها إلى حوالي 50000 وثيقة في أرشيف الوكالة ومن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية ومن مقابلات رسمية مع 10 مديرين سابقين لوكالة الاستخبارات المركزية ومن أكثر من 300 مقابلة مع أعضاء ومسؤولين سابقين وحاليين في الوكالة. واوردت جريدة "الوطن" السعودية رأي الكاتب بإن "أقوى بلد في تاريخ الحضارة الغربية فشل في إنشاء مؤسسة تجسس من الطراز الأول، ويشكل هذا الفشل خطرا على الأمن القومي للولايات المتحدة، إن سجلات وكالة الاستخبارات المركزية مليئة بالحماقات وسوء الحظ، بالإضافة إلى البطولة والخداع، إنها مليئة بنجاحات زائلة وأعمال فاشلة طويلة المدى في الخارج، إن أهم جريمة ذات نتائج دائمة كانت عدم قيام وكالة الاستخبارات المركزية بمهمتها الأساسية: إعلام الرئيس عما يحدث في العالم". ويقدم واينر وصفا للازدواجية التي صاحبت تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية بعد الحرب العالمية الثانية، فقد أراد الرئيس ترومان حينذاك أن يعرف ما كان يجري في العالم حوله لكنه كان مترددا في الوقت ذاته في إنشاء ما يشبه الجستابو الألماني، فقد كان مقتنعا مبدئيا بأن وكالة الاستخبارات المركزية ستتحول إلى شيء مثل ذلك في النهاية، وبالفعل فقد كانت الوكالة التي سبقت إنشاء وكالة الاستخبارات المركزية، مكتب الخدمات الاستراتيجية، تملك سجلا مختلطا فيه الكثير من البطولات والفشل الذريع. ولذلك قرر ترومان في البداية التخلي عن فكرة إنشاء وكالة استخبارات، لكنه اقتنع فيما بعد، وهكذا ولدت وكالة الاستخبارات المركزية، لكن ذلك التردد لم يمنع ترومان، ولا الرؤساء الذين جاؤوا بعده، من اللجوء إلى الوكالة للقيام بأعمال غير قانونية وسرية داخل الولاياتالمتحدة وخارجها. لكن واينر يقول بأن المفارقة تكمن في أن أكثر أعمال الوكالة فشلا كانت أكثرها سرية، حتى ما يقال عن نجاحها في إيران وجواتيمالا وأفغانستان تبين على المدى البعيد أنها أعمال فاشلة، وقد فشلت الوكالة رغم إمكانياتها المادية الكبيرة في إعطاء إنذار لأي حدث عالمي، ومنذ البداية أظهرت الوكالة عجزا وجهلا في أداء مهمتها الأكثر أهمية، وهي تقييم نوايا وقدرات الاتحاد السوفييتي، كما فشلت بشكل كبير في فهم ومواجهة عمليات نظيرتها السوفييتية الناجحة، ال (كي جي بي). واجمالا يروي الكتاب أسباب فشل أحد عشر رئيساً أمريكياً وثلاثة أجيال متتالية من ضباط وكالة الاستخبارات المركزية في فهم العالم، وكيف أثر ذلك بشكل كبير على أمن الولاياتالمتحدة وعلى سير الأحداث في العالم بشكل عام.