صدر مؤخرا عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت كتاب "أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي" للدكتور مسفر بن علي القحطاني. يري المؤلف ضرورة ربط المناهج الدعوية بأدلتها وأصولها القائمة وإحياء هذه النظرة التأصيلية في اجتهاد الدعاة نظراً لما يمكن أن يثمر عنه ذلك في نفوس الدعاة ثقة بالمنهج ووضوحاً في الطريق وتقليلاً من خطر الوقوع في الفتن المضللة والشبهات المزلة مع ما يحققه من سعة في الأفق وزيادة في العلم والعمل لدين الله على هدي وبصيرة. ووفقا لصحيفة "البيان" الإماراتية يتناول المؤلف الموضوع من خلال ستة فصول تتركز على الاجتهاد الدعوي، حول ضوابط المصلحة الدعوية، حاجة الدعاة إلى فهم مقاصد الشريعة، فقه الأولويات وضوابطه الشرعية، التطرف الفكري وأزمة الوعي الديني، رؤية مقترحة لملامح التجديد في علم أصول الفقه. ويتحدث عن فقه الأولويات وضوابطه الشرعية مسلطاً الضوء على دور القواعد الأصولية في ترتيب الأولويات الفردية والجماعية بحسب أهميتها ومنزلتها في الشرع وبحسب المتغيرات والعوارض المختلفة التي تطرأ وتتنوع في حياة الناس. وفي هذا الإطار يقدم المؤلف تمهيداً في أهمية فقه الأولويات والضوابط الشرعية له وتطبيقه عند مواجهة التحديات. ويوضح أن أولويات العمل وأفضلية الامتثال بالأعمال الصالحة ليست أحكاماً محددة لا تتبدل أو قوالب ثابتة لا تتغير، بل هي خاضعة لإيثار مرضاة الرب ولما يصلح لكل عبد في نفسه ووقته كما هي خاضعة أيضاً لموازين المصالح والمفاسد ومن خلال هذه الموازين المختلفة تتسع ساحة التنوع في الاجتهاد، كما تتسع الصدور والنفوس للاختلاف المؤدي للائتلاف والوحدة والتكامل البناء بين العاملين في حقل الشريعة الإسلامية. ويقدم المؤلف بعض ملامح التطرف الفكري لدى بعض الشباب والذي يعود إلى الخلل الكبير في فهم الدين وخصوصاً عند تلقي الأحكام أو الاستدلال بالنصوص. ويذكر أن من الخلل ترك تلقي العلم من العلماء ومجالستهم والتتلمذ على الأصاغر أو الأخذ من كتب أهل الأهواء. كما من صور الخلل أيضاً التعصب للرأي تعصباً لا يعترف معه للآخرين بوجود وجمود الشخص على فهمه. ويؤكد المؤلف أن التطرف الفكري يشكل أحد عوائق النهضة، فالمبالغات التي أصبحت سمة للفكر المتطرف تجعله يبالغ في ذم من يخالفه إلى درجة الإسقاط والإقصاء وفي المقابل المدح والثناء على من يوافقه لدرجة التقديس والتنزيه عن الأخطاء. وفي رؤيته المقترحة لملامح التجديد في علم أصول الفقه يذكر المؤلف أن هذا العلم يعتبر مجالاً مهماً لتنظيم الفكر وبناء العقل المسلم وفق قواعد منطقية تنتج بالضرورة حقائق قد تكون نسبية، وإمكانية الاستفادة بشكل كبير من القواعد الأصولية بشكل كبير وعملي في التشريعات القانونية لتنظيم حياة المجتمع حيث ستوفر له الحلول الكثير من دون الحاجة لاستيراد أنظمة وقوانين من بلاد أخرى تختلف عن مجتمعات المسلمين في القيم والأعراف والمبادئ.