تعد الكتابة من أهم الطرق التي يستطيع الإنسان من خلالها التعبير عمَّا يجيش في صدره أو يجول بخاطره. ويقاس تقدم الشعوب والحضارات بمقدار تقدم وانتشار معارفها وفنونها بالكتابة. ويري احمد سليمان المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية واحد الخطاطين البارزين في هذا الفن في تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط " أن مجتمعنا العربي والإسلامي يعاني من ضَعف خطوط الكثير من أبنائه.
الأمر الذي يسلبهم درجات عزيزة وغالية في المواد الدراسية في سني الدراسة المختلفة، ويقلل من قدراتهم الإبداعية في مجالات كثيرة، كما أن الموهوبين في مجال الخط العربي -على ندرتهم- لا يجدون من يشجعهم أو يرعاهم أو يصقل مواهبهم.
ناهيك عن كتابة اللافتات وعناوين الصحف والمجلات في بلادنا العربية والإسلامية وغيرها بخطوط كمبيوترية جامدة، عبارة عن قوالب نمطية ثابتة مرصوصة، تسهم –مع غيرها- في نشر الرتابة، وتكاد تقضي على عناصر الإبداع لدى الموهيين في المجالات الفنية وغيرها.
ويضيف قائلا : "لقد كان الخط العربي وسيلة لنقل العلوم والمعارف العربية إلى العالم الآخر قبل اختراع الطباعة، وعليه كان العماد في دفع الحركة العلمية في أوروبا التي كانت مظلمة وقت أن كان العرب هم رواد العلوم والفنون والمعارف..
ولا ننس فضل الخط العربي في حفظ مقومات الهوية العربية والإسلامية، فعليه كان العماد في حفظ القرآن كتابةً، منذ عصر النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى عصرنا هذا، وكذلك جمع السنة وعلومها منذ القرن الثاني الهجري إلى عصر الطباعة".
ويستطرد : " وينطبق القول على كافة علوم الدين الإسلامي؛ لذلك أخذ القدماء خصوصًا من الأتراك والمصريين والعراقيين وغيرهم بجميع الوسائل التي ترتقي بالخط العربي حتى صار في ذاته فنًّا عالميًّا له مكانته السامقة في جميع الثقافات.
وأصبحت له صور وأشكال وقوالب عديدة، ولا يزال الباب مفتوحًا نحو ابتكار الجديد في مجال الخط العربي ولكن ذلك قاصرًا على قلةٍ من الخطاطين.. ولا يستطيع التاريخ أن ينكر براعة الآلاف من العرب والمسلمين في فنون الخط العربي.." .
وأوضح أنهم كتبوا بأناملهم لوحات بالخط العربي تعد من أجمل ما كُتب في هذا الفن، فهناك الفنان محمد عبد القادر رحمه الله التي تعد كتاباته في الخط الديواني، أفضل ما كتب على وجه الأرض.
وهناك الرواد من أمثال: عثمان طه، ومحمد حسني وعبد الرازق سالم ومحمد إبراهيم ومحمد حمام وفوزي عفيفي وخضير البورسعيدي، وهاشم البغدادي وغيرهم كثير.. " .
واضاف : " هؤلاء وغيرهم متعوا ناظرينا بلوحاتهم الخطية الماتعة، التي تكشف عن مواهب عملاقة وقدرات خلاقة أبهرت الدنيا.. كما أنهم علَّموا أجيالا من العرب والمسلمين هذا الفن الرفيع، لينشروه ويعلموه للتلاميذ في المدارس الابتدائية منذ نعومة أظافرهم.
لتظل لبلادنا الريادة والقيادة... وفجأة ومن دون سابق إنذار وجدنا انحدارا كبيرا في الاهتمام بهذا الفن الرفيع، وكأننا اعتبرناه ابنا غير شرعي لنا...!!".
ومن جانبه صرح الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر ل محيط بأن ما حدث للخط العربي من اضمحلال وركود يرجع إلي تراكم عوامل كثيرة، يتطلب منا تضافر الجهود؛ لإعادة بعثه وإحيائه من جديد، مستخدمين في ذلك أحدث وسائل العصر.
وقال : " لذلك قرر مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر، انطلاقا من رسالته السامية، بعقد دورات متخصصة لتعليم الخط العربي، تنطلق من جامعة الأزهر الشريف، ويقوم بها أحد كبار الخطاطين.
لتكون خطوة مهمة على طريق بعث الحضارة الإسلامية وفنونها من جديد؛ والإسهام في تحسين خطوط الجماهير، واكتشاف النوابغ والموهوبين في هذا الفن الرفيع ورعايتهم، وتنمية قدراتهم" .
وأشار إلى أن هذه الدورات تستهدف العمل على إحياء فن الخط العربي (خط المصحف الشريف)، وحمايته من الاندثار في عصر العولمة التي تحاول تنميط العالم كله بميراثه وثقافاته في ثقافة القطب الأوحد..
كما تستهدف الدورات التعريف بأحد فنون الحضارة الإسلامية، والإسهام في تحسين خطوط طلابنا في شتى المراحل الدراسية، حتى يحصلوا على درجات أفضل في الامتحانات.. وغيرهم من الراغبين في تعلم هذا الفن الرفيع.
وتكوين أجيال من الخطاطين المتميزين، الذين يسهمون في كتابة المصحف الشريف للأجيال القادمة، والعمل على اكتشاف الموهوبين في الخط العربي، وإخراج كنوز الخط العربي والتعريف بها للعالم كله.
والحفاظ على هوية الأجيال المسلمة، وربطهم بماضيهم المجيد وبحضارتهم الإسلامية التي أضاءت جنبات الدنيا، في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية والطبيعية.
وقال: " إن الدورة الأولى تبدأ بمشيئة الله تعالى في 24 أكتوبر 2011م، وتنتهي 20 ديسمبر 2011م، وتكون بداية من الساعة الثالثة عصرا حتى الخامسة والنصف يومي الاثنين والخميس،
وتستهدف فئات مهمة أهمها طلاب وطالبات جامعة الأزهر من المصرين والوافدين، وأيضا طلاب المدارس العامة والجامعات المختلفة، والراغبين في تعلم فنون وأسرار الخط العربي من الفئات العمرية المختلفة، فضلا عن الموهوبين، والسادة أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة بالجامعات المصرية..
وأشار مدير مركز صالح كامل بجامعة الأزهر إلي أن الدورة تركز على التعريف بالخط العربي، وكيفية إعداد أدوات الكتابة، وبري القلم وتجهيزه، وطريقة الجلوس.
مرورا بتعليم الحروف الأبجدية، بكتابتها مصغرة ثم مكبرة أكثر ثم كبيرة جدًّا، وأشكال كل حرف على حدة، ووضع الحرف في أول الكلام، وفي وسطه، وفي آخره، وتعدد أشكال الحرف في كل حالة...
ثم الانتقال التدريجي بكتابة حرف الباء مع جميع الحروف، ثم الجيم مع كل الحروف، ثم السين مع جميع الحرف..... وهكذا ثم الشروع في كتابة كلمات ومقاطع قليلة الأحرف، ثم الكلمات .
الكبيرة، ثم كتابة الجُمل، ثم التدرب على دقائق الخط وأسراره، وتركيبه وعمل التشكيلات الفنية به... وتنتهي الدورة بامتحان ثم حفل لتكريم النوابغ والمتميزين.