القدس المحتلة: كشفت الوثائق التي نشرتها قناة "الجزيرة" بشأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ،التي تشير إلى ان الجانب الفلسطيني اقترح حلا غير مسبوق لتقسيم القدس والتخلي عن مساحات كبيرة من الحرم الشريف، ان إسرائيل قدمت اقتراحا شفويا بشأن تشكيل "لجنة دولية" لتحديد مصير الحرم الشريف في 2008. وذكر موقع قناة "الجزيرة" ان الحرم الشريف كان موضوعا نادرا ما أثير في عملية مفاوضات أنابولس التي شملت 260 جلسة محادثات بين نوفمبر/تشرين الثاني 2007 وديسمبر/كانون الأول 2008. وأوضحت الوثائق ان ذلك يعود أساسا إلى أسباب سياسية داخلية إسرائيلية، موضحة ان شركاء رئيس الوزارء الاسرائيلي السابق إيهود أولمرت في الائتلاف كانوا يطالبونه بأن تظل مسألة الحرم والمواقع المقدسة بدون حل حتى ان حزب "شاس" اليهودي المتطرف هدد بأن ينسحب من الحكومة إذا ما تمت مجرد إثارة مسألة الحرم. وتابعت " الجزيرة" ان محادثات كامب ديفيد عام 2000 كانت المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة فلسطينيون وإسرائيليون وجها لوجه ليناقشوا مصير القدسالشرقيةالمحتلة والمواقع المقدسة. وتابعت ان القانون الدولي وحدود عام 1967 تبين بوضوح أن الحرم الشريف ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كانوا رغم ذلك راغبين بمناقشة الحرم الشريف في مفاوضات كامب ديفيد، ورغبتهما تلك كانت مثار جدل كبير. وأشارت الى انه على الرغم من المقترحات المتعددة من كلينتون لتقسيم السيادة على الحرم الشريف، رفض عرفات بكل فخر وأكد رفض منظمة التحرير الفلسطينية المساومة على الحرم الشريف. كان موقفا مبدئيا من عرفات صب عليه جام غضب الأمريكيين والإسرائيليين، إلا أنه أكسبه احترام الفلسطينيين والعرب والأمة الإسلامية جمعاء. ولفتت إلى ان الوفد الإسرائيلي المفاوض كان غير مفوض بالتحدث عن الحرم، كما جاء في اجتماع بتاريخ 2 يوليو/تموز 2008 على لسان عودي ديقل كبير مفاوضي حكومة أولمرت. سأل ديقل عريقات قائلا: "لماذا تصرون أن تثيروا مسألة القدس في كل مناسبة، أليس هناك تفاهم بين القادة حول هذا الموضوع؟" بهذه الكلمات يعترف الإسرائيليون بأنه لا يمكنهم التفاوض على أي مسألة بخصوص القدس". ورغم ذلك السلطة الفلسطينية قدمت وطرحت أفكارها، ولم تعر للعواقب التكتيكية التي تترتب على تلك العروض، ورغم ما هو معروف عن الإسرائيليين بابتلاع أي تنازل يأتيهم دون إزعاج أنفسهم بدفع الثمن. وخلال اجتماع بتاريخ 29 مايو/أيار 2008 في القدس في مرحلة ما بعد أنابولس، قال ديقل لمسئولي السلطة الفلسطينية إن معايير عملية السلام قد تغيرت. وقال ديقل لخبير الخرائط في منظمة التحرير الفلسطينية "منذ عام 2000، حدثت أشياء وبالتالي نحن لسنا في نفس النقطة التي انطلقنا منها. لقد بدأتم حربا مروعة ضدنا فقمنا بخلق واقع على الأرض. هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم، لذلك لا يمكننا العودة إلى كامب ديفيد. الظروف تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الحين. الحقائق تغيرت. لذلك لا نقدر أن نوقف عجلة الزمن ونعتبر أننا لا زلنا في العام 2000. الشرق الأوسط قد تغير". وأضاف ديقل في وقت لاحق من الاجتماع "نحن لسنا في موقع من أخذ منكم شيئا وعليه إرجاعه لكم. نريد دولة فلسطينية لأن ذلك في مصلحتنا، لا يمكننا أن نتوانى مع منطق "إرجاع ما أخذ". وبعد أن فشلت محاولات أحمد قريع في اجتماع لاحق بإقناع الإسرائيليين بالعودة إلى الوراء، بدأ الفلسطينيون ومع انطلاق عملية أنابولس الاقتناع بضرورة الاعتماد على تدويل القدس. وفي 31 أغسطس/آب 2008 تلقى عباس مقترحا شفويا من أولمرت ينص على أن تشكل لجنة بعضوية الولاياتالمتحدة ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية لتحديد مصير الحرم الشريف. إلا أن اللجنة لم تكن لتملك القوة لتجبر إسرائيل على توصياتها ولا حتى السلطة الفلسطينية، الطرف الضعيف في المفاوضات. وقالت "الجزيرة" ان عريقات بدا راغبا في قبول الاقتراح، حتى وإن كانت الولاياتالمتحدة تفتقر إلى فهم تاريخي لقضية الحرم الشريف وتعتبر أقرب وأصدق حلفاء إسرائيل. الأدهى من ذلك، أن كلا من مصر والسعودية والأردن سوف تستخدم اللجنة لمصلحة قضاياهت وكلهم –وخاصة السعودية- لديهم مصالح في وضع الحرم الشريف. فمنذ إطلاق مبادرتها للسلام في الشرق الأوسط عام 2002، والتي تبنتها الجامعة العربية، أصبحت القضية الفلسطينية وإسرائيل في صلب اهتمامات المملكة العربية السعودية. وتابعت انه مع مشكلة التطرف المتصاعد في المملكة ومع هاجس مواجهة إيران التي قد تمتلك سلاحا نوويا، أصبح من الواضح أن الوصاية على الحرم ستكسب صاحبها الولاية على الحرم والمسجد الأقصى أولى القبلتين. وفي نهاية محادثات أنابولس وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2008، أي قبل أسابيع من حرب غزة قال عريقات لديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية إن "جل اهتمام السعوديين هي القدس، وليس تبادل الأرض ولا المناطق".