الانتصار الحقيقي ل (كلينتون) ماري ويلسون "أنا هنا بسبب هيلاري كلينتون" على مدار الشهور القليلة الماضية، ترددت هذه العبارة على لسان مئات النساء اللائي لم ألتق بهن من قبل ولكنني كنت أعرف بالكاد أسماءهم في يوم من الأيام. وهؤلاء النساء هن الجيل القادم من القيادات النسائية في أميركا، إنهن نساء من كل الأعمار والقناعات يبحثن عن الوسائل والتشجيع اللازم لكي يصلن إلى مواقع قيادية في مجتمعهن؛ وهن نساء من كل التوجهات السياسية اللائي يشكرن هيلاري كلينتون على جعل المستحيل يبدو ممكناً في نهاية الأمر.
وبصفتي امرأة دأبت على تدريب النساء في شتى أنحاء الولاياتالمتحدة على القيادة في كل القطاعات، كان من السهل بالنسبة لي أن أري عن قرب أثر مشاركة كلينتون في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة الأميركية. وقد شاهدت خلال العام المنقضي امرأة تجوب المدن والولايات الأميركية بنشاط ودأب شديدين حيث ذهبت إلى مدن التعدين في ولاية مينيسوتا والمراكز الحضرية في مدينة أطلانطا وولاية دنفر، وأظهرت قدرة على القيادة لم نعهدها في أي امرأة أميركية من قبل. ومن الخطأ أن نقول بأن القيادة السياسية للنساء سوف تتعرض لإنتكاسة في أعقاب خسارة كلينتون في سباق الترشيح لإنتخابات الرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي. وفي الحقيقة، أنا أعتقد بأن نهاية حلقة ترشحها سوف يتم تصنيفها في نهاية الأمر على أنها نوع من الإحباط البسيط قياساً بالمكاسب الكبيرة التي حققتها والتي تتضمن الأمور التي كشفتها لنا عن التطلعات السياسية غير المرئية في كثير من الأحيان للنساء وكيف يمكن أن نساهم في تقوية موهبة وطموح النساء من أجل إحداث تغيير في كل مستويات الحكومة. وتبشر التطورات السياسية في الوقت الحالي بظهور مجموعة من النساء "اللائي يحكمن الولايات الأميركية" مثل جانيت نابوليتانو، حاكمة ولاية أريزونا وكاتلين سيبيليوس، حاكمة ولاية كنساس وسارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا إلى جانب مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ المؤثرات وبعض المسؤولات البارزات اللائي سوف يظهرن على الساحة السياسية في المستقبل القريب. وتمتلك الولاياتالمتحدة ثروة من النساء المخلصات والذكيات والخبيرات من الناحية السياسية اللائي يبدين إستعداداً للعب دور قيادي على المستوى القادم. وسوف تساهم هؤلاء النسوة في إلهام الأخريات من خلال نماذجهن المشرفة. ولكن نموذج المرأة التي إقتربت كثيراً من القمة بالفعل ليس فقط هو النموذج الذي يوضح تأثير سباق كلينتون التاريخي. ويمكن رؤية الأثر الحقيقي طويل الأمل لترشحيها في حركة النساء المزدهرة في المجال السياسي اللائي يعملن بجد من أجل تغيير المظهر السياسي للولايات المتحدة. وهؤلاء النسوة هن المعلمات المتقاعدات اللائي يرغبن في توسيع نطاق أعمالهن الجيدة في المجتمع والخريجات الجديدات المصممات على تغيير العالم من حولهن والعاملات الموسميات في المصانع اللائي يرغبن في إيصال أصواتهن إلى المسئولين في النهاية. وهؤلاء النسوة قد لا يكونون في إطار رؤيتنا الوطنية، ولكنهن ربما يغيرن وجه وصوت القيادة الأميركية كما فعلت بكل تأكيد هيلاري كلينتون. وقد غيرت كلينتون الملاحظات الثقافية حول هوية ومظهر القائد. والحقيقة القائلة بأننا بتنا نمتلك الآن نساء في مستويات القمة والقاع السياسية في شتى الولايات الأميركية ليست مجرد مصادفة أو قضاء وقدر، إنها نتيجة عقود طويلة من العمل والطموح، وهي قاعدة إستراتيجية إذا كنا نريد أن نمتلك ديمقراطية ممثلة بشكل حقيقي، بمعني ديمقراطية تكون فيها النساء من كافة الألوان والجاليات قياديات بعدد متساوي مع نظرائهن من الرجال. ومع دخول المزيد من النساء إلى الساحة السياسية على جميع المستويات، سوف تكون كفاءة وشخصية مؤسساتنا السياسية أفضل بفعل مشاركتهن. وسوف تعكس هؤلاء النسوة بشكل متزايد الطبيعة الواسعة لتجارب بلدنا وتجسد ثراء رؤيتنا الجماعية إزاء التغيير. وقد ساهم ترشح كلينتون في ظهور رؤية غير مسبوقة لقيادة المرأة. وربما نكون قد إختلفنا في وقت من الأوقات مع تكتيكات حملتها الإنتخابية وسجل تصويتها أو مناوراتها السياسية. وقد أكد ترشيح كلينتون على وجود تصدعات معينة بين النساء من خلفيات عرقية وسياسية ومجتمعية مختلفة. ولكن سواء إذا كنا قد أحببنا كلينتون المرأة أو كلينتون المرشحة، فإن هذا الأمر يخبو مقارنة بهذه الحقيقية المسلم بها وهي أن ترشحها ساعد على تغيير اللعبة السياسية للأبد. وينبغي على البقية من النساء القياديات في الوقت الحالي لعب أدوارهن من خلال تشجيع القيادات النسوية بجميع الأشكال والصور. ونحن نفعل ذلك من خلال توجيه الدعوة للأصدقاء والأقارب من النساء لكي يتخذن الخطوة القادمة بالمشاركة في الحياة السياسية عبر الترشح لشغل المناصب الكبيرة أو الصغيرة على حد سواء. ونحن نفعل ذلك من خلال دعم المرشحات النساء لأنهن مؤهلات لشغل المناصب القيادية مثلهن في ذلك مثل نظرائهم من الرجال بهدف تحقيق التغييرات التي نسعى إليها. ولا ينتهي السباق بنهاية حملة هيلاري كلينتون. ومن خلال المساعدة على شغل المجال السياسي بأعداد كبير من النساء المؤهلات والبارعات، يمكن القول بأن ترشح السيناتور هيلاري كلينتون غير كل شيء يتعلق بمستقبل القيادة في هذه الدولة. وهذه هي التركة التي يجب أن تفخر بها كلينتون ودولتنا. نشر في صحيفة " واشنطن بوست " ونقل من صحيفة " الوطن العمانية " 11/6/2008