شيخ الأزهر: القضاة ركيزة أساسية في إرساء العدالة وبسط الأمن والاستقرار في المجتمعات    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 70 جنيهًا    لتحديد القيمة الإيجارية، كشف المناطق المؤجرة للغرض السكني في 4 محافظات    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الفرنسى تطورات الأوضاع في غزة ولبنان وليبيا    مصر في المستوى الثالث، ننشر التصنيف الكامل لمنتخبات كأس العالم قبل قرعة 5 ديسمبر    النيابة الإدارية تحقق في واقعة طفلة التنمر بالدقهلية    اللي مش قد المسؤولية يمشي، مصطفى كامل يفتح النار على عضو نقابة المهن الموسيقية    النيابة تكشف عن شبكة أسرية لسارة خليفة لتصعصابة سارة خليفةنيع وترويج المخدرات    بعد إبطال 19 دائرة.. عماد جاد ل الرئيس السيسي: نطالبكم بإصلاح جذري للحياة السياسية    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة مصر للمعلوماتية تكشف عن برامج مبتكرة بالذكاء الاصطناعي في الأمن السيبراني والتعليم وعلوم البيانات    تأييد أمر منع هدير عبدالرازق من التصرف في أموالها    19 نوفمبر 2025.. استقرار البورصة في المنطقة الخضراء بارتفاع هامشي    شوبير يكشف حقيقة تولي كولر تدريب منتخب مصر    أحمد المسلماني: برنامج الشركة المتحدة دولة التلاوة تعزيز للقوة الناعمة المصرية    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    بعد أزمته الصحية.. حسام حبيب لتامر حسني: ربنا يطمن كل اللي بيحبوك عليك    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    خالد عبدالغفار: دول منظمة D-8 تعتمد «إعلان القاهرة» لتعزيز التعاون الصحي المشترك    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    نور عبد الواحد السيد تتلقى دعوة معايشة مع نادي فاماليكاو البرتغالي    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    مدير"تعليم الجيزة" يحيل قيادات وموجهين للتحقيق ل "مخالفات" في رصد الدرجات والغياب    ضبط المتهمين بقتل صاحب ملجأ والتخلص منه في مصرف بالشرقية    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    جامعة قناة السويس تدعم طالباتها المشاركات في أولمبياد الفتاة الجامعية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الداخلية تضبط أكثر من 17 طن دقيق مخالف وتتصدى لتلاعب المخابز    الأكبر منذ 50 عاما..مصرع شخص فى حريق التهم أكثر من 170 مبنى باليابان "فيديو"    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    اليوم، حفل جوائز الكاف 2025 ومفاجأة عن ضيوف الشرف    ماذا قالت إلهام شاهين لصناع فيلم «بنات الباشا» بعد عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي؟    العدد يصل إلى 39.. تعرف على المتأهلين إلى كأس العالم 2026 وموعد القرعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة السعودية.. بين السلفية والتحرر
نشر في القاهرة يوم 07 - 02 - 2012

«1» التيار النسائي السلفي: مع النقاب وضد قيادة السيارة والتغريب المرأة السلفية السعودية تتحدث أكثر من 500 امرأة ملأن مؤخراً مركز ميمونة في العاصمة السعودية ذات مساء لحضور محاضرة. بعض النساء كن ترتدين العباءات السوداء حتي داخل المركز وملأن معظم الصفوف التي تتكون من كراسي بلاستيكية ملونة، في حين جلست المتأخرات في الوصول في مجموعات صغيرة علي السجاد وظهورهن مسندة ضد الجدار. هتفت المحاضرة من وراء طاولة علي منصة مرتفعة: «من نحب؟». أجابت الحاضرات في انسجام تام: «الله». وعقبت المحاضرة: «إذاً يجب علينا طاعته». وواصلت المحاضرة حديثها حيث حثت الجمهور علي ارتداء ملابس محتشمة وتربية بناتهن علي فعل الشيء ذاته. وأوضحت أنه علي الرغم من مما يتردد الآن، فإن الاختلاط بين الرجال والنساء يعتبر خطيئة. وحذرت: «حتي لو كان الناس لا يرون ذلك خطيئة الآن، فإن الله شاهد علينا». وأضافت: «في يوم القيامة، سوف يشهد جلدك ضدك». إحدي الحاضرات كانت السيدة مشاعل العيسي، وكانت تكتب ملاحظات ودموعها تنهمر بغزارة، حيث عرف عنها عمق شعورها بمسئولياتها الدينية وغيرتها الشديدة علي المجتمع السعودي من هجمة الأفكار التغريبية. مشاعل، وهي كاتبة نارية شابة علي الإنترنت، إضافة إلي المحاضرة لهذه الليلة أفراح الحميدي، هما من بين مجموعة من النساء السعوديات المحافظات اللاتي تحاولن تصحيح ما يرونه من تآكل للقيم التقليدية في المملكة وتحول خطير في وضع المرأة. مشاعل تقول: «المرأة السعودية هي الأكثر حظاً في العالم، والسعودية هي أقرب شيء إلي الدولة الإسلامية المثالية والنقية»، وأضافت: «لا نريد استيراد القيم الغربية لتدمير وضع مجتمعنا الإسلامي». التغيرات التي تغضب مشاعل والنساء المحافظات الأخريات جاءت بعد الهجمات الصحفية الغربية التي طالت السعودية بعد اكتشاف أن 15 من منفذي هجمات 11 سبتمبر2001 كانوا من السعوديين. وعلي نطاق واسع كانت تلك الهجمة الصحفية الغربية تؤكد أن عدم وجود الحريات الشخصية في المملكة (وهي نظام ملكي مطلق يفرض شكلاً صارماً من الإسلام) هو السبب الكامن وراء الفكر المتطرف للمهاجمين. تخفيف الرقابة بعد فترة وجيزة، خففت الدولة الرقابة الصارمة علي وسائل الإعلام، ونوقشت علناً موضوعات منعت مناقشتها المؤسسة الدينية لعقود من الزمن، مثل منع النساء من قيادة السيارة أو العمل جنباً إلي جنب مع الرجال. المرأة، التي كانت مخفية في السابق، بدأت في الظهور كمذيعة في التليفزيون، وأصبحت صورها زاداً يومياً في الصحف. الملك عبد الله دعا إلي زيادة فرص العمل للمرأة وقام بضم بعض النخبة من النساء (من الصحافة وأساتذة الجامعة ومجال الأعمال) ضمن الوفد المرافق له في رحلاته الخارجية. وخلال جولات إقليمية سابقة، قال كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، ووكيل وزارة الخارجية السابق كارين هيوز، إن المرأة السعودية بحاجة إلي حقوق سياسية أوسع نطاقاً لإجراء تغييرات إيجابية في حياتها. ولكن هذا الجو الجديد وهذه التغييرات، سببا جزعاً للنساء المحافظات اللواتي ينظرن بعين من الريبة والشك إلي أي تدخل للولايات المتحدة، وتحذرن من أن التغيرات في وضع المرأة الحالي يمكن أن تدمر الإطار الإسلامي للبلد. وعلي الرغم من عدم توافر الأرقام، فإنه يبدو أن النساء السعوديات المحافظات والملتزمات دينياً تشكلن نسبة لا بأس بها من سكان البلد من الإناث وربما كن الأغلبية، ما يكذب الأفكار المتداولة أن معظم النساء السعوديات غير راضيات عن وضعهن وتنتظرن من يحررهن!!! بل علي العكس من ذلك، فإن النقاب الأسود والحظر المفروض علي قيادة المرأة يؤيدهما العديد من النساء، كشكل من أشكال الحماية لقيم المجتمع وكجزء لا يتجزأ من دينهن. تقول د. فائزة العبيدي، وهي أستاذة جامعية لعلم الأحياء في جدة، إنها تعتقد أن محاولات التحرر النسوي علي النمط الغربي هو جزء من الحرب الدينية التي تشنها الولايات المتحدة، وهو نوع من الاستعمار الفكري بدل الاستعمار المادي القديم. وأضافت: ونحن نجلس في قاعة طعام نسائية في «مول البساتين» في عطلة نهاية الأسبوع في جدة، وكانت ترفع النقاب لتقضم ساندويتش تونا: «الغرب يستهدف النساء، لأنهن جوهر المجتمع، وكوسيلة من وسائل السيطرة في نهاية المطاف علي جميع البلد». وأضافت «إنهم يخشون الإسلام، ونحن أهم دولة إسلامية في العالم». العبيدي تقول إنها تفتخر بدينها وتقاوم التدخل الأجنبي من خلال الحفاظ علي ارتداء النقاب. وأضافت وهي تشير إلي وجهها: كون هذا مغلقا (لوجود النقاب) لا يعني أن هذا - وهي تشير لرأسها - (أي عقلها) مغلقاً. النقاب هو الاختيار وأضافت سامية أدهم، وهي أستاذة جامعية لعلم الإحصاء تجلس بجانبها وترتدي النقاب أيضاً: «النقاب هو اختيارنا. ونحن نختار أن يحكمنا الإسلام. وسنقوم بتغييرات عند الحاجة، لكن ضمن حدود ديننا وبطريقتنا الخاصة». ثم دخل قاعة طعام النساء شابان لهما شعر طويل يرتديان الجينز وقميصين زاهيين، وجلسا علي طاولة قريبة مع امرأة شابة. هزت د. العبيدي رأسها وقالت: «لم نكن نري مثل هذا المشهد قبل عدة سنوات». العديد من النساء السلفيات هنا، اللاتي يتبعن مدرسة الفكر التي تدعو إلي العودة إلي الإسلام كما مارسه النبي محمد (ص)، وجيلين من بعده، تحطمن الصورة النمطية للمرأة في النقاب الأسود كامرأة وديعة وخانعة؛ فهن متعلمات جيداً في الغالب، ومتميزات وأحياناً عنيفات. ويشمل ذلك عالمات حائزات علي جوائز، وكاتبات ، وأساتذة جامعات. تقول د. خديجة بادحدح، وهي مسئولة إدارية جامعية وتحمل درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة لندن، وترتدي النقاب: إنها بدأت في الآونة الأخيرة بعمل مقابلات تليفزيونية لأن النساء اللاتي تنادين بالتغيير هن المهيمنات علي موجات الأثير وعلي الصحف، وتعطين انطباعاً خاطئاً عن المرأة السعودية. وأضافت «إنهن أقلية ولكنهن تبدين كأنهن تتحدثن عن النساء السعوديات كافة»، وقالت وهي تجلس في منزلها الأنيق في جدة في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة: «هذه هي بداية التآكل الثقافي، وإذا كنا لا نقاتله الآن، فإنه سوف يستمر». السلفيات تستخدمن أيضاً المحاضرات والإنترنت والحملات الصحفية لمحاربة ما يرينه من تطورات سلبية. وعلي الرغم من أنهن يبدين وكأنهن ضد حقوق المرأة، إلا أنهن يقاتلن من أجل الحقوق الممنوحة فعلاً للمرأة في الإسلام. المحاضرة الحميدي تقول إنها تنصح النساء بتثقيف أنفسهن لمدة نصف ساعة علي الأقل يومياً عن حقوقهن بموجب الشريعة الإسلامية. وتضيف أن المشاكل التي تواجهها المرأة السعودية ليست بسبب الإسلام الذي وصفته بالدين المثالي الذي يكرم ويقدر المرأة، ولكنها تتعلق بتطبيقه بصورة غير لائقة من قبل المسلمين أنفسهم. وتضيف الحميدي: «لقد أعطيت للمسلمات حقوق منذ 1400 سنة، وقبل أن تتمكن المرأة في الغرب من الحصول عليها في بداية القرن العشرين». الحميدي وهي أستاذة جامعية في منتصف العمر، أشارت إلي أن «المرأة المسلمة يمكنها أن تعمل وأن ترث وأن تكون مستقلة مالياً». ولكن العمل المختلط مع الرجال، والحصول علي مراكز القيادة أو إزالة الحجاب، تعتبر اختيارات غير مقبولة لهن. وقد وجد استطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً في ثمانية بلدان مسلمة، أنه في السعودية فقط لا توافق غالبية النساء علي السماح لهن بشغل مناصب سياسية. وقبل شهور، أرسلت 500 امرأة رسالة إلي الملك عبد الله، تطلبن منه إنقاذ البلاد من هجمة الأفكار التغريبية المتعلقة بالمرأة والحفاظ علي الحظر المفروض علي قيادة النساء للسيارات، ومنع العمل مع الرجال. وبحسب الحميدي، فإن الرجل والمرأة يجب ألا يتشاركان في أماكن العمل، لأن الشريعة لا تسمح بمثل هذا الوضع المريب الذي قد يقود إلي الرذيلة. وتضيف: «إن الناس طيبون ومتدينون ولكن الشيطان لا يتوقف عن فتنة الناس. وحتي بيل كلينتون عندما كان رئيساً لم يتمكن من مقاومته». في مركز الملك فهد للبحوث الطبية في جدة، كان مسجل «كاسيو» صغير يبث الآيات القرآنية، بينما تحدق الباحثة د. فاتن خورشيد من خلال المجهر. ولتتمكن من النظر كان نقابها ينزاح نحو كتفها فوق معطف المختبر الأبيض الذي ترتديه. د. خورشيد، التي حصلت علي منحة بحثية حكومية لدراسة مرض السرطان، تقول إن وجهات نظرها المحافظة لم تعطل تقدمها في عملها، وإن النقاب يجعل من السهل علي الأطباء التركيز في العمل بدلاً من تبادل النظرات مع بعضهم البعض. وأضافت «لا أريد المساواة مع الرجل، فأنا أفضل منه في نواحٍ كثيرة». «2»التيار النسائي التحرري: قيادة السيارة أولا ثم كل شيء يصبح ممكنا تقديم المترجم: هنا ترجمة لتحقيق ميداني من الرياض كتبته الصحفية الأمريكية إيرين بيكر لمجلة تايم الأمريكية العريقة، ونشر في 23 يونية 2011 ولم نعلق علي بعض المبالغات غير الصحيحة حتي يفهم القراء سياق القضية بحسب فهم الكاتبة. محاربات علي شوارع السعودية في هذه الأيام، عندما تستقر مها (...) في مقعد السائق في سيارة عائلتها من طراز هامفي ذات اللون الأزرق السماوي، تقوم بعمل روتيني من الحركات المألوفة: نظرة سريعة في المرآة الخلفية لضمان أن حجابها ونقابها محكمان؛ الهمس بدعاء ركوب السيارة؛ أخيراً التأكد من وجود حقيبة يدها من طراز كوش(Coach) والتي تكون محشوة بجميع ضروريات احتمال زيارة السجن: فرشاة الأسنان ومزيل عرق وملابس مريحة وسجادة صلاة. نعم، قد تحتاج المرأة لكل هذه الأغراض عند قيادة سيارتها في السعودية حالياً؛ في 17 يونية 2011، دخلت مها التاريخ عندما أصبحت أول امرأة في السعودية تحصل علي مخالفة مرور. مها تعتبر تلك المخالفة بمثابة وسام شرف، لأنها تثبت أنها تحدت الحظر المفروض علي قيادة النساء للسيارات في المملكة، وتأمل أنها ستمهد الطريق أمام المزيد من النساء في أن تحذين حذوها. ومع ذلك، لا تزال إمكانية السجن قائمة. وقالت مها في اليوم الذي قادت فيه السيارة: «إذا لم نضحِّ، فلن نحصل علي حقوقنا». وفي واحدة من أغرب الثورات المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي، قامت مها وعشرات غيرها من النساء السعوديات بالسير في الشوارع، ليس سيراً علي الأقدام لكن وراء عجلة القيادة بالرغم من الحظر الرسمي لقيادة المرأة للسيارة. لقد تركن سائقيهن في المنزل وتوجهن بالسيارة من تلقاء أنفسهن إلي البقالة أو إلي الطبيب أو لأخذ أطفالهن من المدرسة. هذه المشاوير مرهقة وتكره القيام بها النساء في جميع أنحاء العالم، لكن بالنسبة لبعض نساء السعودية تمثل حلماً بالحرية. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: «هؤلاء النسوة شجاعات، وما تسعين إليه هو حق وصحيح». المملكة العربية السعودية مع صحاريها الشاسعة وغير المأهولة، ومبانيها المنخفضة ونفطها الرخيص تتكون في الأساس من سيارات. العاصمة الرياض، أكبر من لوس أنجلوس، وليس فيها نظام عام للنقل. ولذلك تعتمد النساء علي أفراد الأسرة الذكور للتنقل أو توظفن سائقين أجانب بتكلفة كبيرة. إصلاحات الستينات فتحت إصلاحات الستينات في السعودية الطريق لتعليم الإناث، والآن تشكل النساء نسبة 58 في المئة من طلبة الجامعات. ولكن هذا الإنجاز الدراسي للنساء لا يتحقق في مكان العمل حيث تمثل النساء أقل من 15 في المئة من القوة العاملة، ومعظمهن محصورات في قطاعي التعليم والخدمات الطبية. الحكومة تحث القطاع الخاص علي توظيف المزيد من النساء بشرط منع الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم، لكن من الصعب أن يتحقق ذلك إذا لم تتمكن المرأة من قيادة السيارة بنفسها إلي العمل. العديد من أسر الطبقة المتوسطة لا يجدون حافزاً للسماح لبناتهم وزوجاتهم بالعمل إذا كن في نهاية المطاف تنفقن معظم رواتبهن علي السائقين. المهندسة نادية (...) تقدر أنها تنفق مبلغاً إضافياً بنسبة 25 في المئة في نفقات التشغيل العامة Overhead لشركتها لمجرد توفير السيارات والسائقين لنقل الموظفات في شركتها. إنها مستعدة شخصياً لبذل هذه التضحية كما تقول لتشجيع موظفاتها علي العمل، لكن في معظم الشركات الأخري «تصبح مثل هذه التكلفة الزائدة عائقاً أمام توظيف النساء». علي الرغم من الوعود المتكررة للتغيير، وأشهرها في عام 2005، عندما قال الملك عبد الله للمذيعة الأمريكية الشهيرة باربرا والترز علي قناة إيه بي سي (ABC)الأمريكية «أعتقد أن اليوم الذي تقود
فيه المرأة السعودية السيارة سيأتي». لكن - حتي الآن - مازالت السعودية هي الوحيدة في العالم التي يمنع رسمياً النساء من قيادة السيارة. لماذا؟ يعترف الشيخ عبد الله (...) الذي يصف نفسه بأنه عالم دين معتدل: «لا يوجد شيء في القرآن يمنع المرأة من قيادة السيارة». ومن المعروف أن ما لا يقل عن اثنتين من زوجات النبي محمد (ص) قد ركبتا الإبل. لكن يجادل علماء الدين المحافظين بأن القيادة تسمح للمرأة بحرية زائدة يمكن أن تؤدي إلي اختلاط غير شرعي بين الجنسين. يقول الشيخ عبد الله: «هذا المنع هو لحماية نسائنا من التحرش، ولحماية المجتمع من المشاكل التي توجد في الغرب كالأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين والتي تأتي من العلاقات المفتوحة بين الرجال والنساء». وعندما سألته كيف يمكن أن يختلف رد عالم الدين المحافظ عنه وهو يصف نفسه بالمعتدل؟ ضحك الشيخ عبد الله وقال: «لن يقبل أي منهم علي الإطلاق مقابلة صحفية أمريكية أنثي!» ويتم تطبيق القانون علي المخالفين؛ فعندما وضعت منال (...) مقطع فيديو علي اليوتيوب وهي تقود سيارتها في شهر مايو 2011، اعتقلت ووضعت في السجن لمدة تسعة أيام، ما أضعف الحماس لهذه الحملة. ومنذ 17 يونية، تاريخ بدء الحملة الرسمي، لم تقد السيارة سوي بضع عشرات من النساء، بالرغم من حماس ومساندة الآلاف من الأنصار في جميع أنحاء العالم الذين وضعوا مقاطع علي اليوتيوب تضامناً مع حملة نساء السعودية لكسر الحظر علي قيادة المرأة للسيارة. انقسام في الواقع، في حين أن الحملة النسائية لقيادة السيارة كان لها أنصارها في الخارج، إلا أنها في السعودية أثبتت أنها مثيرة للانقسام. نشطاء حقوق المرأة منقسمون حول مدي تأثير أعمال العصيان المدني في مجتمع محافظ لا يرحب ليس بالمعارضة السياسية فحسب، لكن أيضاً بدور عام للنساء. الدولة الحديثة في السعودية فارقت للتو وبالكاد الثقافة البدوية شديدة المحافظة التي حصرت تقليديا الإناث داخل المنزل فحسب. وعندما بدأت البلاد في التحضر خلال الستينيات، تكيفت النساء من خلال استعمال النقاب في الأماكن العامة وهو غطاء يخفي معظم الوجه باستثناء العينين. وفي حين أن النساء الأكثر ليبرالية قد تظهرن وجوههن الآن، فإن غالبية النساء تغطين وجوههن بالنقاب تمسكاً بالحشمة. ولذلك كان لرؤية وجه أي امرأة مكشوفاً وهي تقود السيارة علي اليوتيوب مؤثراً ومستفزاً أكثر من اللازم بالنسبة إلي ما يمكن لبعض المحافظين تحمله. وكما يقول الشيخ عبد الله «هذا النوع من النشاط ليس جزءاً من ثقافتنا». العديد من النساء السعوديات من العائلات الثرية التي تقدر علي توفير سائقين لا تري القيادة أولوية. وكما تقول ريما (...) «نحن أسوأ عدو لأنفسنا من حيث الدعوة للتحرر». وتضيف ريما إنها تؤيد حق المرأة في قيادة السيارة لكنها لن تنضم إلي حملة الاحتجاج. «إذا مسكت، يمكن أن أسبب ضرراً لعائلتي وسأخسر الكثير». المفارقة هي أن النساء الأكثر استفادة من قيادة السيارة تنتمين إلي الطبقات الدنيا المحافظة. وتؤكد ريما «أن التغيير الفعلي والمطالبة بقيادة السيارة يجب أن يأتي من النساء اللاتي لا تستطعن تحمل كلفة السائقين». وتضيف «لكنهن هن اللاتي يعتقدن أن المرأة لا يجب أن تقود السيارة»!!! الملك، من جانبه، أعلن أن قيادة النساء للسيارات يعتبر قضية «اجتماعية» وقال إن الأمر يرجع إلي الجمهور ليقرر ما يجب القيام به حيال ذلك. لكن ليس هناك وضوح بشأن الآلية التي يمكن للجمهور أن يقرر ذلك؛ في حين يتم انتخاب جزئي للمجالس البلدية الآن (بالرغم من عدم السماح للنساء بالتصويت) لا يوجد وسيلة للسعوديين لتقرير أمر مثل قيادة السيارة. بعض النشطاء المؤيدين لقيادة المرأة يفضلون صدور مرسوم ملكي مثل مرسوم تعليم البنات في الستينات الذي أصدره الملك فيصل (رحمه الله) الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، وذلك لخوفهم أن تكون الغالبية ضد هذه الفكرة لو حدث استفتاء عام علي القضية. ويقول بعض المراقبين إن الملك عبدالله سيتريث قبل حسم قضية تعتبر خطيرة بالنسبة إلي رجال الدين المحافظين. وتقول الأميرة أميرة الطويل، نائبة رئيس مؤسسة الوليد بن طلال «أعتقد أنه يريد الشيء نفسه الذي نريده». وأضافت «إنه يؤيد تمكين المرأة» (Empowerment) الاحتجاجات المطالبة بقيادة المرأة للسيارة هذا العام ليست هي الأولي من نوعها؛ ففي عام 1990 قبيل حرب تحرير الكويت، قادت 47 امرأة سياراتهن علي شكل تظاهرة في الرياض. ألقي القبض علي جميعهن، وفصلن من وظائفهن، ومنعن مع أزواجهن من مغادرة السعودية لمدة عام. وحتي يومنا هذا، تلك «السائقات» كما لقبن تتعرضن للتمييز السلبي. ويجادل البعض أن ذلك الاحتجاج سبب انتكاسة للحركة النسائية السعودية، حيث استفز رجال الدين وجعلهم يصدرون فتاوي تدين قيادة المرأة للسيارة، وساهمت تلك الفتاوي في تراجع إمكانية السماح للمرأة بقيادة السيارة. «نحن بحاجة إلي التطور تدريجياً نحو قيادة المرأة للسيارة، وليس القيام بثورة» Evolution Not Revolution كما تقول الأميرة أميرة الطويل التي تدعم الحملة، ولكنها لا تؤيد التصعيد العنيف نحو وقوع مواجهة. المحافظون من جهة، ودعاة قيادة المرأة للسيارة من جهة أخري يتفقون علي الأقل علي نقطة مهمة وهي أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هو أمر أكثر من مجرد التنقل من النقطة (أ) إلي النقطة (ب). بل هو أمر يرمز إلي تغييرات أكثر عمقاً والتي يمكن أن تحدث تغييراً جوهرياً للمجتمع السعودي؛ أما بالنسبة إلي المحافظين الذين يعتقدون أن الله أمر أن تبقي النساء في المنزل لرعاية الأسرة، فإن هذا التغيير يعني فقدان السيطرة علي النساء وقبول قدر أكبر من الاستقلال لهن. لكن بالنسبة إلي بعض النشطاء في مجال حقوق المرأة، فإن الحصول علي حق قيادة السيارة هو نقطة انطلاق لحريات أخري. في الوقت الحاضر، لا يمكن للمرأة السعودية مغادرة البلاد من دون إذن من ولي أمرها. ولا تستطيع المرأة الحصول علي قرض من دون وجود اثنين من الرجال ليشهدا علي شخصيتها حتي لو كانت تحمل بطاقة الهوية المدنية. أما قوانين الحضانة فتعمل لصالح الأب تلقائياً. معالجة هذه المسائل أكثر صعوبة بكثير من الحظر المفروض علي القيادة كما تقول د. فوزية البكر ، وهي إحدي السائقات المتظاهرات عام 1990 وتضيف: «القيادة تعني القدرة علي الوصول والتنقل والتمكين، وبالتالي نستطيع مواجهة القضايا الأكبر» وتؤكد «إذا تمكنا من قيادة السيارة، فكل شيء سيصبح ممكناً». لكن ليس جميع ناشطي حقوق المرأة متفقين. «تأثير الدومينو لا يعمل في المملكة العربية السعودية» كما تقول مني أبو سليمان التي قدمت مؤخراً محاضرة في ندوة عقدت حول حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية. إنها تخشي أن سماح المرأة بقيادة السيارة سيصبح مجرد استرضاء لمطالب الحكومات الغربية والليبراليين السعوديين من دون إحداث تغيير جوهري في دور المرأة في المجتمع. وتضيف مني «يجب أن نتساءل، ما الفائدة من قيادة المرأة للسيارة إذا لم تتمكن من مغادرة البلاد بحسب رغبتها؟ كما ان النساء في كثير من الحالات يتم التعامل معهن مثل مواطنين من الدرجة الثانية أو كالأطفال تقريباً. كل هذه القضايا الأساسية يجب أن يتم التعامل معها أولاً لأن مجرد السماح بقيادة المرأة للسيارة لا يحل هذه القضايا الأساسية» الحل الأفضل كما تقول نجلاء (...) - وهي ربة منزل عادية في جدة، علي الساحل الغربي للبلاد - هو التوقف عن إثارة ضجة. زوجها، وهو طيار، غالباً ما يكون بعيداً. وإذا كان سائق الأسرة لا يحضر للعمل، فإنها تأخذ مفاتيح السيارة وتقودها. إنها لا تري نفسها بأنها شجاعة بصورة خاصة أو بطولية. «أنا مجرد أم آخذ أطفالي إلي المدرسة، ولا أسعي إلي تحدي الحكومة». «أنا فقط تعبت من الانتظار!». التغيير الاجتماعي يبدو - كما تقول نجلاء - أنه لا ينبغي أن يأتي دائماً من الحملات أو الصراع. أحياناً يتحقق التغيير عندما تقرر امرأة أن تفعل شيئاً من دون طلب الإذن، أو عندما تحصل أخري علي مخالفة مرورية بدلاً من عقوبة السجن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.