عقب تصديق الرئيس.. 13 مادة مهمة تتصدر قانون العمل الجديد    في موسمه ال13.. جامعة بنها تحصد عددا من المراكز الأولى بمهرجان إبداع    انتظام الدراسة بعدداً من مدارس إدارة ايتاى البارود بالبحيرة    متحدث «الوزراء»: تنسيق كامل بين الجهات المختلفة لزيادة عدد الحضانات    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي العام الترم الثانى في القليوبية 2025    طلاب "طب بشري بني سويف الأهلية" يحصدون المركز الأول في دوري العباقرة    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الإثنين 5 مايو    تراجع سعر اليورو اليوم الإثنين 5 مايو 2025 بالبنوك المصرية    وزير الإسكان: تخصيص 650 قطعة أرض للمواطنين الذين تم توفيق أوضاعهم بمنطقة الرابية    ارتفاع أسعار الذهب بالسوق المحلية اليوم الإثنين 5 مايو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    رئيس تجارية القليوبية: تطبيق دعم المستثمرين نقلة رقمية تعزز ثقة رجال الصناعة    التحالف الوطني يشارك في معرض أبو ظبي الدولي ويبرز دور المرأة في مواجهة التحديات التنموية    ارتفاع حجم السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ل 12.566 تريليون جنيه بنهاية مارس    قرار غريب .. ترامب يفرض 100% رسوم جمركية على الأفلام الأجنبية المنتجة خارج هوليوود    «القاهرة الإخبارية»: غزة بدون طعام.. والاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف المدنيين    رئيس حزب إسرائيلى: توسيع العملية العسكرية فى غزة لإنقاذ نتنياهو وحكومته    زعيم المعارضة في رومانيا يفوز في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية    الهباش: عباس يجتمع مع بوتين لبحث الوضع في غزة والعلاقات الثنائية في هذا الموعد    بعد الهزيمة المفاجئة أمام فاركو .. تعرف علي المباريات المتبقية لبيراميدز فى الدوري    صدمة لجماهير الأهلي.. صفقة واعدة تبتعد    لو تقدر تلعبه لعبه| شوبير يعلق على عودة زيزو للتدريب في الزمالك    ياسر ريان: عماد النحاس نجح في لم الشمل وكسب ثقة الكبار في الأهلي    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    أسئلة اختيارية بنسبة 85% ومقالية 15% . تعرف علي شكل ورقة امتحان الثانوية العامة 2025    أمطار رعدية.. الأرصاد تحذر من الظواهر الجوية اليوم    مروراً بالمحافظات.. جدول مواعيد قطارات الإسكندرية - القاهرة اليوم الاثنين 5 مايو 2025    مصرع طالبة صعقًا بالكهرباء أثناء غسل الملابس بمنزلها في بسوهاج    مشاجرة بين الفنانة جوري بكر وطليقها داخل كمباوند شهير بأكتوبر    مصرع طفلتين «توأم» في انهيار جدار منزل بقنا    توقعات الأبراج اليوم.. 3 أبراج تواجه أيامًا صعبة وضغوطًا ومفاجآت خلال الفترة المقبلة    أسعار غير متوقعة لإطلالات عمرو دياب في حفل دبي    أكاديمية الفنون تحصل على 45 جائزة فردية وجماعية في مسابقة «ابداع»    بدرية طلبة تتصدر الترند بعد إطلالاتها في مسرحية «ألف تيتة وتيتة»|صور    نويرة بين كنوز موسيقار الأجيال ونجوم الأوبرا تجيد أداء أيقونات النهر الخالد "صور"    "صحة غزة": عدد الشهداء الأطفال تجاوز 16 ألفا.. والقطاع يشهد مؤشرات خطيرة    مركز طبي كفر شكر بالقليوبية يحصل على اعتماد هيئة الرقابة    الرعاية الصحية تنظم فعالية حول الوقاية من الجلطات الوريدية في مرضى الأورام    النحاس يبدأ دراسة نقاط القوة والضعف في المصري قبل مواجهة الخميس    شيخ الأزهر يستقبل الطالب محمد حسن ويوجه بدعمه تعليميًا وعلاج شقيقته    وزير الخارجية الإيراني يصل باكستان للتوسط لوقف التصعيد مع الهند بسبب هجوم كشمير الدموي    ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 5-5-2025 في محافظة قنا    النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    تعرف على ضوابط عمالة الأطفال وفقا للقانون بعد واقعة طفلة القاهرة    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 .. تعرف عليه    وفاة طالبة جامعة الزقازيق بعد سقوطها من الطابق الرابع| بيان هام من الجامعة    أحمد علي: المنافسة على لقب الدوري اشتعلت بعد خسارة بيراميدز وفوز الأهلي    لأول مرة.. نيكول سابا تكشف سر على الهواء: «شئ صعب»    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة السعودية.. بين السلفية والتحرر
نشر في القاهرة يوم 07 - 02 - 2012

«1» التيار النسائي السلفي: مع النقاب وضد قيادة السيارة والتغريب المرأة السلفية السعودية تتحدث أكثر من 500 امرأة ملأن مؤخراً مركز ميمونة في العاصمة السعودية ذات مساء لحضور محاضرة. بعض النساء كن ترتدين العباءات السوداء حتي داخل المركز وملأن معظم الصفوف التي تتكون من كراسي بلاستيكية ملونة، في حين جلست المتأخرات في الوصول في مجموعات صغيرة علي السجاد وظهورهن مسندة ضد الجدار. هتفت المحاضرة من وراء طاولة علي منصة مرتفعة: «من نحب؟». أجابت الحاضرات في انسجام تام: «الله». وعقبت المحاضرة: «إذاً يجب علينا طاعته». وواصلت المحاضرة حديثها حيث حثت الجمهور علي ارتداء ملابس محتشمة وتربية بناتهن علي فعل الشيء ذاته. وأوضحت أنه علي الرغم من مما يتردد الآن، فإن الاختلاط بين الرجال والنساء يعتبر خطيئة. وحذرت: «حتي لو كان الناس لا يرون ذلك خطيئة الآن، فإن الله شاهد علينا». وأضافت: «في يوم القيامة، سوف يشهد جلدك ضدك». إحدي الحاضرات كانت السيدة مشاعل العيسي، وكانت تكتب ملاحظات ودموعها تنهمر بغزارة، حيث عرف عنها عمق شعورها بمسئولياتها الدينية وغيرتها الشديدة علي المجتمع السعودي من هجمة الأفكار التغريبية. مشاعل، وهي كاتبة نارية شابة علي الإنترنت، إضافة إلي المحاضرة لهذه الليلة أفراح الحميدي، هما من بين مجموعة من النساء السعوديات المحافظات اللاتي تحاولن تصحيح ما يرونه من تآكل للقيم التقليدية في المملكة وتحول خطير في وضع المرأة. مشاعل تقول: «المرأة السعودية هي الأكثر حظاً في العالم، والسعودية هي أقرب شيء إلي الدولة الإسلامية المثالية والنقية»، وأضافت: «لا نريد استيراد القيم الغربية لتدمير وضع مجتمعنا الإسلامي». التغيرات التي تغضب مشاعل والنساء المحافظات الأخريات جاءت بعد الهجمات الصحفية الغربية التي طالت السعودية بعد اكتشاف أن 15 من منفذي هجمات 11 سبتمبر2001 كانوا من السعوديين. وعلي نطاق واسع كانت تلك الهجمة الصحفية الغربية تؤكد أن عدم وجود الحريات الشخصية في المملكة (وهي نظام ملكي مطلق يفرض شكلاً صارماً من الإسلام) هو السبب الكامن وراء الفكر المتطرف للمهاجمين. تخفيف الرقابة بعد فترة وجيزة، خففت الدولة الرقابة الصارمة علي وسائل الإعلام، ونوقشت علناً موضوعات منعت مناقشتها المؤسسة الدينية لعقود من الزمن، مثل منع النساء من قيادة السيارة أو العمل جنباً إلي جنب مع الرجال. المرأة، التي كانت مخفية في السابق، بدأت في الظهور كمذيعة في التليفزيون، وأصبحت صورها زاداً يومياً في الصحف. الملك عبد الله دعا إلي زيادة فرص العمل للمرأة وقام بضم بعض النخبة من النساء (من الصحافة وأساتذة الجامعة ومجال الأعمال) ضمن الوفد المرافق له في رحلاته الخارجية. وخلال جولات إقليمية سابقة، قال كل من وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، ووكيل وزارة الخارجية السابق كارين هيوز، إن المرأة السعودية بحاجة إلي حقوق سياسية أوسع نطاقاً لإجراء تغييرات إيجابية في حياتها. ولكن هذا الجو الجديد وهذه التغييرات، سببا جزعاً للنساء المحافظات اللواتي ينظرن بعين من الريبة والشك إلي أي تدخل للولايات المتحدة، وتحذرن من أن التغيرات في وضع المرأة الحالي يمكن أن تدمر الإطار الإسلامي للبلد. وعلي الرغم من عدم توافر الأرقام، فإنه يبدو أن النساء السعوديات المحافظات والملتزمات دينياً تشكلن نسبة لا بأس بها من سكان البلد من الإناث وربما كن الأغلبية، ما يكذب الأفكار المتداولة أن معظم النساء السعوديات غير راضيات عن وضعهن وتنتظرن من يحررهن!!! بل علي العكس من ذلك، فإن النقاب الأسود والحظر المفروض علي قيادة المرأة يؤيدهما العديد من النساء، كشكل من أشكال الحماية لقيم المجتمع وكجزء لا يتجزأ من دينهن. تقول د. فائزة العبيدي، وهي أستاذة جامعية لعلم الأحياء في جدة، إنها تعتقد أن محاولات التحرر النسوي علي النمط الغربي هو جزء من الحرب الدينية التي تشنها الولايات المتحدة، وهو نوع من الاستعمار الفكري بدل الاستعمار المادي القديم. وأضافت: ونحن نجلس في قاعة طعام نسائية في «مول البساتين» في عطلة نهاية الأسبوع في جدة، وكانت ترفع النقاب لتقضم ساندويتش تونا: «الغرب يستهدف النساء، لأنهن جوهر المجتمع، وكوسيلة من وسائل السيطرة في نهاية المطاف علي جميع البلد». وأضافت «إنهم يخشون الإسلام، ونحن أهم دولة إسلامية في العالم». العبيدي تقول إنها تفتخر بدينها وتقاوم التدخل الأجنبي من خلال الحفاظ علي ارتداء النقاب. وأضافت وهي تشير إلي وجهها: كون هذا مغلقا (لوجود النقاب) لا يعني أن هذا - وهي تشير لرأسها - (أي عقلها) مغلقاً. النقاب هو الاختيار وأضافت سامية أدهم، وهي أستاذة جامعية لعلم الإحصاء تجلس بجانبها وترتدي النقاب أيضاً: «النقاب هو اختيارنا. ونحن نختار أن يحكمنا الإسلام. وسنقوم بتغييرات عند الحاجة، لكن ضمن حدود ديننا وبطريقتنا الخاصة». ثم دخل قاعة طعام النساء شابان لهما شعر طويل يرتديان الجينز وقميصين زاهيين، وجلسا علي طاولة قريبة مع امرأة شابة. هزت د. العبيدي رأسها وقالت: «لم نكن نري مثل هذا المشهد قبل عدة سنوات». العديد من النساء السلفيات هنا، اللاتي يتبعن مدرسة الفكر التي تدعو إلي العودة إلي الإسلام كما مارسه النبي محمد (ص)، وجيلين من بعده، تحطمن الصورة النمطية للمرأة في النقاب الأسود كامرأة وديعة وخانعة؛ فهن متعلمات جيداً في الغالب، ومتميزات وأحياناً عنيفات. ويشمل ذلك عالمات حائزات علي جوائز، وكاتبات ، وأساتذة جامعات. تقول د. خديجة بادحدح، وهي مسئولة إدارية جامعية وتحمل درجة الدكتوراة في الكيمياء من جامعة لندن، وترتدي النقاب: إنها بدأت في الآونة الأخيرة بعمل مقابلات تليفزيونية لأن النساء اللاتي تنادين بالتغيير هن المهيمنات علي موجات الأثير وعلي الصحف، وتعطين انطباعاً خاطئاً عن المرأة السعودية. وأضافت «إنهن أقلية ولكنهن تبدين كأنهن تتحدثن عن النساء السعوديات كافة»، وقالت وهي تجلس في منزلها الأنيق في جدة في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة: «هذه هي بداية التآكل الثقافي، وإذا كنا لا نقاتله الآن، فإنه سوف يستمر». السلفيات تستخدمن أيضاً المحاضرات والإنترنت والحملات الصحفية لمحاربة ما يرينه من تطورات سلبية. وعلي الرغم من أنهن يبدين وكأنهن ضد حقوق المرأة، إلا أنهن يقاتلن من أجل الحقوق الممنوحة فعلاً للمرأة في الإسلام. المحاضرة الحميدي تقول إنها تنصح النساء بتثقيف أنفسهن لمدة نصف ساعة علي الأقل يومياً عن حقوقهن بموجب الشريعة الإسلامية. وتضيف أن المشاكل التي تواجهها المرأة السعودية ليست بسبب الإسلام الذي وصفته بالدين المثالي الذي يكرم ويقدر المرأة، ولكنها تتعلق بتطبيقه بصورة غير لائقة من قبل المسلمين أنفسهم. وتضيف الحميدي: «لقد أعطيت للمسلمات حقوق منذ 1400 سنة، وقبل أن تتمكن المرأة في الغرب من الحصول عليها في بداية القرن العشرين». الحميدي وهي أستاذة جامعية في منتصف العمر، أشارت إلي أن «المرأة المسلمة يمكنها أن تعمل وأن ترث وأن تكون مستقلة مالياً». ولكن العمل المختلط مع الرجال، والحصول علي مراكز القيادة أو إزالة الحجاب، تعتبر اختيارات غير مقبولة لهن. وقد وجد استطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً في ثمانية بلدان مسلمة، أنه في السعودية فقط لا توافق غالبية النساء علي السماح لهن بشغل مناصب سياسية. وقبل شهور، أرسلت 500 امرأة رسالة إلي الملك عبد الله، تطلبن منه إنقاذ البلاد من هجمة الأفكار التغريبية المتعلقة بالمرأة والحفاظ علي الحظر المفروض علي قيادة النساء للسيارات، ومنع العمل مع الرجال. وبحسب الحميدي، فإن الرجل والمرأة يجب ألا يتشاركان في أماكن العمل، لأن الشريعة لا تسمح بمثل هذا الوضع المريب الذي قد يقود إلي الرذيلة. وتضيف: «إن الناس طيبون ومتدينون ولكن الشيطان لا يتوقف عن فتنة الناس. وحتي بيل كلينتون عندما كان رئيساً لم يتمكن من مقاومته». في مركز الملك فهد للبحوث الطبية في جدة، كان مسجل «كاسيو» صغير يبث الآيات القرآنية، بينما تحدق الباحثة د. فاتن خورشيد من خلال المجهر. ولتتمكن من النظر كان نقابها ينزاح نحو كتفها فوق معطف المختبر الأبيض الذي ترتديه. د. خورشيد، التي حصلت علي منحة بحثية حكومية لدراسة مرض السرطان، تقول إن وجهات نظرها المحافظة لم تعطل تقدمها في عملها، وإن النقاب يجعل من السهل علي الأطباء التركيز في العمل بدلاً من تبادل النظرات مع بعضهم البعض. وأضافت «لا أريد المساواة مع الرجل، فأنا أفضل منه في نواحٍ كثيرة». «2»التيار النسائي التحرري: قيادة السيارة أولا ثم كل شيء يصبح ممكنا تقديم المترجم: هنا ترجمة لتحقيق ميداني من الرياض كتبته الصحفية الأمريكية إيرين بيكر لمجلة تايم الأمريكية العريقة، ونشر في 23 يونية 2011 ولم نعلق علي بعض المبالغات غير الصحيحة حتي يفهم القراء سياق القضية بحسب فهم الكاتبة. محاربات علي شوارع السعودية في هذه الأيام، عندما تستقر مها (...) في مقعد السائق في سيارة عائلتها من طراز هامفي ذات اللون الأزرق السماوي، تقوم بعمل روتيني من الحركات المألوفة: نظرة سريعة في المرآة الخلفية لضمان أن حجابها ونقابها محكمان؛ الهمس بدعاء ركوب السيارة؛ أخيراً التأكد من وجود حقيبة يدها من طراز كوش(Coach) والتي تكون محشوة بجميع ضروريات احتمال زيارة السجن: فرشاة الأسنان ومزيل عرق وملابس مريحة وسجادة صلاة. نعم، قد تحتاج المرأة لكل هذه الأغراض عند قيادة سيارتها في السعودية حالياً؛ في 17 يونية 2011، دخلت مها التاريخ عندما أصبحت أول امرأة في السعودية تحصل علي مخالفة مرور. مها تعتبر تلك المخالفة بمثابة وسام شرف، لأنها تثبت أنها تحدت الحظر المفروض علي قيادة النساء للسيارات في المملكة، وتأمل أنها ستمهد الطريق أمام المزيد من النساء في أن تحذين حذوها. ومع ذلك، لا تزال إمكانية السجن قائمة. وقالت مها في اليوم الذي قادت فيه السيارة: «إذا لم نضحِّ، فلن نحصل علي حقوقنا». وفي واحدة من أغرب الثورات المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي، قامت مها وعشرات غيرها من النساء السعوديات بالسير في الشوارع، ليس سيراً علي الأقدام لكن وراء عجلة القيادة بالرغم من الحظر الرسمي لقيادة المرأة للسيارة. لقد تركن سائقيهن في المنزل وتوجهن بالسيارة من تلقاء أنفسهن إلي البقالة أو إلي الطبيب أو لأخذ أطفالهن من المدرسة. هذه المشاوير مرهقة وتكره القيام بها النساء في جميع أنحاء العالم، لكن بالنسبة لبعض نساء السعودية تمثل حلماً بالحرية. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: «هؤلاء النسوة شجاعات، وما تسعين إليه هو حق وصحيح». المملكة العربية السعودية مع صحاريها الشاسعة وغير المأهولة، ومبانيها المنخفضة ونفطها الرخيص تتكون في الأساس من سيارات. العاصمة الرياض، أكبر من لوس أنجلوس، وليس فيها نظام عام للنقل. ولذلك تعتمد النساء علي أفراد الأسرة الذكور للتنقل أو توظفن سائقين أجانب بتكلفة كبيرة. إصلاحات الستينات فتحت إصلاحات الستينات في السعودية الطريق لتعليم الإناث، والآن تشكل النساء نسبة 58 في المئة من طلبة الجامعات. ولكن هذا الإنجاز الدراسي للنساء لا يتحقق في مكان العمل حيث تمثل النساء أقل من 15 في المئة من القوة العاملة، ومعظمهن محصورات في قطاعي التعليم والخدمات الطبية. الحكومة تحث القطاع الخاص علي توظيف المزيد من النساء بشرط منع الاختلاط بين الرجال والنساء غير المحارم، لكن من الصعب أن يتحقق ذلك إذا لم تتمكن المرأة من قيادة السيارة بنفسها إلي العمل. العديد من أسر الطبقة المتوسطة لا يجدون حافزاً للسماح لبناتهم وزوجاتهم بالعمل إذا كن في نهاية المطاف تنفقن معظم رواتبهن علي السائقين. المهندسة نادية (...) تقدر أنها تنفق مبلغاً إضافياً بنسبة 25 في المئة في نفقات التشغيل العامة Overhead لشركتها لمجرد توفير السيارات والسائقين لنقل الموظفات في شركتها. إنها مستعدة شخصياً لبذل هذه التضحية كما تقول لتشجيع موظفاتها علي العمل، لكن في معظم الشركات الأخري «تصبح مثل هذه التكلفة الزائدة عائقاً أمام توظيف النساء». علي الرغم من الوعود المتكررة للتغيير، وأشهرها في عام 2005، عندما قال الملك عبد الله للمذيعة الأمريكية الشهيرة باربرا والترز علي قناة إيه بي سي (ABC)الأمريكية «أعتقد أن اليوم الذي تقود
فيه المرأة السعودية السيارة سيأتي». لكن - حتي الآن - مازالت السعودية هي الوحيدة في العالم التي يمنع رسمياً النساء من قيادة السيارة. لماذا؟ يعترف الشيخ عبد الله (...) الذي يصف نفسه بأنه عالم دين معتدل: «لا يوجد شيء في القرآن يمنع المرأة من قيادة السيارة». ومن المعروف أن ما لا يقل عن اثنتين من زوجات النبي محمد (ص) قد ركبتا الإبل. لكن يجادل علماء الدين المحافظين بأن القيادة تسمح للمرأة بحرية زائدة يمكن أن تؤدي إلي اختلاط غير شرعي بين الجنسين. يقول الشيخ عبد الله: «هذا المنع هو لحماية نسائنا من التحرش، ولحماية المجتمع من المشاكل التي توجد في الغرب كالأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين والتي تأتي من العلاقات المفتوحة بين الرجال والنساء». وعندما سألته كيف يمكن أن يختلف رد عالم الدين المحافظ عنه وهو يصف نفسه بالمعتدل؟ ضحك الشيخ عبد الله وقال: «لن يقبل أي منهم علي الإطلاق مقابلة صحفية أمريكية أنثي!» ويتم تطبيق القانون علي المخالفين؛ فعندما وضعت منال (...) مقطع فيديو علي اليوتيوب وهي تقود سيارتها في شهر مايو 2011، اعتقلت ووضعت في السجن لمدة تسعة أيام، ما أضعف الحماس لهذه الحملة. ومنذ 17 يونية، تاريخ بدء الحملة الرسمي، لم تقد السيارة سوي بضع عشرات من النساء، بالرغم من حماس ومساندة الآلاف من الأنصار في جميع أنحاء العالم الذين وضعوا مقاطع علي اليوتيوب تضامناً مع حملة نساء السعودية لكسر الحظر علي قيادة المرأة للسيارة. انقسام في الواقع، في حين أن الحملة النسائية لقيادة السيارة كان لها أنصارها في الخارج، إلا أنها في السعودية أثبتت أنها مثيرة للانقسام. نشطاء حقوق المرأة منقسمون حول مدي تأثير أعمال العصيان المدني في مجتمع محافظ لا يرحب ليس بالمعارضة السياسية فحسب، لكن أيضاً بدور عام للنساء. الدولة الحديثة في السعودية فارقت للتو وبالكاد الثقافة البدوية شديدة المحافظة التي حصرت تقليديا الإناث داخل المنزل فحسب. وعندما بدأت البلاد في التحضر خلال الستينيات، تكيفت النساء من خلال استعمال النقاب في الأماكن العامة وهو غطاء يخفي معظم الوجه باستثناء العينين. وفي حين أن النساء الأكثر ليبرالية قد تظهرن وجوههن الآن، فإن غالبية النساء تغطين وجوههن بالنقاب تمسكاً بالحشمة. ولذلك كان لرؤية وجه أي امرأة مكشوفاً وهي تقود السيارة علي اليوتيوب مؤثراً ومستفزاً أكثر من اللازم بالنسبة إلي ما يمكن لبعض المحافظين تحمله. وكما يقول الشيخ عبد الله «هذا النوع من النشاط ليس جزءاً من ثقافتنا». العديد من النساء السعوديات من العائلات الثرية التي تقدر علي توفير سائقين لا تري القيادة أولوية. وكما تقول ريما (...) «نحن أسوأ عدو لأنفسنا من حيث الدعوة للتحرر». وتضيف ريما إنها تؤيد حق المرأة في قيادة السيارة لكنها لن تنضم إلي حملة الاحتجاج. «إذا مسكت، يمكن أن أسبب ضرراً لعائلتي وسأخسر الكثير». المفارقة هي أن النساء الأكثر استفادة من قيادة السيارة تنتمين إلي الطبقات الدنيا المحافظة. وتؤكد ريما «أن التغيير الفعلي والمطالبة بقيادة السيارة يجب أن يأتي من النساء اللاتي لا تستطعن تحمل كلفة السائقين». وتضيف «لكنهن هن اللاتي يعتقدن أن المرأة لا يجب أن تقود السيارة»!!! الملك، من جانبه، أعلن أن قيادة النساء للسيارات يعتبر قضية «اجتماعية» وقال إن الأمر يرجع إلي الجمهور ليقرر ما يجب القيام به حيال ذلك. لكن ليس هناك وضوح بشأن الآلية التي يمكن للجمهور أن يقرر ذلك؛ في حين يتم انتخاب جزئي للمجالس البلدية الآن (بالرغم من عدم السماح للنساء بالتصويت) لا يوجد وسيلة للسعوديين لتقرير أمر مثل قيادة السيارة. بعض النشطاء المؤيدين لقيادة المرأة يفضلون صدور مرسوم ملكي مثل مرسوم تعليم البنات في الستينات الذي أصدره الملك فيصل (رحمه الله) الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، وذلك لخوفهم أن تكون الغالبية ضد هذه الفكرة لو حدث استفتاء عام علي القضية. ويقول بعض المراقبين إن الملك عبدالله سيتريث قبل حسم قضية تعتبر خطيرة بالنسبة إلي رجال الدين المحافظين. وتقول الأميرة أميرة الطويل، نائبة رئيس مؤسسة الوليد بن طلال «أعتقد أنه يريد الشيء نفسه الذي نريده». وأضافت «إنه يؤيد تمكين المرأة» (Empowerment) الاحتجاجات المطالبة بقيادة المرأة للسيارة هذا العام ليست هي الأولي من نوعها؛ ففي عام 1990 قبيل حرب تحرير الكويت، قادت 47 امرأة سياراتهن علي شكل تظاهرة في الرياض. ألقي القبض علي جميعهن، وفصلن من وظائفهن، ومنعن مع أزواجهن من مغادرة السعودية لمدة عام. وحتي يومنا هذا، تلك «السائقات» كما لقبن تتعرضن للتمييز السلبي. ويجادل البعض أن ذلك الاحتجاج سبب انتكاسة للحركة النسائية السعودية، حيث استفز رجال الدين وجعلهم يصدرون فتاوي تدين قيادة المرأة للسيارة، وساهمت تلك الفتاوي في تراجع إمكانية السماح للمرأة بقيادة السيارة. «نحن بحاجة إلي التطور تدريجياً نحو قيادة المرأة للسيارة، وليس القيام بثورة» Evolution Not Revolution كما تقول الأميرة أميرة الطويل التي تدعم الحملة، ولكنها لا تؤيد التصعيد العنيف نحو وقوع مواجهة. المحافظون من جهة، ودعاة قيادة المرأة للسيارة من جهة أخري يتفقون علي الأقل علي نقطة مهمة وهي أن السماح للمرأة بقيادة السيارة هو أمر أكثر من مجرد التنقل من النقطة (أ) إلي النقطة (ب). بل هو أمر يرمز إلي تغييرات أكثر عمقاً والتي يمكن أن تحدث تغييراً جوهرياً للمجتمع السعودي؛ أما بالنسبة إلي المحافظين الذين يعتقدون أن الله أمر أن تبقي النساء في المنزل لرعاية الأسرة، فإن هذا التغيير يعني فقدان السيطرة علي النساء وقبول قدر أكبر من الاستقلال لهن. لكن بالنسبة إلي بعض النشطاء في مجال حقوق المرأة، فإن الحصول علي حق قيادة السيارة هو نقطة انطلاق لحريات أخري. في الوقت الحاضر، لا يمكن للمرأة السعودية مغادرة البلاد من دون إذن من ولي أمرها. ولا تستطيع المرأة الحصول علي قرض من دون وجود اثنين من الرجال ليشهدا علي شخصيتها حتي لو كانت تحمل بطاقة الهوية المدنية. أما قوانين الحضانة فتعمل لصالح الأب تلقائياً. معالجة هذه المسائل أكثر صعوبة بكثير من الحظر المفروض علي القيادة كما تقول د. فوزية البكر ، وهي إحدي السائقات المتظاهرات عام 1990 وتضيف: «القيادة تعني القدرة علي الوصول والتنقل والتمكين، وبالتالي نستطيع مواجهة القضايا الأكبر» وتؤكد «إذا تمكنا من قيادة السيارة، فكل شيء سيصبح ممكناً». لكن ليس جميع ناشطي حقوق المرأة متفقين. «تأثير الدومينو لا يعمل في المملكة العربية السعودية» كما تقول مني أبو سليمان التي قدمت مؤخراً محاضرة في ندوة عقدت حول حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية. إنها تخشي أن سماح المرأة بقيادة السيارة سيصبح مجرد استرضاء لمطالب الحكومات الغربية والليبراليين السعوديين من دون إحداث تغيير جوهري في دور المرأة في المجتمع. وتضيف مني «يجب أن نتساءل، ما الفائدة من قيادة المرأة للسيارة إذا لم تتمكن من مغادرة البلاد بحسب رغبتها؟ كما ان النساء في كثير من الحالات يتم التعامل معهن مثل مواطنين من الدرجة الثانية أو كالأطفال تقريباً. كل هذه القضايا الأساسية يجب أن يتم التعامل معها أولاً لأن مجرد السماح بقيادة المرأة للسيارة لا يحل هذه القضايا الأساسية» الحل الأفضل كما تقول نجلاء (...) - وهي ربة منزل عادية في جدة، علي الساحل الغربي للبلاد - هو التوقف عن إثارة ضجة. زوجها، وهو طيار، غالباً ما يكون بعيداً. وإذا كان سائق الأسرة لا يحضر للعمل، فإنها تأخذ مفاتيح السيارة وتقودها. إنها لا تري نفسها بأنها شجاعة بصورة خاصة أو بطولية. «أنا مجرد أم آخذ أطفالي إلي المدرسة، ولا أسعي إلي تحدي الحكومة». «أنا فقط تعبت من الانتظار!». التغيير الاجتماعي يبدو - كما تقول نجلاء - أنه لا ينبغي أن يأتي دائماً من الحملات أو الصراع. أحياناً يتحقق التغيير عندما تقرر امرأة أن تفعل شيئاً من دون طلب الإذن، أو عندما تحصل أخري علي مخالفة مرورية بدلاً من عقوبة السجن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.