ربما تكون هيلاري كلينتون قد فشلت في محاولتها لتصبح أول سيدة تتولي الرئاسة في الولاياتالمتحدة, ولكنها بلاشك رفعت سقف الطموحات بالنسبة للنساء عامة, ولعدد لا بأس به منهن خاصة اللاتي يحلمن حاليا بأن يفزن بالترشيح لمنصب نائب الرئيس. أما اختمار فكرة اختيار سيدة كمرشح لمنصب نائب الرئيس فيرجع الي فترة التنافس الشديد بين هيلاري كلينتون وباراك أوباما للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة, والتي كشفت عن أن حشد أصوات النساء وراء مرشحة قوية يمكن ان يكون أداة سياسية فعالة للغاية. كما أن هزيمة هيلاري أمام أوباما خلفت وراءها عددا لا يستهان به من الانصار المحبطين الذين يمكن اعادة اشعال حماسهم وكسب تأييدهم عن طريق اختيار سيدة كنائب رئيس, سواء من قبل المرشح الجمهوري جون ماكين أو المرشح الديمقراطي باراك أوباما. وتجدر هنا الاشارة الي أن جيرالدين فيرارو كانت السيدة الأولي والأخيرة( حتي الآن) التي يتم ترشيحها لمنصب نائبة الرئيس, وذلك خلال انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام1984. ويري تراس أوزبورن, استاذ العلوم السياسية بجامعة أيوا, ان هناك مزايا كبيرة لفكرة نائبة الرئيس خاصة بالنسبة للحزب الديمقراطي. وأوضح في حديث لصحيفة الأوبزرفر البريطانية ان اختيار سيدة للفوز بهذا المنصب سيكون له مفعول السحر في تهدئة الآلاف من أنصار هيلاري الذين مازالوا يحاولون تجاوز صدمة خروجها من السباق. وتحت عنوان دفاعا عن المرأة كنائب رئيس أكد دوجلاس درنكو الكاتب السياسي أنه يجب علي أوباما اختيار سيدة لتخوض معه السباق كنائبة رئيس. وأوضح ان هذا يعد أمرا حيويا للغاية ليس فقط لأنه يتماشي مع المبادئ السياسية الديمقراطية, ولكن كضربة استباقية للمرشح الجمهوري ماكين الذي ربما يفكر هو الآخر في كسب التأييد النسائي عن طريق اختيار سيدة نائبا له. أما عن قائمة السيدات المرشحات للفوز بهذا المنصب علي الجانبين الديمقراطي والجمهوري فتضم6 أسماء من بينهن ملكة جمال سابقة, وسيدة أعمال بارزة وحاكمات ولايات وسناتور ووزيرة خارجية. وتتصدر قائمة المرشحات علي الجانب الديمقراطي كاثلين سبيليس, حاكمة ولاية كانساس(60 عاما) والتي أظهرت ثقلا سياسيا في رفع شعبية الحزب الديمقراطي في الولاية التي كانت حتي وقت قريب معقلا للجمهوريين. ويري الخبراء ان سبيليس بخبرتها السياسية الطويلة وقدرتها علي الاقناع قادرة علي اضافة الكثير لحملة أوباما. وهناك ايضا كلير ماك كاسكيل, السيناتور عن ولاية ميسوري والتي يحسب لها موقفها الشجاع في مساندة أوباما برغم تزايد الضغوط عليها لتأييد هيلاري كلينتون, وهو ما ساعد أوباما, علي تحقيق الفوز في الولاية. كما من المنتظر ان تلعب ولاية ميسوري دورا حيويا في انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل, وبالتالي فاختيار ماك كاسكيل كنائبة سوف يعطي دفعة كبيرة لأوباما. وأخيرا, هناك هيلاري كلينتون والتي اقترح من قبل ان يتم ترشيحها لهذا المنصب من أجل التغلب علي أي انقسام داخل الحزب الديمقراطي, ولكن الكثيرين يرون أن هذه الفكرة رغم أنها قد تبدو براقة ومثمرة علي الصعيد النظري, الا انها عند التطبيق العملي قد تجلب الكثير من المشاكل من بينها التنازع علي السلطة والتدخلات غير المباشرة للرئيس السابق بيل كلينتون.ورغم أن التكهنات تشير الي ان هيلاري قد ترفض هذا العرض الا ان أحدا لايستبعد ان تغير رأيها. أما علي الجانب الجمهوري فتضم قائمة المرشحات كارلي فيورينا, المديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة هيوليت باكارد الشهيرة, والتي وصفتها مجلة فوربس بأنها سيدة الأعمال الأكثر نفوذا في الولاياتالمتحدة. وتعد فيورينا في الوقت الحالي من أهم مستشاري المرشح الجمهوري ماكين تليها في القائمة سارا بالين حاكمة ولاية الاسكا والتي توصف ب جوهرة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري, فهي تجسيد للحلم الجمهوري: تحظي بشعبية عريضة وتجمع بين الالتزام بمبادئ المحافظين والروح الشبابية فضلا عن جمالها. وقد استطاعت بالين التي انتخبت في يوم من الأيام ملكة للجمال في بلدتها ان تحفر اسمها في عالم السياسة القاس في ولاية برية مثل ولاية الاسكا وأن ترسخ صورتها كامرأة صلبة رغم كونها أما لخمسة أطفال. ويشير المراقبون إلي أن ماكين بشخصيته الجامدة وسنه المتقدم بحاجة لمرشحة ذات شخصية ديناميكية وجذابة مثل بالين لرفع اسهمه. أما المرشحة الثالثة فهي كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية.وقد كررت أكثر من مرة انها لاتفكر في هذا المنصب علي الاطلاق ولكن كثير من المسئولوين الجمهوريين يسعون لدفعها نحوه. ومن المنتظر ان يستقر المرشحان الجمهوري والديمقراطي علي اختيار كل منهما لمنصب نائب الرئيس قبل مؤتمري الحزبين وان كان من المتوقع ان الاختيار سيكون أصعب بالنسبة لماكين. وفي هذا الاطار يشير الخبراء الي أن انصار ماكين منقسمون فيما بينهم حول قضايا ايديولوجية في حين أن انصار أوباما منقسمون حول مسائل تتعلق بشخصيته. وبالتالي فان اختيار ماكين لنائب الرئيس, سواء كان سيدة أو رجلا, سيكون أصعب بكثير. ويوضح سون بولر, استاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا, أنه لايمكن اغفال مسألة عمر ماكين في هذا الموضوع حيث ان اختياره لنائب الرئيس قد يكون في نهاية المطاف اختيارا للرئيس. مما لاشك فيه أن مسألة اختيار نائب الرئيس سواء كان رجلا أم امرأة تهم عموم الناخبين في الولاياتالمتحدة وسيكون له تأثير كبير علي نتائج الانتخابات الا ان اختيار سيدة لهذا المنصب سيكون له الأثر الأكبر ليس فقط في نتيجة الانتخابات ولكن في تاريخ الولاياتالمتحدة فكلما ازداد عدد السيدات اللاتي ترشحن لهذا المنصب كلما ازدادت فرصتهن في الفوز بهذا المنصب وبمنصب الرئاسة من بعده.