ثقوب في جدار التواجد الإسرائيلي بالعراق محمد بن سعيد الفطيسي كثرت الأحلام الوردية الإسرائيلية حتى قبل بدء الاستعداد للعدوان الأميركي البريطاني الظالم على الوطن العراقي العربي المسلم , لدرجة الإيمان المطلق بتلك الفكرة الصهيونية القائلة بان " أي حدث او تغيير قد يتأتى عن هذا الغزو , سيغير الوضع في المنطقة وفي الكيان الصهيوني بالذات " , وبالفعل فإن الحقيقة التي لا يمكن الفرار من تصديقها , كونها قد تحققت على أرض الواقع من خلال عدد كبير من الدلائل والبراهين والوقائع , هي إن تلك الحرب الظالمة قد أتمت بالفعل المؤامرة الأميركية المخطط لها سلفا لتغيير خارطة العالم ككل , والشرق الأوسط على وجه التحديد , والتي بدأت بأحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م , ولن تنتهي - بحسب تلك المخططات الأميركية المعلن عنها سلفا سوى بتحقيق وتعميم الديمقراطية الأميركية المزعومة في كل أرجاء العالم , وخصوصا في المنطقة العربية. حيث إن التغيير - من وجهة النظر الأميركية - لابد أن يشمل الجميع , باستثناء الدول والأنظمة والأفراد الذين سيتعاونون معها في تحقيق تلك المخططات بدون قيود او شروط , - وبمعنى آخر - أن لا يظل على رقعة الشطرنج الدولية , سوى الأحجار التي ستتبع الخارطة الجيواستراتيجية الأميركية , وفي هذا السياق يقول الصحفي اليهودي بيل كريستول ( إن الحرب على العراق جاءت استجابة لإدراك أميركا بان عليها أن تبادر الى تصميم عالم على صورتها , قبل أن يصممها العالم على صورته). لذلك وجدت المستعمرة الإسرائيلية الكبرى من خلال الأذرع الصهيونية او اللوبي المتواجد في مواقع القرار الرسمي بالولاياتالمتحدة الأميركية , كمنظمة ايباك - اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة , على سبيل المثال لا الحصر, وسيلة مناسبة لها لنيل حصتها من تلك الضحية الضعيفة التي كثر قصابوها قبل وبعد سقوطها , فبالعودة الى ( خيوط التدخل الصهيوني فيما يخص مشكلات المنطقة والتحديات التي تواجهها , ولا سيما في المسألة العراقية , يلاحظ بعض المحللين , إن الحرب على العراق بدأت حقا في 20 / سبتمبر / 2001 م , وليس في مارس 2003 م , وذلك عبر الخطاب المفتوح الذي وجهه الى الرئيس بوش في التاريخ المذكور , 41 شخصا من أبرز مجموعة المحافظين الجدد الذين كان اغلبهم من يهود , بل إنهم من غلاة الصهاينة , ومن القابضين على أهم المناصب الحساسة في وزارة الدفاع الأميركية). وهكذا كانت تلك الأمنيات والأحلام الوردية الصهيونية , حاضرة حتى قبل انطلاق الرصاصة الأولى في خاصرة البطل العراقي العظيم , كون العراق كان ولا زال وسيظل احد ابرز واهم الخطوط المناعية القومية التاريخية التي واجهت الصهيونية العالمية في المنطقة العربية , ولذلك كان سقوط العراق بمثابة الجائزة الأميركية المقدمة لكيان المستعمرة الصهيونية على طبق من ذهب , وذلك بهدف تمكين التغلغل الصهيوني في المنطقة العربية ككل , وفي ارض العراق العظيم على وجه التحديد , ( فإسرائيل لا تتوقف عن لعب الدور الذي حدده لها مؤسسها الروحي ثيودور هرتزل , وهو أن تكون حصنا متقدما للحضارة الغربية في مواجهة بربرية الشرق , وبرنامج إسرائيل هو تفكيك الدول المجاورة من النيل الى الفرات , بمقتضى ما جاء في نشرة كيفونيم الصادرة عن المنظمة الصهيونية العالمية سالفة الذكر ) , انظر: القوة والإرهاب - جذورها في عمق الثقافة الأميركية لنعوم تشومسكي. والمتتبع لما يحدث على ارض الرافدين منذ اللحظة الأولى للعدوان الثلاثي الثاني على ارض عربية مسلمة والى الآن , يشاهد تلك الأيادي القذرة وهي ترسم مصالحها بشتى الوسائل والأساليب المعروفة لدى أمثالها من الطفيليات التي تقتات على ما يتبقى من فتات الآخرين , وذلك بالطبع تحت أنظار وبمساعدة غير محدودة من قبل الإمبراطورية الأميركية وحلفاء الصهيونية العالمية , وهو ما يثبت أن هذه الأخيرة لم تدخل العراق المسلم العربي الحبيب , من اجل أهدافها الإنسانية المزعومة , والتي طالما عزفت على أوتارها المسمومة , كالديمقراطية والعدالة وتحقيق حقوق الإنسان ومحاربة الديكتاتوريات , بحسب ما ادعته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية يوم الخميس الموافق 29/ 5 / 2008 م , تعليقا على كتاب سكوت مكليلان المتحدث الصحفي السابق باسم البيت الأبيض , والمعنون "بماذا حدث.. داخل البيت الأبيض في فترة بوش والخداع الثقافي لواشنطن" , والذي فضح فيه المقاصد الأميركية من احتلال العراق بقولها : ( فعلنا بعض الأشياء بشكل جيد , وبعض الأشياء بشكل غير جيد , الشيء الذي أنا متأكدة منه أنها لم تكن خطأ بل كانت لتحرير شعب العراق من صدام حسين). بل كان ذلك لهدف واحد فقط , وهو ما تؤكده الأحداث اليوم وفي كل يوم , - ونقصد - تأمين الأمن والاستقرار للمستعمرة الإسرائيلية الكبرى , وذلك من خلال تحطيم احد أهم الخطوط الدفاعية والمناعية العربية في مواجهة العدو الصهيوني , وبالتالي تمكينه من تحقيق مخططاته الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية المعروفة لدى الكثيرين في هذه البقعة الحساسة من العالم . وهو ما يؤكده الكاتب الأميركي ستيفن سينجوسكي في وثيقة تحليلية استند فيها إلى مواقف وأفكار دبلوماسيين ومحللين سياسيين أميركيين وإسرائيليين , والتي يشير فيها الى أن أحد أهم الأهداف الرئيسية للحرب الأميركية على العراق هو حماية إسرائيل , وتحدث سنيجوسكي عن الدوافع التي تجعل دولة عظمى تخوض حرباً من أجل حماية ( دولة ) لا يكاد يكون لها وزن على الخارطة ، وتحدث أيضاً عن المحافظين الجدد داخل الإدارة الأميركية , وكيف انشقوا عن الديمقراطيين في ستينات وسبعينات القرن الماضي وجعلوا من الدفاع عن إسرائيل , مبدأً أساسياً وهدفاً محورياً في سياستهم , وتحدث الكاتب الأميركي في هذه الوثيقة عن أهم ما جاء فيها من حلقات عن علاقة أحداث 11 سبتمبر 2001 بغزو العراق. ويثبت تلك التوجهات كذلك تسلسل الأحداث والوقائع التاريخية التي تلت ذلك العدوان الظالم مباشرة , فبداية وبكل وقاحة يعلن مارك جروسمان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية في 21 / 3 / 2003م , وهو المسئول عن وضع خطة سيناريو المستقبل بالنسبة للعراق ، ما مفاده : أن الولاياتالمتحدة الأميركية تتوقع أن يكون الاعتراف ( بدولة ) إسرائيل من بين الإجراءات الأولى للحكومة العراقية الجديدة ، والتي ستعمل واشنطن على تشكيلها عقب الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين؟! . وان إقامة العراق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، دليل على ديمقراطية هذه الدولة العراقية المستقبلية , كذلك اتضحت تلك الأهداف الأميركية المخطط لها سلفا , وليس من باب المصادفة من خلال تعيين الجنرال جي جارنر الصهيوني والليكودي التوجه كما يصفه مرشح الرئاسة الأميركي لعام 2004 لاروش لتولي شؤون العراق في فترة الاحتلال الأميركي له. وها نحن اليوم وبعد مضي نصف عقد على دخول تلك القوات الأميركية المعتدية في ارض الرافدين , نزداد يقينا وعلما بتلك المخططات القذرة , ويزداد جدار التكتم والتواجد الخائن في ارض العراق وخارجها ثقوبا وشروخا ورتوق , ليكشف حقيقة ما أخفاه أعوان الاحتلال وأعداء العراق الحبيب من مؤامرات وانتهاكات صهيونية , منذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا , بداية بسرقة نفط العراقي - انظر مقالنا : إسرائيل ومعادلة النفط العراقي , ومرورا بسرقة ثرواته التاريخية والحضارية ومدخراته وتراثه , وليس انتهاء بمحاولات تفتيته وتقسيمه وتجزئته , وتوسيع دائرة التواجد الاقتصادي والسياسي والعسكري والاستخباراتي الإسرائيلي في العراق من خلال الموساد وشركات السلاح والمخدرات وغيرها. وهكذا تتضح اللعبة المكشوفة رغم إصرار الكثير من ذيول الاستعمار وأعوانه بالداخل العراقي وخارجه وتكتمهم على ذلك التواجد والتغلغل الصهيوني وأهدافه حتى اليوم , والتي فضحها الاستعجال على نيل الجائزة من سقوط العراق او انهياره او ضعفه , - فللأسف - ما زال هناك العديد من الخونة لقضايا الأمة , يقتاتون كحال تلك المستعمرة وأعداء هذه الأمة من وراء لحوم أبناءها ودماءهم , فهم بذلك كالحرباء التي تتلون بعشرات الألوان بهدف التخفي , فكذلك هم يتلونون بأكثر من ذلك , بهدف تحقيق مكاسب شخصية خاصة , متناسين أنهم بذلك يتسببون في ضعف هذه الأمة , ويساعدون أعداءها والمتربصين بها على تحطيمها وإضعافها. عن صحيفة الوطن العمانية 2/6/2008