علاقات الولاياتالمتحدةالأمريكية مع العالم الإسلامي في العقدين الأخيرين بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحادالسوفيتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدأت أعاصير عاتية تتجه بقوة مصوبة ناحية المشرق العربي والإسلامي جارفة كل ما يقف في طريقها لتدخل المنطقة بعدها في مرحلة حرجة من اشد مراحلها التاريخية، ويقترن اسم الشرق الاوسط بالتوترات والصراعات العالمية، رغم ان المنطقة كانت مهدا للدين الإسلامي الحنيف رسالة السلام والامن والخير لشعوب الأرض جميعا. كل ذلك يجري من حولنا نحن العرب والمسلمين رغم اننا في حقيقة الامر لم نغير نظرتنا تجاه الاحداث والقضايا التي تمر بنا ولم نستفد من الدروس، وكل ما سجله لنا التاريخ في هذه المرحله هو الشجب والاستنكار والادانه ولم نرتق ابدا الى ما هو اقوى من ذلك وسلمنا كل شيء فوصلنا الى هذه المرحله الحرجه من القبول والتنازلات التي لم تبق لنا شيئا امام الاطراف الاخرى التي لا ترى الا مصالحها الخاصة فقط، واستمر مسلسل الاستهانه بنا من قبل قوى الشر التي تعارضت مصالحها مع انتهاك حقوقنا نحن العرب والمسلمين مدعومه بقوتها المادية التي لم تجد المواجهه المطلوبة من قبلنا بعد ان استمرأنا الاهانه ونسينا في غفلة من الزمن تاريخنا وديننا وجذورنا ولم ندرك اننا فعلا المستهدفون في هذه المواجهه. بلا شك ان انهيار الاتحاد السوفييي اسقط نظرية ثنائية القطبية من قاموس النظام السياسي الدولي، فتحولت القطبية الى احادية الجانب تقف فيها الولاياتالمتحدة على رأس النظام الدولي وتحرك العالم كيفما تشاء رغم وجود منظمة دوليه ينضوي تحت لوائها جميع دول العالم، لكن النفوذ الأميركي فرض نفسه على العالم. ولقد عصفت احداث الغزو العراقي للكويت بهذه المنطقه ولم تقدر القيادة العراقية عواقبها ولم نقدر نحن جميعا عواقب التواجد الأميركي في المنطقه ولم ندرك ايضا خطورة ذلك الا بعد ان صارت الولاياتالمتحدة واقعا ملموسا يفرض نفسه على الجميع وبالتالي يجب على دول المنطقة تحمل تبعاته، كما ظهرت في هذا الوقت نظرية (صدام الحضارات) التي جعلت العالم الإسلامي بمثابة العدو القادم للغرب عامة ولأميركا بشكل خاص تلك النظريه التي كان المقصود منها توجيه عداء الغرب الذي تتزعمه الولاياتالمتحدة على المشرق الإسلامي كون هذا الشرق الإسلامي يمثل العدو المفترض كما رسم له واضعو تلك الاستراتيجية الشريرة التي تهدف إلى القضاء على الاسلام والمسلمين قبل ان تقوم قائمتهم من جديد، تلك الافكار العنصرية الصهيونية التي ما فتئت تدس سمومها في جسد البشرية جمعاء بدافع الغل المتأصل في جذورها وتاريخها لزج العالم برمته الى ويلات الحروب وذلك هو تاريخ الصهيونية العالمية، وبالتالي فقد تمكنت هذه القوى الشريرة من دفع الولاياتالمتحدة الأميركية نحو هذه المواجهة دفعا قويا لاسيما مع تغلغل قوى مؤثرة من اللوبي الصهيوني في دوائر القرار في الولاياتالمتحدة الأميركية ويسيطر على الاقتصاد والاعلام وأخذ حيزا كبيرا في البيت الابيض مما جعل هذه المواجهة تسير على هذا النحو ومما زاد الامر سوءا تلك الاحداث التي حدثت في الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر 2001 (والتي لا تزال تمثل لغزا كبيرا) واحدثت انعطافة عالمية كبرى لتؤكد نتائجها فيما بعد عن ازدياد العداء الأميركي وتدعيم نظرية الصدام بين الاسلام والغرب والذي رسمته تلك القوى نظرا لكون منفذي تلك التفجيرات هم من ابناء الشرق الاوسط وهم بالاحرى مسلمون وذلك كما خلصت اليه النتائج والتحريات النهائية. ومع بداية الحرب الأميركية على الارهاب (كما يطلق عليها) بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين الولاياتالمتحدة الأميركية والشرق الإسلامي استهلتها بغزو افغانستان واسقاط حكومة طالبان التي كانت تقدم الحمايه والمأوى لاسامه بن لادن وتنظيم القاعده، ذلك التنظيم الذي تبعثر فيما بعد على جغرافية الأرض شأنه شأن حركة طالبان جراء تلك الحرب التي سقط فيها عدد كبير من الابرياء نتيجة الرغبة الأميركية في تحقيق أهدافها الخاصه، واستمرت المطاردة العسكرية الأميركية للقاعدة مع محاولة تجفيف منابعها ومصادرها المالية وتشديد الخناق عليها، الا ان القاعدة عادت كما كانت تمثل تهديدا كبيرا على الولاياتالمتحدة كما لا تزال حركة طالبان تعيد تنظيم صفوفها وتقوم بعملياتها ضد القوات الأميركية المتواجده في افغانستان رغم وجود حكومه (قرضاي) المواليه لأميركا ولا يزال الوضع الامني والحياه غير مستقره هناك ولم تتحقق الوعود الأميركية على الأرض الافغانية من حيث الاعمار والبناء وتوفير سبل العيش الكريم لابنائه ومع استمرار الوضع مترديا وغير مستقر للولايات المتحدة في افغانستان الا ان الولاياتالمتحدة فتحت جبهة أخرى وحربا جديدة على الارهاب المتمثل حسب الرؤية الأميركية في التهديد الذي يمثله نظام الرئيس العراقي صدام حسين على العالم وذلك في استمرارية للحملة على دول العالم الإسلامي، ولتحقيق المآرب الأميركية الخاصة، وحدث ذلك العدوان على شعب عربي اسلامي شقيق بحجج تدمير اسلحة الدمار الشامل ليقضي على اكثر من (10) آلاف مدني و(7) آلاف عسكري حسب احصائيات تلك الحرب ودمر العراق تدميرا هائلا وسقطت العاصمة بغداد في 9/4/2003 وسيطرت الولاياتالمتحدة على العراق وتم اسقاط النظام العراقي واعتقلت القوات الأميركية الرئيس العراقي في سابقه خطيره في النظام الدولي وغياب العدالة، ولم تظهر أي اسلحة دمار شامل وأكدت الحقائق ان الاهداف الأميركية من تلك الحرب كانت ايضا غير تلك التي قدمتها للعالم وساقتها لتبرير تلك الحرب وبالتالي فقد استمر تواجد القوات الأميركية في العراق وبدعم من قوات دولية، رغم ان الحرب لم تكن قد اكتسبت غطاء وشرعية دولية وتجاوزت الولاياتالمتحدة في اقدامها عليها جميع الاعراف والتقاليد الدولية وتجاوزت الاممالمتحدة والدول الكبرى التي عارضتها قبل ذلك الا انها عادت لتناقش مسألة الاعمار بمجرد انتهاء تلك الحرب. ان الاهداف الأميركية من خلال تلك الحملة الأميركية ضد الارهاب والموجهة ضد دول العالم الإسلامي تأتي ضمن الاستراتيجية الأميركية البعيدة المدى في الشرق الاوسط والتي ترغب من خلالها الولاياتالمتحده السيطره على ثروات المنطقه والقضاء على الدول المحورية في هذا الشرق والتي تمثل تهديدا مستقبيليا على إسرائيل بلا شك انها تلتقي مع المخططات والاهداف الصهيونية ايضا ، والان فأن الحملة العسكرية الأميركية في حالة وقفة تعبويه لاعادة تنظيم صفوفها انتظارا للوقت الملائم لمواصلتها مدفوعة في ذلك برغبه خطيره لتغيير خارطة هذا الشرق، والمناوشات الأميركية مع ايران تؤكد ان ذلك المخطط الأميركي الصهيوني يسير كما هو مخطط له، وكذلك المراقبه المستمره للتطورات النوويه الصاروخيه في باكستان ووضع بعض الانظمة في الشرق الاوسط في حالة من القلق نتيجة المحاولات الأميركية المستمرة في تطبيق ديمقراطيتها في هذه المنطقة، ورسم مشاريعها لهذا الشرق الذي تمدد على حسب رغبة الولاياتالمتحدة الأميركية ليشمل دول العالم الإسلامي. ان تلك التطورات الخطيرة التي تحدث على الأرض العربية والإسلامية بلا شك انها تحتاج الى إعادة تقييم دقيق للوضع وللمرحلة المقبلة من تاريخ العرب والمسلمين لا ان تستمر تلك النظره للاحداث بنفس النظرة السابقة التي كان ينظرها العرب والمسلمون سابقا، كما أن الحملة التحالفيه الدولية ضد هذه المنطقة اصبحت الان سائره في طريقها وتحتاج بالضرورة الى تحييد لمسارها أو محاولة ابداء المواجهة المطلوبة لحفظ كرامة هذه الامة وتلبية طموحات ابنائها، وهذه الحالة بلا شك انها تحتاج لمزيد من الترابط والتلاحم العربي الإسلامي وتنفيذ مشاريع ضرورية وهامة على الوضع السائد حاليا لمحاولة الخروج من هذا المستنقع الذي يكاد يغرق الجميع، اما ان نظل في هذا الوضع وننتظر المشاريع التي تقدم الينا من الآخرين فذلك يعني زيادة الهيمنة والاستعمار واعطاء تلك الحملات القوة اللازمة للسيطرة على ما تبقى من خيرات وثروات هذا الشرق.