بوش يعظ.. في دافوس! سليم عزوز إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة، وكذلك الرئيس الأمريكي.. ومن حسن حظه انه ليس تاجرا، فهو ولي أمر الإمبراطورية الأمريكية، ولو كان تاجرا، لأشهر إفلاسه في الشهر الأول لمزاولة نشاطه، ولأغلق متجره، وربما دخل السجن لعدم قدرته علي سداد الديون المتراكمة عليه!. بوش عاد الي عادته القديمة، كما ريمة في المثل المصري الشهير، وتحدث في مؤتمر دافوس عن الديمقراطية، وطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في الوطن العربي، ومعاملة الشعوب بما تستحق من كرامة.. يقصدنا. كما طالب بنشر الديمقراطية، والإفراج عن سجناء الضمير.. الرئيس المذكور يلعب بالكلمات! من قبل لعب بالكلمات وصدقناه، وقدم نفسه علي انه موفد العناية الإلهية، لإنقاذ الشعوب من بطش الحكام، وقال ان من أسباب إقدامه علي غزو العراق، هو الإطاحة بالنظام المستبد، وتحرير الشعب العراقي. و تمطعت صاحبته رايس وهي تقول إن الإدارة الأمريكية ستنحاز للشعوب العربية، في مواجهة الحكام الظلمة ، وكانت مثله في التعامل مع الكلمات!. ما جري للشعب العراقي من استبداد علي يد القوات الأمريكية، أثبت لهذا الشعب أن حكم البعث كان رحيما به، وأن الرئيس بوش واحد من الطغاة في العالم، ليس أقل همة في التنكيل بالخصوم، من عموم المستبدين العرب، في طول التاريخ العربي وعرضه!. انتهاك للأعراض، وتعذيب بدني رهيب، وكسر للكرامة الإنسانية، واعتماد سياسة الرهائن، وهي سياسة عربية أصيلة، عندما يعجز المستبد عن التنكيل بالخصم، فيعتقل أيا من ذويه، في الأغلب الأعم، تكون امرأة.. الزوجة، أو الأخت، او الابنة، او الأم!. في سجن أبوغريب فعل رجال بوش، الذين قال إنه سيحرر بهم العالم، كل ما فعلته الديكتاتوريات العربية، وبالمسطرة، ويقال إنهم - أي رجاله - أخذوا دورات لدي جنود فرعون وهامان، وأبي بن خلف، ليثبت لنا هذا اننا معشر العرب لنا الريادة، وإذا لم تكن ليست من حظنا في مجال التقدم العلمي، فيكفي أننا رائدون في شيء، ولو في ممارسة فنون التعذيب، فالتعذيب فن، والحمد لله أن جند بوش كانوا يجلسون مع جنود سادتنا مجلس التلميذ من الأستاذ!. لكن العقلية الغربية متفوقة، فلم تكد تمر سوي أسابيع، إلا وتفوق التلاميذ علي الأساتذة، وكانت الرسائل القادمة من السجن سالف الذكر تثبت هذا وتؤكده، ولم يكن ما جري داخل أسواره تصرفا فرديا من سجانة شاذة العقل والسلوك، علي النحو الذي روجوا له، فقد تأكد من التحقيقات الصورية، أن السجانين كانوا ينفذون أجندة حكم، ولا يخضعون لأهوائهم!. إن الحجاج بن يوسف الثقفي عمدة المستبدين العرب وشيخهم، لا يعد شيئا مذكورا بجانب جمال عبدالناصر، وأن جند الأخير من شمس بدران الي جندي مجند صفوت الروبي، بما فعلوه من جرائم تشيب لهولها الرؤوس يبدون غلمانا بجانب ما فعله جند بوش في العراق!. ولم يكن سجن أبوغريب هو الشاهد الوحيد، علي انضمام جورج بوش الي نادي المستبدين العرب، فقد سمعنا وقرأنا عن معتقل جوانتانامو الرهيب، الذي استقبل أناسا بدون محاكمة، وشاهدنا زميلنا سامي الحاج مصور الجزيرة عائدا الي السودان علي نقالة ، وكان مشهدا لا تخطيء العين دلالته!. سامي ليس عضوا في تنظيم القاعدة، ولم يخطط لنسف البرجين، ولم يرتكب أي عملية إرهابية، لكن كل مشكلته انه عمل في الجزيرة ، التي كانت في أيام حرب بوش علي أفغانستان، تكشف علي مدار الساعة انه يكذب، فقد كان يهدف الي تحقيق نصر تلفزيوني، ولم تمكنه رسائل القناة القادمة من مكتبها في كابول من ذلك، واذا كانت لم تتمكن من القبض علي مديره تيسير علوني او نسفه، فقد أوعزت الي السلطات حيث يعيش بمهمة التنكيل به، من خلال محاكمة ذكرتنا بمحكمة الدجوي، ومحكمة الشعب، في مصر، وغيرهما من المحاكم الاستثنائية، التي عرفناها في عالمنا العربي!. ووقع سامي في قبضة من لا يرحم، وتم حمله الي المعتقل سالف الذكر، ليمكث فيه سنين عددا، ولم يقدم للمحاكمة، لأنه لا توجد قضية ولو ملفقة له، يمكن ان تتماسك ولو تم عرضه علي أي لون من المحاكم، ولو كانت المحكمة التي خضع لها قادة النظام السابق في العراق، والتي يتوسطها جلاد، وليس قاضيا، والتي شكلها الأمريكان، لمحاكمة خصومهم، فكان أداؤها وأحكامها فضيحة يتغني بها الركبان!. بوش ليس مؤهلا للكلام عن الديمقراطية والإصلاحات، لأنه عندما يفعل هذا يكون في حكم من يعظ الناس وهو متهم، لأنه يعيب منهم أمورا، هو يفعلها. وكان قد توقف عن هذه الدعوة، وذلك الفيلم المضروب منذ فترة، بعد إن تأكد قومنا أنه ليس جادا فيما يدعو ويطالب، وتأكد لنا انه الراعي الرسمي للاستبداد في عالمنا العربي، بعد أن نجح القادة في أن يؤكدوا له أن البديل الذي ستختاره الشعوب، عند إقرار الديمقراطية، هو ذلك الذي سيهدد الأمان الإسرائيلي، وصاحبنا يتعامل مع إسرائيل من منطلق: الست دي أمي!. في مصر مثلا، سكت أهل الحكم عن الحديث عن الإصلاح، بعد أن صمت بوش، ونعيش في كنف ردة، تستهدف ان نعود الي المربع الأول، وصدرت التعليمات لبرامج التوك شو علي القنوات التلفزيونية الخاصة، التي استفادت من حالة الحراك السياسي، بعدم التعرض لأولي الأمر منا ولو بشطر كلمة!. لكن بوش عاد من جديد، وفي آخر أيامه، ليتحدث عن الإصلاح، ويعلن بالفم الملآن أن الأمل لا يزال يحذوه، في أن مصر يمكن أن تقود المنطقة، في طريق الإصلاح السياسي. نصيحتي للرئيس بوش أن يتغطي وهو نائم!. سطور أخيرة: في الأسبوع الماضي وقع خطأ مطبعي في مقالي فقد كتبت: ليس من نبل الأخلاق أن يتعقب المرء فارا، او يجهز علي جريح ، وقد نُشرت كلمة فارا ، فأرا، وذلك بقدرة قادر، مع أن السياق العام للعبارة، يؤكد أنها فارا من الفرار، وليس فأرا، او حتي قطة! تعرض بريدي الالكتروني علي مكتوب مؤخرا، الي العبث من قبل قلة حاقدة ومندسة، لذا فسوف انتقل بكم الي موقع آخر، الي أن يتم السطو عليه. عن صحيفة الراية القطرية 21/5/2008