لبنان بين الأمس واليوم احمد عمرابي «الليلة» في لبنان تشبه «البارحة». ولا تشبهها. لكن هل تغيرت طبيعة الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي المدعوم أميركياً؟
في عام 1982 دخلت إسرائيل على خط الحرب الأهلية اللبنانية «التي كانت مستعرة لمدى سبع سنوات حتى ذلك الحين لتتواصل على مدى ثماني سنوات أخرى» بناء على اتفاق سياسي مسبق بين الجنرال أرييل شارون قائد الحملة الإسرائيلية وبشير الجميل زعيم الأقلية المسيحية المارونية لتحويل لبنان إلى دولة خاضعة لسيطرة سلطوية مارونية لتكون حليفة لإسرائيل. وكان الهدف المرحلي الفوري المتفق عليه كتمهيد لإقامة هذه الدولة هو تصفية الوجود الفلسطيني في لبنان وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية بالكامل.
على هذا النحو كان الاصطفاف القتالي والاصطفاف المضاد في سياق الحرب الأهلية يغلب عليهما الطابع الديني الطائفي: جبهة مسيحية يتقدمها المارونيون برأس حربة وجبهة إسلامية تضم السنة والشيعة والدروز (ومعهم المنظمة الفلسطينية).
الطائفة الشيعية كان يمثلها على مدى معظم سنوات الاقتتال تنظيم «أمل» المتحالف مع سوريا. ذلك أن تنظيم «حزب الله» الحليف لإيران لم يبرز إلى ساحة الوجود إلا خلال الفصل الأخير من الحرب، غير أن الحرب انتهت عام 1990 من دون أن يتحقق الهدف الإسرائيلي الماروني الأعظم رغم أن طاقم منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة عرفات أجبر على الرحيل من الأرض اللبنانية.
الآن اختلفت صورة الاصطفاف والاصطفاف المضاد، فلم يعد التباين بين الاصطفافيين دينياً طائفياً. لكن هل تغيرت طبيعة الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي المدعوم بواسطة الولايات المتحدة؟
المشهد الراهن يعكس انقسامات طائفية على صعيد السنة والمسيحيين والدروز، فعلى أحد الجانبين تقوم جبهة تتكون من فريق سني «تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري» وفريق ماروني «الكتائب بزعامة أمين الجميل» وفريق درزي «بقيادة وليد جنبلاط» بينما تتكون الجبهة الأخرى على الجانب المضاد من سنة «عمر كرامي» ومسيحيي «الجنرال ميشال عون» ودروز «طلال أرسلان»، بالإضافة إلى تنظيمي الشيعة: «أمل» و«حزب الله».
طرأ إذن تغيير واضح على صورة الاصطفاف الطائفي. لكن الطبيعة الجوهرية للهدف الإسرائيلي لم يطرأ عليها أي تغيير. فالهدف لا يزال قائماً، وهو تحويل لبنان إلى دولة تخضع بالكامل لسيطرة أميركية كاملة لتكون بذلك تحت خدمة الدولة اليهودية. عن صحيفة البيان الاماراتية 15/5/2008