القاهرة طهران.. وبالعكس ممدوح طه يبدو أن هناك حرصاً عربياً إيرانياً متبادلاً ينمو في اتجاه إزالة العقبات التي تعترض تحسين العلاقات بصورة طبيعية بين الجيران على جانبي ضفتي الخليج العربي وبين مصر وإيران، والتي يبدو بعضها مبرراً من داخل المنطقة وبعضها مقرراً من خارجها خصوصاً مع التحريض الأميركي الإسرائيلي المحموم لتوتير الأجواء لمنع اللقاء بين الضفتين.
يتبدى ذلك ضمن المحاولات الإيرانية المستمرة لتبديد الشكوك لدى الجيران العرب، وتقديم التطمينات لدول الخليج العربية حول النوايا النووية، والسعي للتوصل إلى أفضل العلاقات مع محيط الجوار العربي الإقليمي، بينما يعوق هذه الجهود ثلاث مسائل رئيسية.
الأولى، هي الخلاف حول قضية الجزر الثلاث العالقة دون حل تفاوضي يرضى الجانبين الإماراتيوالإيراني معاً، أو دون توافق على تحرك مشترك نحو محكمة العدل الدولية لإنهاء النزاع بتحكيم دولي.
والثانية، هي ما يتعلق بالخشية الأمنية الخليجية من مخاطر أية مواجهة ساخنة في الخليج نتيجة التصعيد المتبادل بين الجانبين الأميركي والإيراني حول الملف النووي الإيراني والتي يفترض حسمها بعد تقارير الوكالة الدولية المختصة التي تنفي أية دلائل على وجود برنامج عسكري.
والثالثة، هي الرؤى المتباينة بين أطراف رئيسية في النظام العربي والنظام الإيراني حول طبيعة الدور الإيراني، وبعض الشكوك حول حقيقة الأهداف وراء النفوذ الإيراني في العراق وفي فلسطين وفي لبنان.
وفي ظل السعي العربي الإيراني لتصفية الأجواء بين الجانبين وخفض التوترات لإبعاد أشباح مخاطر المواجهة والحروب عن منطقة الخليج، ومع الإدراك المتزايد عربياً وإيرانياً لمحاولات اختلاق عدو للعرب والفرس المسلمين بديلاً عن الدولة اليهودية التي تحتل فلسطين وانشغالاً عن أميركا التي تحتل العراق.
ومع الإدراك المتزايد بأن المحاولات الأميركية والإسرائيلية الحالية لإحداث توتر بين ضفتي الخليج، كان يجري عكسها تماماً أيام حكم الشاه ليقوم بدور شرطي الخليج الحليف لأميركا الحليفة لإسرائيل، والذي سلمته بريطانيا حليف أميركا في العراق هذه الجزر الثلاث، وهي نفسها التي سلمت فلسطين أيضاً لليهود.
ومع تذكر أن أميركا هي من أقنع شاه إيران ببدء البرنامج النووي الإيراني وأمده بالمفاعلات النووية في إطار سعيها لتقوية نظامه الحليف، ولم يكن هناك خوف من خطر على إسرائيل حينها طالما كان حليفاً لواشنطن وصديقاً لإسرائيل.
ومع التسليم العربي الإيراني المتبادل بأن اللقاءات المباشرة لتبديد الشكوك، وأن الحوار المتبادل حول المسائل الخلافية بين الطرفين هو السبيل الطبيعي بين جارين مسلمين تجمعهما العلاقات التاريخية والجغرافية والمصالح المشتركة.
بدأ الجانبان في تبادل الزيارات واللقاءات وتطورت المشاورات بين الجانبين خصوصاً بعد زيارات ناجحة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى الإمارات العربية، وإلى العربية السعودية في القمة الإسلامية، وإلى قطر لحضور القمة الخليجية العربية وفي آخر المشاهد المثيرة زيارته الأخيرة للعراق بصورة علنية ومسبقة وهو ما لم يجرؤ عليه الرئيس الأميركي الذي تحتل قواته العراق في زياراته الخاطفة والسرية لها.
وعلى المحور المصري الإيراني استقبلت القاهرة بالتوازي الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، ورئيس مجلس الشورى الإيراني الحالي، وأوفدت من المسؤولين المصريين إلى طهران من يواصل المشاورات مع الإعلان عن حرص متبادل على عودة العلاقات.
وفي الأسبوع الماضي حدث تطور لافت بدا إيجابياً بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس المصري والرئيس الإيراني، الأمر الذي اهتمت به صحيفة «الجارديان «البريطانية قائلة: «إن الرئيس الإيراني قبل مؤخراً دعوة لزيارة مصر بعد خطوات عديدة خلال الفترة الأخيرة في التقارب مع العالم العربي السني، خصوصاً بعد المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين حسني مبارك واحمدي نجاد التي أذابت الجليد بين الدولتين وأدت إلى توجيه الدعوة لنجاد لزيارة القاهرة».
لكن من المهم في هذا التعليق ما ذكرته الصحيفة البريطانية من أن هذا التطور الإيجابي بين القاهرةوطهران أثار شعوراً بالاستياء ولدته هذه الخطوة لدى كل من إسرائيل وأميركا.. ولا تعليق على التعليق! . عن صحيفة البيان الاماراتية 13/4/2008